عمان اليوم

نحو «التوازن البيئي».. جهود حثيثة لبلدية مسقط للحد من انتشار الآفات

27 سبتمبر 2019
27 سبتمبر 2019

نحو بيئة سليمة وخالية من الآفات -

على الرغم من الجهود الموسعة التي تقوم بها أقسام مكافحة الآفات ببلدية مسقط إلا أنه لا تزال بعض السلوكيات الفردية محفزة لاستمرار تأثير هذه الآفات على الإنسان والنبات والحيوان، حيث يرتبط انتشار الحشرات والقوارض بعوامل تؤدي إلى الإخلال في التوازن البيئي، ناهيك عن حدوث نتائج مضرة بسلامة الأغذية، مما قد يحتمل تسببه في حالات من التسمم الغذائي؛ نتيجة انتشار الآفات بأعداد كبيرة ومهاجمة عناصر البيئة المحيطة.

وانطلاقا من أهمية الحفاظ على الصحة البيئية فقد أولت بلدية مسقط لقطاع مكافحة الآفات والحشرات والقوارض أهمية كبرى؛ وذلك بهدف الحد من تكاثرها وإيجاد حلول مبتكرة لمنع انتشارها، وتطوير طرق المكافحة الآمنة على نحو يتلاءم مع التطور في هذا الجانب.

أساليب مُــثلى للمكافحة:

تقوم المديرية العامة للشؤون الصحية وأقسام مكافحة الآفات بالمديريات التابعة لبلدية مسقط بدور كبير للحد من انتشار الآفات؛ وذلك من خلال برامج المكافحة الدورية التي تهدف إلى القضاء على بؤر التوالد، والدراسة الاستقصائية الهادفة للتعرف على نوع الآفة وخصائصها، أماكن توالدها، سلوكها وأهم الأضرار الناتجة عنها.

وتحدث إسماعيل بن مسعود الراشدي رئيس قسم مكافحة الآفات بالمديرية العامة لبلدية مسقط بالسيب قائلا: «يقوم قسم مكافحة الآفات بكافة الإجراءات المتبعة لتنفيذ برامج المكافحة المتكاملة للآفات مع مراعاة عوامل السلامة المهنية للعمال وأيضا التأثير الأدنى على البيئة المحيطة بحيث تُدمج فيها طرق متنوعة للمُكافحة (توعوية- إصحاح بيئي- طبيعية- بيولوجية- ميكانيكية- كيميائية) غني عن الذكر بأن الدور الرئيسي لقسم مكافحة الآفات هو منع انتشار الأمراض من خلال مكافحة الآفات الناقلة للأمراض ولا يعني ذلك استئصال الآفة وإنما لتقليل أعدادها لمستويات لا تؤثر على التوازن البيئي.

كما أردف قائلا: إن البرامج التوعوية ذات أهمية كبيرة في السيطرة على انتشار الآفات وتأتي في مقدمة برامج المكافحة الأخرى ذات الضرر البيئي أو الكلفة المالية العالية، ومن هذا المنطلق قام قسم مكافحة الآفات بالمشاركة في إلقاء المحاضرات التوعوية في مدارس ولاية السيب وأيضا المشاركة في حملات توعية للأهالي بالتنسيق مع أعضاء المجلس البلدي وأعضاء الشؤون البلدية بمكتب والي السيب، بالإضافة إلى توعية الزائرين والبائعين في الأسواق والحدائق العامة، وتوعية العمال في المنازل قيد الإنشاء عن أبرز الآفات الموجودة في بيئات عملهم وطرق السيطرة عليها كما يتم التعاون مع جهات أخرى على مستوى السلطنة حول برامج مكافحة الآفات والبرامج التوعوية المصاحبة وخير مثال ما تم أثناء حملة مسقط في استئصال الزاعجة المصرية وما تم من تكامل نموذجي مع بلدية مسقط ووزارتي الصحة والبلديات الإقليمية ومكاتب سعادة الولاة وغيرها من الجهات التطوعية.

أما بالنسبة للمكافحة الفعلية فإن برامج عمل المكافحة تكون أسبوعية/‏ ‏شهرية وذلك لقطع دورة حياة الحشرات التي تكون أغلبها أسبوع واحد، حيث إن الطرق الطبيعية تكون لها الأولوية بالإضافة إلى المكافحة الفنية أو الميكانيكية بردم وشفط المستنقعات وإزالة رواسب القاذورات من المجمعات بالتعاون مع قسم النظافة العامة، كما يلجأ القسم أيضا للطرق البيولوجية وذلك بزراعة أسماك الصد بالتنسيق مع قسم استئصال الملاريا بوزارة الصحة وتم أيضا استحداث بعض الطرق الصديقة للبيئة كاستخدام الجير والمصائد الفرمونية والحبال اللاصقة في الأسواق.

ومن خلال العديد من المؤشرات التي يقوم بها القسم كارتفاع عدد البلاغات والاستبيانات الدورية، يتم تنظيم الحملات الميدانية المكثفة للمناطق الأكثر تضررا من الآفات، ناهيك عن عمل المسوحات الميدانية العلمية للكشف عن بؤر توالد الآفات وتحديد مناطق الإصابة ومن ثم اتخاذ الإجراءات والبرامج المناسبة لمكافحتها. ومن جانب آخر يتم الشروع في برامج المكافحة وفق عوامل أساسية عدة منها: نوع الآفة ودورة حياتها ومواسم تكاثرها وبيئات معيشتها، عليه فإن برامج المكافحة تختلف باختلاف مواسم السنة، فعلى سبيل المثال يتم في فصل الشتاء التركيز على آفتي البعوض والذباب نظرا لتوافر الظروف الملائمة لتكاثرها، بينما يتم في فصل الصيف التركيز على آفتي الصراصير والقوارض.

وأضاف الراشدي: أما بالنسبة لمكافحة البعوض فيتم حصر البرك والمستنقعات وقياس نسبة كثافتها ومن ثم التعامل معها بالطرق الطبيعية كعمل قنوات لتصريفها واستخدام زيت السيليكون لمنع اليرقات من التنفس ومن ثم استخدام المبيدات ذات المواصفات والتراكيز التي تتفق مع منظمة الصحة العالمية وغيرها كمن التصاريح التي تخص المركبات الكيميائية ويتلخص ذلك بالرش اليرقي أو الرش الفراغي البارد والحار كخيار أخير للمكافحة. بينما يتم حصر المرادم ومجمعات القمامة وحظائر الحيوانات عند مكافحة الذباب وذلك للتعرف على نسبة الإصابة ومن ثم تبدأ المكافحة الطبيعية عن طريق استخدام الجير تحت مجمعات القمامة واستخدام الحبال اللاصقة في الأسواق واستخدام المصائد الفرمونية في الحظائر، وحول مكافحة القوارض تتوزع فرق مكافحة القوارض في المناطق التابعة للمديرية ويتم التركيز على الإصحاح البيئي بإزالة أسباب تكاثر القوارض ومن ثم حصر بؤر التوالد من خلال الزيارات التفتيشية الميدانية لتحديد الطرق المثلى للمكافحة. ومن خلال هذه البرامج المذكورة أعلاه نسعى إلى تحقيق عدد من الأهداف منها: الحد من التلوث البيئي الناتج من زيادة استخدام المبيدات الكيميائية، وتقليل نسبة البلاغات الواردة من المواطنين وذلك باحتواء الملاحظات المسببة لتوالد الحشرات والقوارض وذلك بنشر الوعي الصحي، إضافة إلى منع ظهور سلالات من الآفات مقاومة للمبيدات الكيميائية، فضلا عن تطوير برامج المكافحة بحيث تتناسب مع طبيعة ومتغيرات العمل وتأهيل العمال لمستوى يعطي أفضل النتائج و أكبر قدر من السلامة.

مكافحة آمنة: وقال أحمد بن خليفة الشرياني، مفتش مكافحة آفات بالمديرية العامة لبلدية مسقط بالعامرات: «تحرص بلدية مسقط على تخفيف حدة التلوث البيئي الناجم عن استخدام المبيدات والمعدات الرديفة من خلال اتباع عدة طرق ومنها: التقليل من استخدام المكافحة الكيميائية، والتركيز على استخدام المكافحة الميكانيكية والطبيعية والحيوية، إضافة إلى استخدام مبيدات كيميائية طبيعية وقابلة للتحلل، وذلك لتجنب إبقاء أي أثر قد يضر البيئة، مع مراعاة استبدال أو حظر بعض المبيدات شديدة السمية، إلى جانب التخلص من أوعية المبيدات الفارغة بطريقة صحيحة وسليمة، أو الاحتفاظ بها في مكان سليم، وفي نفس الوقت اتباع تعليمات الوقاية المدونة في العبوة، فضلا عن التركيز على مكافحة جذور الآفة في أماكن توالدها كالمستنقعات المائية، ومجمعات النفايات وغيرها.

الجدير بالذكر بأن المديرية العامة لبلدية مسقط ببوشر نفذت قبل وقت سابق حملة لمكافحة الآفات امتدت فترة تقدر بشهر واحد، واستهدفت من خلالها زيارة عدد (2572) منزلا بمنطقي العذيبة والغبرة الشمالية، لتوعيتهم بالطرق المثلى لتجنب مسببات هذه الآفات، وقد أمكن من عقبها ملاحظة انخفاض نسبة البلاغات حيث قدرت نسبة الانخفاض بـ 48.8%.

سلوكيات خاطئة

وتحدثت نجود بنت راشد العمرانية، مفتش صحة بيئة بالمديرية العامة للشؤون الصحية حول تأثير بعض السلوكيات الفردية في انتشار الآفات؛ حيث عبرت بالقول: «اتضح وجود عدد من السلوكيات الخاطئة التي تُــسهم بشكل أو بآخر على انتشار الحشرات والقوارض، مع إسهام عوامل أخرى في التأثير وانتشار الضرر، ومن بين تلك العوامل والمسببات يُـــذكر خطر المنازل المهجورة، والتي تعتبر مرتع ملائم لتوالد القوارض والزواحف والحيوانات السائبة، إلى جانب رمي مخلفات المطاعم والمقاهي والمنازل في حاويات القمامة بدون وضعها في أكياس بلاستيكية محكمة الغلق، الأمر الذي يؤدي إلى تشويه المنظر العام، كما تعتبر الحظائر داخل المنازل السكنية من أسباب التعدي البيئي وانتشار الآفات، إلى جانب أساليب معيشة العمالة بالنسبة للمناطق التي تكثر بها هذه الفئات، فضلا عن وجود الآبار داخل البيوت وتركها مكشوفة أو إساءة استعمالها، ورمي المخلفات الزراعية والأحراش في الأماكن غير المخصصة لها، وسقي المزروعات بمياه الصرف الصحي وطفح مياه المجاري، حيث تؤدي هذه السلوكيات إلى انتشار الآفات وبالتالي حدوث خلل بيئي يهدد صحة الإنسان.

وأضافت نجود «يعتبر إهمال خزانات الصرف الصحي في المباني قيد الإنشاء سبب إضافي لتكاثر الحشرات، وبالتالي فإن كافة هذه السلوكيات والعوامل تعتبر بيئة محفزة من شأنها أن تعمل على إلحاق الضرر البيئي عند القيام بمعالجتها، وذلك من خلال ما يتم استخدامه من كميات كبيرة من المبيدات- وإن كانت آمنة- في شيء قد يكون الأولى فيه التحلي بالتوعية اللازمة لضمان عدم تفشي الآفات البيئية، ناهيك أن تلك السلوكيات والعوامل قد توجه جهود المختصين في هدر قدر كبير من الوقت لمتابعة عمليات الإصحاح البيئي، عوضًا عن التفكير في قضايا بيئية أكثر أهمية».

الوعي سيد الموقف:

وحيث إن بلدية مسقط حريصة كل الحرص على الاهتمام بنظافة المدينة والتخلص من المخلفات بأنواعها، مع حرصها المصاحب كذلك لوضع الحلول اللازمة للتقليل من التلوث البيئي الناجم عن المخلفات، فإنها تدعو في الوقت ذاته كافة أفراد المجتمع على اتقاء شر المخلفات؛ كونها المسبب الأكثر انتشارًا ونشرًا للحشرات والقوارض، فقد أفاد الدكتور شوقي بن عبد الرحمن الزدجالي، مساعد مدير عام المديرية العامة للشؤون الصحية: «تعمل بلدية مسقط باستمرار على توعية أفراد المجتمع بخطورة كافة أنواع المخلفات، مع تثقيفهم بالكيفية المناسبة للتخلص منها، وتكثيف الرقابة على جميع المنشآت والمواقع؛ ضمانا لعدم التسبب في ممارسات خاطئة أو ظواهر عشوائية تتنافى مع الصورة الحضارية والجمالية لمحافظة مسقط. وأردف بالقول «تعد المخلفات المصدر الرئيسي لتكاثر البكتيريا والجراثيم والآفات والقوارض، حيث تشكل خطرًا على الصحة العامة للأفراد والبيئة المحيطة، الأمر الذي يؤدي إلى احتمالية تفشي الأمراض والأوبئة، وتتنوع هذه المخلفات لتشمل المخلفات المنزلية، والمخلفات الزراعية، ومخلفات البناء، ومخلفات الشواطئ ومخلفات المتنزهات وغيرها من المخلفات التي تتراكم في الأحياء السكنية وبطون الأودية وتلحق الضرر بالبيئة والسلامة العامة».

القرار الإداري (55/‏‏2017):

حدد القرار الإداري رقم (55/‏‏2017) الجزاءات الإدارية بشأن المخالفات البيئية؛ إذ نصت بعض مواد القرار بمخالفة كل من يقوم بالتخلص من النفايات في غير الأماكن المخصصة لها بغرامة مقدارها (100) مائة ريال عُماني، و(1000) ألف ريال عماني حين لمن يرمي النفايات في الأراضي الفضاء (سواء أكانت مسورة أم غير مسورة) أو الساحات المفتوحة أو الأودية بغرامة مقدارها (1000) ألف ريال عماني، ويُــغرم من يرمي الأنقاض والأشجار وبقايا الأثاث والأجهزة الكبيرة وما شابهها بجوار حاويات بــ (50) خمسين ريالًا عمانيًا، وبغرامة مقدارها (100) مائة ريال عماني لمن يقوم بإلقاء جثث أو روث الحيوانات أو الأسمدة في الأماكن العامة أو حاويات جمع النفايات أو بجوارها، كما أن العبث بمحتويات حاويات جمع النفايات مخالفة وتبلغ غرامتها (20) عشرين ريالًا عمانيًا، وفي حالة تكرار هذه المخالفات جميعها تضاعف الغرامة، ويمنح المخالف مهلة لمدة يوم واحد لنقل النفايات إلى الأماكن المخصصة لها.

من جانب آخر يُطبق القرار على عدم إزالة مخلفات البناء أو الترميم أو إلقاؤها في أراضي الغير أو الأماكن العامة أو نقل الأتربة من غير الأماكن المخصصة لذلك بغرامة مقدارها (100) مائة ريال عماني، وفي حال التكرار تفرض غرامة مقدارها (300) ثلاثمائة ريال عماني ويمنح مهلة لمدة يوم واحد لإنهاء المخالفة.

الجدير بالذكر أن بلدية مسقط حريصة كل الحرص على معالجة جميع الملاحظات والوقوف على التجاوزات؛ حيث تتعاون البلدية مع جهات ومؤسسات ذات علاقة؛ لتنفيذ برامج مكافحة الآفات والبرامج التوعوية، فإلى جانب التنسيق الداخلي المشترك بين المديرية العامة للشؤون الصحية وأقسام مكافحة الآفات في المديريات الخدمية، فإن التعاون قائم مع المجلس البلدي لتفعيل أدوار المجلس والأخذ بتوصياته، والتخطيط لبرامج تقوم على توعية أفراد المجتمع وإشراكه في إزالة مسببات وبؤر توالد الآفات، يذكر أن البلدية ترجمت معنى الشراكة الحقيقية في أعمال حملة مسقط لاستئصال الزاعجة المصرية وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة، إضافة إلى تعاونها مع مركز استئصال الملاريا وزارة الصحة لمكافحة بعوضة الأنوفيليس الناقلة لمرض الملاريا، إلى جانب الجهود المشتركة مع وزارة الزراعة لمكافحة حشرة القراد الناقلة لفيروس حمى القرم النزفية، وهناك جهود أخرى تجمع البلدية وجامعة السلطان قابوس (كلية التمريض) لمناقشة أهمية التوعية والتثقيف الصحي كخط دفاع أول للسيطرة على الآفات والأمراض المنقولة بواسطتها. وذلك وصولًا إلى ضمان كافي بسقف التوعية والتعاون المطلوب، والذي يخدم ضمانات تحقيق التوازن البيئي، الذي من شأنه الحفاظ على العناصر الطبيعية، وعلى صحة وسلامة أفراد المجتمع في ظل التقيد باللوائح والقرارات الإدارية الموازية لها.