khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع : الإحساس بالنعم

25 سبتمبر 2019
25 سبتمبر 2019

خصيب عبدالله القريني -

إن من أبرز الأمور التي نغفل عنها دائما هي مسألة التفكر والتدبر والإحساس بالنعم التي أنعم الله بها علينا، والوصول لهذه المرحلة ليس بالأمر السهل والهين، فهو يحتاج إلى تأمل وتدبر واطلاع على أحوال البشر سواء كان الأمر في المحيط القريب أو ذلك المجال البعيد خارج نطاق الدولة، ولا يتأتى ذلك بمجرد الاطلاع المعرفي عبر الكتب أو وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من طرق الحصول على المعلومات، فهي تظل تراوح مكانها كجانب معرفي غير مدعم بالجانب الوجداني أو العملي، فهي تحتاج الى أسلوب آخر أكثر قدرة على الوصول بنا إلى هذا الشعور.

وربما يكمن السر هنا في كثير من الأحيان في القيام بالسفر وممارسة الاطلاع على أحوال الآخرين والمقارنة بين ما يمتلكونه من نعم وما نمتلكه نحن، وفي هذا مجال رائع وجميل للوصول لهذه القناعات بأيسر الطرق والأساليب، فمعايشة الوضع والواقع كما هو أحد أنجع الطرق للوصول لهذا الشعور والاقتناع به والعمل وفق منهجه، فعندما تشاهد بأم عينك الحال الاقتصادي الذي يعيشه هؤلاء الناس - واحيانا في دولة متقدمة اقتصادية- هنا تقف وقفة تأمل لما تمتلكه من نعم انت لا تشعر بقيمتها لأنك تعودت عليها وتعتقد ان الجميع يمتلكها على الأقل من هم حولك.

إن قدرتنا على امتلاك هذا الشعور يمثل مرحلة فارقة وأساسية في التكوين النفسي لأي إنسان، ذلك أنني لا أتحدث عن مجرد الشعور والإحساس فقط بقدر ما أتحدث عن ما يتركه هذا الشعور من جوانب إيجابية في حياة وشخصية الإنسان، لعل أولها النظر الى الحياة بنظرة تفاؤل، نظرة رضا، بعيدا عن التذمر وإدامة الشكوى من سوء الأوضاع التي يعيشها، ومتى ما وصل لهذه النتائج فانه سيكون قادرا على التوافق النفسي الداخلي مع نفسه ومع محيطه الخارجي.

وفي المقابل تشكل عدم قدرتنا على الوصول لهذا الشعور وما يتبعه من نتائج عائقا كبيرا يتمثل في حرماننا من الاستمتاع بالحياة، وهي نظرة تتساوى مع من لا يمتلكون النعم التي نمتلكها بل قد تتجاوزها، فلربما من لا يمتلكون الكثير من هذه النعم عرفوا كيف يستمتعون بالحياة ويحمدون الله على كل ما قدمه لهم، وبالتالي تكون الخسارة مضاعفة.

وحتى لا نصل لهذه المرحلة فنحن مطالبون بشكر الله على نعمه التي انعمها علينا لأننا في النهاية نكسب الأمر من زوايا متعددة، ليس أقلها إحساسنا بالراحة النفسية والتوافق الذاتي، وليس المقصود بالشكر هنا الشكر اللفظي، بل ما يعتمل في النفس من رضا وقناعة.