hamda
hamda
أعمدة

الفجوة بين الجنسين تزداد اتساعا ولكن؟!

06 أكتوبر 2019
06 أكتوبر 2019

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

وضعت فتاة تغريدة مؤخرا حول ترتيب السلطنة المتأخر ضمن الدول التي تعاني من اتساع الفجوة بين الجنسين، بل جاءت على رأس الدول المعروفة باضطهاد النساء، طبعا التغريدة كانت صادمة للقارئ بالشكل الذي عرضت به.

جاء هذا الموضوع في فترة تحتفي فيها السلطنة بيوم المرأة العمانية، اليوم الذي خصص لإلقاء الضوء على قضايا المرأة، تزامن أيضا مع مجموعة مواضيع أثارت لغطا كبيرا في الساحة تتعلق كلها بقضايا المرأة، على رأسها طبعا ترشيحات مجلس الشورى.

ما شدني هو سلبية التعليقات على الجدول المشار إليه، ككثير من الموضوعات التي أجد بأننا كعمانيين نميل كثيرا إلى أن نبخس نفسنا حقها، ونقلل من حجم إنجازاتنا، فيما نكون سريعين في جلد الذات، والتركيز على الإخفاقات، أمر بدأ يظهر جليا مع انتشار وسائل التواصل، من الواضح أن الجدول أخذ من تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يصدر سنويا لمراقبة التقدم الذي تحرزه الدول في سد الفجوة بين الجنسين، من خلال مراجعة التقرير، ومن وجهة نظري كامرأة بالدرجة الأولى أجد أنه لم ينصف السلطنة، فمعايير التقييم غير متكافئة، ولا يمكن قياسها على الدول بهذا الشكل، فالتقرير مبني على أربعة محاور رئيسية، أعتقد بأن السلطنة حققت في اثنين منها نتائج رائعة، متقدمة على كثير من الدول فيها، وهما محور الصحة والتعليم، الذي حتى على صعيد الأهداف التنموية للأمم المتحدة، نجد أن السلطنة قطعت أشواطا عملاقة فيه، فهذان القطاعان فيهما رؤية واضحة وثابتة، ونتائج ملموسة على أرض الواقع، ويقيس التقرير هنا نسبة الوفيات بين الجنسين، ومتوسط عمر الفرد في المجال الصحي، فيما يقيس تكافؤ الفرص في التعليم والتدريب في محور التعليم.

إلا أن سبب هذا التقييم المتدني هو محور المشاركة الاقتصادية وتكافؤ الفرص، الذي يأخذ في الاعتبار نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، ونسبة الفروقات في الدخول بين الجنسين، ونسب المشاركة في المناصب القيادية والوظائف القانونية والتشريعية من حيث اتخاذ القرار ورسم السياسات، أعتقد بأن التقييم لم ينصفنا هنا، واعتمد على الأرقام التي لا أتفق شخصيا بأنها الأصدق في توضيح الصورة، فالمشاركة في سوق العمل متدنية لأننا في مجتمع مسلم شرقي، المرأة فيه غير ملزمة على الإنفاق على الأسرة كما هو الحال في كثير من دول العالم، ففي الغرب ستموت المرأة جوعا لو لم تعمل حتى لو كانت متزوجة، أما في السلطنة فالمرأة قد لا تعمل لأسباب اقتصادية بحتة، إذ إن الرجل ملزم بالإنفاق على من يعيل من النساء لهذا فإن الدخل ليس عاملا يمكن قياس غياب المساواة فيه، ففي عمان يوجد مساواة بين الجنسين في الدخل مقابل العمل، أمر نتفوق فيه على أكثر الدول تقدما، لكن انسحاب المرأة المبكر من سوق العمل، وانقطاعها الطويل بسبب رعاية الأطفال، لا يتيح لها مجالا للترقي الوظيفي مثل الرجل.

المحور الأخير وهو التمكين السياسي والذي يقيس نسبة تمثيل النساء في المناصب السياسية، رغم ارتفاع مستوى تأهيل المرأة وحجم الاستثمار في الصحة إلا أن مساهمتها متدنية في اتخاذ القرار، بالطبع هذه قضية يعاني منها المجتمع العماني، وأعتقد بأنه إذا كان التقرير يفترض بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى قرنين لسد الفجوة، فقد نحتاج كعمانيين لأضعاف ذلك.

وقد نكون ساهمنا في هذا التقييم نتيجة لهذا (التحفظ) العماني المعروف تجاه الاعتراف بالإنجازات، ونقص البيانات، وغياب التكاملية في الأدوار بين الجهات الحكومية، تشكل الباحثات عن عمل على سبيل المثال ما نسبته (70%) من نسبة الباحثين عن عمل المسجلة في بيانات الحكومة، ولكن هل تشكل هذه الصورة الحقيقة، وماذا بشأن المشاريع المنزلية التي لا تحسب في الناتج القومي الإجمالي، أو الأعمال الحرة التي تشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد العماني، وماذا عن التجارة الإلكترونية، كل هذا يدرج ضمن الناتج القومي للدول، لكن ليس في السلطنة.