Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ : نظرية لـ «أوزان الحروف»

03 سبتمبر 2019
03 سبتمبر 2019

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

استوقفتني نظرية؛ أجهل من كتب عنها؛ ولكنني وجدتها ضمن ما أحتفظ به من معلومات إلى حين الرجوع إليها للاستدلال بها، وبما يتناسب مع موضوع المناقشة، وهذه النظرية تعتمد كثيرا على أوزان الحروف باللغة الإنجليزية، حيث وضع لكل حرف في اللغة الإنجليزية قيمة وزن بقيمة عددية، حيث تأخذ الحروف الإنجليزية من (A إلى Z) أرقام متسلسلة من (1 إلى 26) وهي عدد الحروف في اللغة الإنجليزية، حيث تم تطبيق النظرية على عدد من الكلمات؛ هي: العمل الجاد، المعرفة، الحب، الحظ، النقود، القيادة، ولكنها عند جمع حروف كل منها لم تصل إلى نسبة (100%)، فقط الذي وصل إلى هذه النسبة هي كلمة «سلوك» وخلص واضع النظرية إلى الحقائق التالية: «لا شيء مما سبق سوف يعطيك نتيجة 100% التي تريد» و«لكل مشكلة حل»؛ «ربما إذا غيرنا سلوكنا وأسلوبنا في التعامل فقط» و«إذا غيرنا سلوكنا تجاه الحياة، سوف نحدث تغيرا حقيقيا في حياتنا» وعلق من كتب عن هذه النظرية بالقول: «نظرية حققها الإسلام قبل قرن ونصف (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم).

فإذن حياتنا كلها مرتبطة بسلوكياتنا التي نوظفها على أرض الواقع، وكل التنظيرات التي نسمعها، أو ننادي بها في فعل «يجب» ليس لها أثرا على الواقع، فالاجتهاد تثمر نتائجه على الواقع من خلال مجموعة السلوكيات التي نقوم بها، كل فيما يخص موضوعه، فالطالب مجموعة سلوكيات، وللموظف مجموعة سلوكيات، ولقادة الرأي مجموعة سلوكيات، وللمنتمين إلى مؤسسات المجتمع المدني مجموعة سلوكيات، وللكتاب والباحثين، مجموعة سلوكيات، وللمنظرين في الشأن الاجتماعي مجموعة سلوكيات، وقس على ذلك أمثلة كثيرة، فهذه السلوكيات هي التي تثمر على واقع الناس نتائج، وعلى صاحب كل سلوك أن يختار مجموعة السلوكيات التي يريد لها أن تثمر خيرا وفيرا، تستظل به الإنسانية، أو تثمر شرا مستطيرا، ترزح تحت وطأته الإنسانية أيضا.

عندما قيّمت السلوكيات البشرية، فإنها أعطيت (90%) من مساحة التخيير، و(10%) فقط من مساحة المجبر على سلوكيات بعينها، وبالتالي، فإن في ذلك مؤشرا حقيقيا على مستوى «الحمولة السلوكية» التي يجب على الإنسان أن يقوم بها، ويوفي بها، حتى تسير سنن الحياة سيرا طبيعيا، ويأخذ كل ذي حق حقه، دون الانتقاص من حق الآخرين، ومتى استشعر كل فرد منا هذه المسؤولية، وهذه الأمانة؛ يقينا؛ سيتغير الكثير من أوجه الحياة، وستلبس الحياة ثوبا جميلا من التصالح والسلام، والوئام.

هل ستكون هناك معجزة في المسألة السلوكية، عندما ننقلها من حالة السكون إلى حالة الحركة؟ يقينا؛ لا؛ فالمسألة خاضعة أكثر لمستوى القناعات التي نؤمن بها تجاه علاقاتنا مع أنفسنا، ومع الآخرين من حولنا، ومع كل ما يحيط بنا، فقط ما نحتاجه هو المبادرة في القول والعمل، «ليس الفتى من يقول: كان أبي: بل الفتى من يقول ها أنا ذا “وكذلك قيل: «من أبطأ به عمله؛ لم يسرع به نسبه» وبالتالي فالمسألة لها شقان في النتيجة، الأول: هو نقلها من حالة السكون إلى حالة العمل، والثاني نقلها من حالة الاتكاء عما كان عليه الوضع، إلى حالة المبادرة الذاتية المعبرة عن حاضره، وعن قناعة من يقوم بها، وهذه كلها ليست معجزات، فقط تحتاج إلى شجاعة المبادرة.

يعوّل كثيرا على الخبرة التراكمية في الحياة، وقدرتها في نقل سلوكيات الإنسان من حالة العسر إلى حالة اليسر، ونظر إلى هذه الخبرة المكتسبة بكثير من الأمل؛ على الأقل؛ في تحييد السلوك السيئ عن استمراره وتأثيره على الواقع، وبالتالي، وانطلاقا من هذه الرؤية التفاؤلية، إذا لم تستطع هذه الخبرة بتراكماتها المعرفية والفنية، والسلوكية، أن تحدث ولو نافذة بمقدار «ثقب إبرة» فإننا علينا أن نترحم على أنفسنا.