1328485
1328485
الاقتصادية

المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة في حوار خاص مع عمان : المسؤولية المجتمعية للشركات هي العمل مع الحكومة من أجل التنمية

30 سبتمبر 2019
30 سبتمبر 2019

حوار- شمسة الريامية -

قال السيد حامد بن سلطان البوسعيدي، المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة: إن المسؤولية المجتمعية للشركات هي جزء من منظومة الاستدامة التي تتضمن العمل بجانب الحكومة من أجل التنمية، والمساهمة في رفاهية المواطن، كتوفير التعليم الجيد من خلال ابتعاث مجموعة من الطلبة للدراسة في الخارج، أو بناء مستوصف صحي، أو الحفاظ على البيئة من التلوث وغيرها من الأنشطة، مشيرا إلى أن الشركات في السلطنة ما زالت لا تعي جيدا مصطلح الاستدامة بمعناه الشامل، إذ ينحصر مفهومها لها في الهبات والعطايا، ولكن الاستدامة تتطلب منهم تقديم أنشطة مختلفة تجاه المجتمع والاقتصاد والبيئة.

وأكد البوسعيدي لـ «عمان» أن المركز يقدم خدمات توعوية للشركات والمؤسسات كالاستشارات، وتقييم أداء عمل مجالس إداراتها، وإعداد البرامج التدريبية المتخصصة وذات الجودة العالية، إضافة إلى مساندتها في وضع المواثيق المتعلقة بالحوكمة والاستدامة، مشيرا إلى أن المركز سيتبنى خطة بدءا من السنة القادمة ولمدة 3 سنوات للتوعية بأهمية الاستدامة في بيئة عمل الشركات، وترسيخ مفهومها بحيث تكون جزءا من عملياتها واستراتيجياتها، ومن التنمية الشاملة للسلطنة، ونوه البوسعيدي إلى ضرورة اهتمام الشركات بالإفصاح عن أنشطتها في المسؤولية المجتمعية في تقاريرها السنوية، لما لها دور في تكوين سمعة جيدة، وكسب ثقة الحكومة، وجذب المستثمرين، وتعزيز ولاء وثقة الموظفين... وإليكم تفاصيل الحوار..

ما هي النتائج التي حققها المركز منذ إنشائه؟ وما دوره في مساندة الشركات في مجال الحوكمة والاستدامة؟

يقوم المركز بمساندة الشركات في وضع السياسات والمواثيق المتعلقة بالحوكمة والاستدامة من خلال تقديم الاستشارات، وإعداد البرامج التدريبية، وتنظيم حلقات العمل. وخلال الفترة الماضية نظم المركز العديد من البرامج التدريبية المتخصصة في مجالي الحوكمة والاستدامة، مثل البرنامج التدريبي لمجالس إدارات الشركات، والإدارات التنفيذية، ولسكرتير مجلس الإدارة في مجال الحوكمة. فضلا عن تنظيم برامج تدريبيه للتوعية بأهمية المسؤولية المجتمعية، وبمفهوم الاستدامة، وقياس الأثر العائد على المؤسسات من قيامها بالمسؤولية تجاه المجتمع، وقد لاقت كافة تلك البرامج صدى واسعا بين المؤسسات الحكومية والشركات بمختلف أشكالها القانونية، وفيما يتعلق بالاستشارات، قام المركز بمساندة مؤسسات كثيرة في القطاعين العام والخاص، إذ أعد ميثاق لمؤسسة المناطق الصناعية «مدائن»، وميثاق آخر لمؤسسات المجتمع المدني كجمعية دار العطاء، وأيضا مواثيق عديدة لشركات المساهمة العامة.

ومن اختصاصات المركز أيضا تقييم أداء عمل مجالس الإدارات، وقد نفذنا في هذا الجانب برنامج لمجموعة نماء القابضة، ولاقى التقرير رضا المجموعة، ونقوم حاليا بتقييم مجالس الإدارات للشركات التابعة للمجموعة وهي في حدود 6 شركات.

ومن أهم إنجازات المركز إصدار ميثاق للاستدامة، وهو عباره عن مرجع استرشادي لجميع المؤسسات التي تعمل في القطاعين العام والخاص في تبني مفهوم الاستدامة بمعناها الشامل، إذ تعد المسؤولية المجتمعية جزءا من الاستدامة التي تشمل ركائز التنمية الثلاث وهي المجتمع والاقتصاد والبيئة.

كما يوضح الميثاق للشركات والمؤسسات كيفية إعداد تقارير الاستدامة، ومساعدتها على التمييز بين المشاريع ذات الأهمية، والمشاريع ذات الأولوية، بحيث تستطيع الشركات الكبيرة معرفة ما هو المطلوب منها في السنوات القادمة، وتساهم بشكل فعال في تنفيذ المشاريع والبرامج التي تخدم الاقتصاد والمجتمع مثل تمكين الشباب، والاهتمام بريادة الأعمال، والنهوض بقطاعي الزراعة والثروة السمكية.

والمرحلة القادمة تتطلب تفعيل الميثاق فيما يتعلق بتقديم الاستشارات، وإعداد البرامج التدريبية وتنفيذ حلقات العمل، ولذلك تم إعداد خطة تبدأ من 2020 وحتى 2023 للتوعية بأهمية الاستدامة في بيئة عمل المؤسسات، وتوصيل فكره معينة وهي أن الاستدامة جزء من عمليات الشركات واستراتيجياتها، ومن التنمية الشاملة للبلد، وسنقوم بإشراك جميع الجهات ذات العلاقة في الخطة، إذ سنعمل على مساعدة الشركات والمؤسسات في قياس الأثر العائد نتيجة مساهمتهم تجاه الاقتصاد والبيئة والمجتمع.

ومن ضمن خططنا في المرحلة المقبلة الترويج لأهداف التنمية المستدامة التي صدرت من الأمم المتحدة، وهي تحتوي على 17 هدفا، إذ إن السلطنة ملتزمة بتحقيق هذه الأهداف بحلول 2030 ومنها القضاء على الجوع والفقر، وتحسين التعليم، ورفع كفاءه الخدمات الصحية، وإدخال التكنولوجيا، وهذا لا يتم إلا بتعاون الجهات المعنية، وسيقوم المركز بدوره في تقديم الاستشارات والنصائح.

كما يستعد المركز حاليا لإقامة مؤتمر حوكمة الشركات بعنوان نحو حوكمة فاعلة في الخامس من ديسمبر المقبل وذلك بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والهيئة العامة لسوق المال، حيث سيسلط المؤتمر الضوء على الحوكمة كأداة تنموية في رؤية 2040، والحوكمة وأثرها على الشركات الحكومية، فضلا عن التطرق إلى موضوع الإفصاح والشفافية وأهميتها بالنسبة للشركات المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية، والتعرف على التطور الحاصل في الحوكمة على المستوى الدولي، ومقارنته بالقوانين والتشريعات المعمول بها في السلطنة. وسيشارك في المؤتمر 30 خبيرا منهم 10 خبراء من خارج السلطنة، ومن المتوقع كذلك حضور أكثر من 200 مشارك في هذا المؤتمر.

كيف يتم التعامل مع بعض الشركات التي قد لا تلتزم بالحوكمة؟

المركز هو توعوي وخدمي، وليس رقابيا، ولا تشريعيا، والجهة المعنية بالرقابة هي الهيئة العامة لسوق المال، إذ تقوم بمراقبة الشركات المدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية، وشركات التأمين، وذلك تبعا لقانون سوق رأس المال، ويعد ميثاق الحوكمة الذي ساهم المركز في إصداره ملزما من قبل هيئة سوق المال وعلى الشركات والمؤسسات بالتقيد بما جاء به من ممارسات وبالتحلي بالأمانة والنزاهة الشفافية والمساءلة، وتعتبر هذه سلوكيات والتزامات أخلاقية نابعة من إدارات الشركات والمؤسسات أنفسهم، وعلى العموم فإننا نحتاج في السلطنة ثقافة الالتزام الذاتي أو منظمات ذات رقابه ذاتية أي يكون هناك محاسبة وأمانة ورقابة ذاتية دون الحاجة إلى رقيب من الخارج.

أما المركز يتلخص دوره في هذا الجانب في مساعدة الشركات بتقييم أدائها أو ما يطلق عليه تحليل الفجوات، أي إذا اكتشف المركز من خلال تحليل عمل الشركة بأنها بحاجة لسد الثغرات المتعلقة بالحوكمة، نقوم بتحليل الفجوات لمعرفة ما هو المعمول لديها، وما هو المطلوب منها من قبل الجهة الرقابية، ونساعد تلك الشركة في سد الثغرات والفجوات من خلال إعداد سياسات إضافية لهم، أو من خلال تدريب موظفيهم بحيث يقوموا بأنفسهم بإعداد تلك السياسات.

ما هي الأدوات التي يستخدمها المركز لنشر مفهوم الحوكمة؟

ما يميز المركز هو أنه يتكون من أعضاء من مؤسسات وشركات مختلفة بكافة أشكالها القانونية، ويبلغ عددهم حاليا 30 عضوا، فهؤلاء الأعضاء يعتبروا أحد أدوات التمكين لدى المركز، إذ يتم استشارتهم في الطريقة التي يرونها مناسبة لتوعيتهم والأخذ بمؤسساتهم والنهوض بها. وقد أصبح المركز منصة للشركات والأعضاء يمثلهم في توصيل أفكارهم وآرائهم للجهات المعنية الرقابية، كما يقوم المركز بتنظيم ملتقى الأعضاء بشكل دوري، وذلك لطرح أفكار معينة لمناقشتها وتبادل الخبرات والآراء حولها، أما الأدوات الأخرى التي يستخدمها المركز هو تنفيذ حلقات عمل بسيطة وقصيرة لتوعية مجالس الإدارات فيما يتعلق بالحوكمة والاستدامة.

يرى البعض أن تعيين رؤساء تنفيذيين في بعض الشركات الحكومية قد لا يتبع نظام الحوكمة كإعلان الوظائف والتنافس عليها ماتعليقك على ذلك؟

مجالس إدارات الشركات هي المختصة بتعيين رئيس تنفيذي ولا يحق أيا كان يتدخل في ذلك، كما أن المساهمين يقومون بإعطاء صلاحيات لمجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية التي يرأسها الرئيس التنفيذي أو المدير العام هو محاسب من مجلس الإدارة، كما أن مجلس الإدارة إذا فشل في أداء مهامه فإنه محاسب من قبل المساهمين وهكذا... أما فيما يتعلق بالشركات الحكومية فإن الرؤساء التنفيذيين يتم اعتماد تعيينهم من قبل وزارة المالية باعتبارها المالكة لهذه الشركات ولكن بتوصية من قبل مجالس الإدارات.

ودور المركز في هذا الجانب يتلخص في تزويد مجالس إدارات الشركات بقائمة الأشخاص التي تدربوا في المركز، أو الذين انضموا إلى برامج الحوكمة، وأيضا تقديم معلومات عنهم في كل ما يتعلق بهم من خبرات ومؤهلات وغيرها.

إلى أي مدى ترون أن الشركات تلتزم بأنظمة الرقابة والشفافية في تطبيق الحوكمة؟ وهل يتم الإفصاح عن الممارسات الخاطئة؟

الهيئة العامة لسوق المال هي المسؤولة عن الإفصاح عن الممارسات الخاطئة، وحسب نظام الحوكمة في الشركات والمؤسسات يوجد 3 مراقبين في الداخل والخارج، فالمراقبون الداخليون في أي مؤسسة أو شركة هم المدقق الداخلي، والمساهمون، ومجلس الإدارة، ويجب أن يكون نظاما وقانونا رقابيا واضحا وشفافا أو سياسة مكتوبة.

أما المراقبون الخارجيون فهم المدقق الخارجي، والجهات الرقابية سواء البنك المركزي أو الهيئة العامة لسوق المال، وجهاز الرقابة المالية لدولة.

هل هناك خلط بين المسؤولية المجتمعية للشركات وبين العروض الترويجية بالشركات التي تدرجها تحت مظلة المسؤولية المجتمعية؟

تطبيق المسؤولية المجتمعية في بعض المؤسسات بالسلطنة خاطئ، إذ إن مفهومهم لها ينحصر في الهبات والعطايا وغيرها، ولكن مسؤولية الشركات تجاه المجتمع تختلف عن ذلك، والمفهوم الصحيح لهذا المصطلح هو أن تعمل المؤسسات والشركات بجانب الحكومة في التنمية، ورفع رفاهية المواطن، مثل توفير التعليم الجيد، المساهمة في رفع وجودة الصحة، المساواة والعدالة في الحقوق، الحفاظ على البيئة من التلوث، تبني المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوفير التمويل أو التدريب أو الترويج لمنتجاتهم.

ولابد أن تعي الشركات المعنى الحقيقي للمسؤولية المجتمعية، وتسعى إلى تنفيذه على أرض الواقع، وهناك شركات تعمل بشكل جيد وصحيح أي أنها تساهم في تنفيذ خطط الحكومة التنموية

كما لابد أن تعي الشركات والمؤسسات جيدا مفهوم الاستدامة وتكون جزء من أعمالها المختلفة، وتضع موازنة سنوية للقيام بأنشطة تجاه المجتمع والاقتصاد والبيئة، وتقوم بتأسيس وحدة للاستدامة، وتعين موظفين مدربين في هذه الوحدة.

ومن الضروري كذلك أن تهتم الشركات بالإفصاح عن أنشطتها في جانب المسؤولية المجتمعية في تقاريرها المختلفة، لما لها دور في تكوين سمعة جيدة، وكسب ثقة الحكومة في الشركة نفسها، وجذب المستثمرين، وتعزيز ولاء وثقة الموظفين والوصول إلى العالمية.

إلى أي مدى يتجسد فكر المسؤولية المجتمعية في السلطنة كما هو معروف عالميا؟

المسؤولية المجتمعية المعروفة عالميا غير مجسدة بشكلها الصحيح في السلطنة، فالقليل من المؤسسات والشركات تعي مفهومها الشائع عالميا. ولذلك المرحلة الحالية تتطلب توحيد جهود الشركات والمؤسسات تحت مظله واحدة أي تحت مسمى «مركز» أو غيره، بهدف توحيد جهودهم في تقديم مسؤوليتهم تجاه المجتمع بشكل منظم ووفق خطة مدروسة،وتتماشى مع أهداف الحكومة التنموية.

كما لابد أن تعي الشركات والمؤسسات جيدا مفهوم الاستدامة وتكون جزء من أعمالها المختلفة، وتضع موازنة سنوية للقيام بأنشطة تجاه المجتمع والاقتصاد والبيئة، وتقوم بتأسيس وحدة للاستدامة، وتعين موظفين مدربين في هذه الوحدة.

ومن الضروري كذلك أن تهتم الشركات بالإفصاح عن أنشطتها في جانب المسؤولية المجتمعية في تقاريرها المختلفة، لما لها دور في تكوين سمعة جيدة، وكسب ثقة الحكومة في الشركة نفسها، وجذب المستثمرين، وتعزيز ولاء وثقة الموظفين والوصول إلى العالمية.