أفكار وآراء

خطة ألمانية لحماية المناخ بتكلفة 100 مليار يورو

21 سبتمبر 2019
21 سبتمبر 2019

برلين ـ أ ف ب -

أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خطة واسعة لحماية المناخ كلفتها 100 مليار يورو على الأقل بحلول عام 2030، فيما تظاهر مئات الآلاف لمطالبة قادة العالم باتّخاذ إجراءات ضد الاحتباس الحراري. واتفقت أحزاب الائتلاف الحكومي، بعد مباحثات ماراثونية، على استراتيجية حول المناخ تستهدف الحد من انبعاثات في قطاعي الطاقة والصناعة وتعزيز السيارات الكهربائية وتشجيع الناس على ارتياد القطارات عوضا عن الطائرات. وقال مصدر مقرب من الحكومة: «حصل اتفاق مع الكثير من الإجراءات وآلية تحقق سنوية» تهدف إلى ضمان أن أهداف خفض انبعاثات الغاز ذات مفعول الدفيئة ستتحقق.

وتضم الخطة مجموعة من التدابير، من معالجة الانبعاثات في قطاعي الطاقة والصناعة إلى حوافز للسيارات الكهربائية ذات الانبعاثات المعدومة أو وسائل النقل العام. وبموجب الاستراتيجية، سيتم رفع أسعار تذاكر الطيران فيما سيتم خفض أسعار تذاكر القطارات. وسيتم ضخ نحو 86 مليار يورو (94 مليار دولار) في البنى الأساسية للسكك الحديد وسيتم توفير دعم مالي لاختبار وسائل مبدعة لحث الناس على استخدام وسائل النقل العام مثل تذكرة سنوية كلفتها 365 يورو.

وجاء في الخطة الكبيرة التي اطلعت وكالة فرانس برس عليها «بحلول 2030، سيتم توفير ما مجموعه ... مبلغ من ثلاثة أرقام لحماية المناخ وتحول الطاقة».

وقالت الحكومة إنّ هذا الاستثمار لن يؤثر على خططها للحفاظ على توازن الموازنة، لكن سيساعد على «دعم الاقتصاد».

- «اتحدوا خلف العلم» - وفيما بدا السياسيون بأعين حمراء جراء ليلة المفاوضات الطويلة، رفع المتظاهرون في الشوارع في جميع أنحاء ألمانيا لافتات وملصقات ملونة أثناء توجههم للانضمام إلى أكبر حملة دولية من أجل المناخ حتى الآن أطلقتها الناشطة البيئية السويدية المراهقة جريتا تونبرج.

وأغلق المتظاهرون جسرا رئيسيا في وسط برلين كما وضعوا شرائط حمراء وبيضاء في العديد من شوارع العاصمة ما أعاق حركة المرور في ساعات الذروة الصباحية. وفي العاصمة المالية فرانكفورت، نظمت عدة اعتصامات. وإجمالا نظمت احتجاجات في 575 موقعا في أرجاء ألمانيا.

وقالت ميركل في مؤتمر صحفي «لو أن هناك شيئا أثار إعجابي، فيجب أن أقول كعالمة إنه عندما قالت جريتا تونبرج (اتحدوا وراء العلم).

وأبدت مجموعات مدافعة عن البيئة اعتراضها على الخطة. وقالت الناشطة البارزة في حركة إضراب المدارس لويزا نيوباور «ما حصلنا عليه اليوم ليس اختراقا بل فضيحة». وانتقدت القائدة المشاركة لحزب الخضر انالينا بيربوك الخطة التي وصفتها بأنها «بطيئة ومهلهلة وغير ملزمة».

لكن زعيمة الحزب الديمقراطي الاشتراكي مالو دراير دافعت عما اسمته حزمة شاملة تعزز من الاستثمارات في البنى الأساسية الخضراء فيما تساعد الناس الأقل دخلا على التكيف مع التحول.

وقالت «من المهم لنا تلبية أهداف المناخ، لكنّ من المهم أيضا أنّ نعمل سويا كمجتمع».

وبعد صيفين حارين وانضمام آلاف الشباب إلى إضرابات المدارس أسبوعا بعد أسبوع، بات ملف المناخ في مقدمة أجندة السياسيين في أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للائتلاف الحكومي بقيادة ميركل، فإنّ المخاطر تتزايد.

ومع توقع دخول الاقتصاد بالفعل في انكماش في الربع الثالث من العام المالي الحالي يبدو تحقيق توافق بين مصالح الصناعات التصديرية التي ترتدي أهمية كبرى، وعدم تجاهل الناخبين الشباب بمطالبهم الخضراء، يوما بعد يوم عملا يحتاج إلى توازن دقيق.

  • «أزمة مدمرة للحياة» -

    وتأمل ألمانيا تصحيح المسار الحكومي بشأن المناخ لأن الحكومة متأكدة من أنها لن تكون قادرة على تحقيق الأهداف التي كانت حددتها والمتعلقة بتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول 2020.

    وهي تأمل في التوصل في 2030 إلى تخفيض الانبعاثات بنسبة 55% عما كانت عليه عام 1990.

    وتنتج الصناعات الألمانية نحو اثنين بالمائة من الانبعاثات في العالم المسؤولة عن زيادة حرارة الأرض وذوبان جبال الجليد وارتفاع منسوب البحار ومضاعفة عنف الظواهر المناخية.

    وينصّ مشروع الاتفاق المؤلف من 130 صفحة على استثمارات تبلغ كلفتها ما لا يقلّ عن مئة مليار يورو حتى العام 2030. ولم يتم بعد الكشف عن تفاصيل هذه الإجراءات. لكنّ نقطة الخلاف الرئيسية كانت في كيفية وضع تسعير أفضل لانبعاثات الكربون الضارة من النفط والغاز والفحم في النشاط الاقتصادي من أجل تحفيز البدائل النظيفة.

    وفيما يريد حزب ميركل توسيع تجارة شهادات الانبعاث، يدعو الحزب الديمقراطي الاشتراكي إلى فرض ضريبة على الكربون.

    وتعرف ميركل، وهي عالمة أساساً، بلقب «مستشارة المناخ» لأنها دفعت إلى الأمام عملية تحول كبيرة في الطاقة الخضراء أدت إلى زيادة كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. ومع ذلك، تآكلت الكثير من هذه المكاسب بسبب الاعتماد المتزايد على الفحم المسبب للتلوث، من اجل التعويض جزئيا عن التخلص التدريجي بحلول 2022 من الطاقة النووية التي قررتها ميركل بعد كارثة فوكوشيما في اليابان في العام 2011.