1305173
1305173
المنوعات

عمارة مكونة من 24 طابقا في فيينا مشيدة بالخشب

01 سبتمبر 2019
01 سبتمبر 2019

تحتوي على 800 عمود خشبي من شجر التنوب -

فيينا - «د.ب.أ»: لا يظهر العنصر المميز لهذا المبنى من الخارج، حيث إن واجهة العمارة الموجودة في فيينا تبدو تقليدية بألواحها الحديدية، «التي اضطررنا لاستخدامها للحماية من الحرائق»، حسب مطورة المشروع، كارولينه بالفي. أما الشيء الملفت في المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 84 مترا، والذي سينتقل إليه أول ساكن تجاري في الخريف القادم، فهو أنه أقيم بدءا من الطابق الأول فصاعدا بنسبة 75% من أجزاء خشبية.

يساعد نحو 800 عمود خشبي من أشجار التنوب، أو الراتنج، النمساوية، في حمل هذه الطوابق، في حين أن عناصر الجدران صنعت من مواد خام تعاود النمو، وكذلك السقف الخشبي.

تقول المهندسة بالفي إن هذا المبنى فريد من نوعه على مستوى العالم من حيث أن مساحته الإجمالية تبلغ نحو 20 ألف متر مربع وأنه مشيد من الخشب والفولاذ.

تؤكد المهندسة بالفي «40 عاما» أن هذا المبنى يعد بمثابة «بيان لاستخدام الخشب في بناء العمارات أيضا».

كما تشدد المهندسة أن الخوف من أن يتعرض مبنى مكون من الخشب بشكل أساسي، للاحتراق، هو خوف غير مبرر، «حيث إنه لا يجب أن تكون المادة القابلة للاحتراق ذات خصائص سيئة في حالة الحريق».

تؤكد المهندسة أن الأعمدة الخشبية التي يبلغ سمكها 40 في 40، بل و 40 في 124 سنتمترا متينة للغاية. كما أوضحت بالفي أنه تم اختبار العنصر الذي تصنع منه الجدران والأسقف من خلال وضعه لمدة 90 دقيقة في غرفة احتراق وتعريضه بهذه الطريقة لحرارة بارتفاع 1000 درجة مئوية، «وكانت النتيجة أن الطبقة الخارجية بسمك 4ر8 سنتيمتر هي التي تفحمت، وظلت المادة قادرة على التحمل».

تابعت المهندسة: «إحصائيا يمكن أن تفشل نصف الأعمدة الحاملة لمبنى ولكن المبنى سيظل واقفا.. لسنا أكبر علبة عود ثقاب في العالم، حسبما كان المنتقدون يرون سابقا».

أصبح الخشب مطلوبا كمادة بناء عما كان عليه الأمر سابقا. وفقا لمجموعة هولتسباو الألمانية للبناء الخشبي ، المنبثقة من قطاع المعمار، ارتفعت نسبة البناء بالأخشاب في المباني السكنية، منذ عام 2014 من 1ر15% إلى 8ر17%، «ويدل مبنى فيينا الخشبي على الكفاءة المبتكرة للبناء بالخشب وأنه يتناسب مع المستقبل «، حسبما رأى بيتر أيشر، رئيس مجموعة شركات هولتسباو العاملة في قطاع البناء الخشبي.

كان مشروع «وودي» المعماري بمدينة هامبورج أحد المشاريع الهجين الكبيرة التي استخدم في الخشب في البناء إلى جانب الحديد. كانت الشقق الصغيرة بالمبنى، والبالغ عددها 371 شقة، قد أعدت مسبقا عام 2017 في النمسا وجهزت للتركيب. وانتهى العمل الربيع الماضي من مبنى «سكايو» الخشبي في ألمانيا، وهو من عشرة طوابق بمدينة هايلبرون (ولاية بادن فورتمبرج)، وانتقل السكان إليه بالفعل.

ومن المقرر أن ينتهي العمل من مبنى «فيلد شبيتسه» الخشبي في هامبورج عام 2021، وسيناطح مشروع فيينا. وافتتح أعلى مبنى من الخشب على مستوى العالم في مدينة بروموندال في النرويج في مارس الماضي ، ولكن مساحته الصافية أقل بكثير من مساحة مبنى فيينا.

أصبح صناع القرار السياسي في ألمانيا، على سبيل المثال، يبدون انفتاحا أكثر على هذا البناء، حيث وجهت حكومة بادن فورتمبرج، على سبيل المثال، بمعرفة المشروعات العامة التي يمكن بناؤها باستخدام الخشب، وذلك لأن استخدام الخشب في البناء يصب في صالح المناخ، لأن الخشب الذي لا يحترق ولا يتعفن، بل يظل محفوظا، لا يتخلص من ثاني أكسيد الكربون الذي بداخله.

كما أن هناك ميزة أخرى هائلة للبناء بالخشب، ألا وهي أن الخشب خفيف بما يكفي لعمليات التوسع في أسقف الأبنية في المدن، حسبما أوضح بيتر أيشر، مشيرا إلى دراسة لباحثين بجامعة دار مشتات الألمانية أكدت إمكانية إضافة ما يصل إلى 7ر2 مليون شقة فوق أسطح الأبنية في ألمانيا.

أوضحت المهندسة بالفي أن الفكرة التي كانت تسيطر عليها عندما حصلت عام 2013 على المساحة التي ستقيم عليها مبنى «هوهو فيينا» الخشبي في فيينا هي أن «التقليد أصبح سقيما» وقالت إن المستثمر جونتر كيربلر، صاحب المشروع، لم يتردد في إنشائه، حتى وإن كانت تكاليف المشروع أعلى قليلا من تكاليف إنشائه بالخرسانة التقليدية، وذلك بسبب الأوجه الريادية للمبنى الخشبي.

بلغت التكلفة الإجمالية للمبنى الرئيسي المكون من 24 طابقا إضافة للمبنى المجاور المكون من خمسة طوابق، نحو 75 مليون يورو. يقع مبنى «هوهو فيينا» في منطقة بارزة في فيينا، منطقة زيشتات، شمال شرق العاصمة النمساوية، وهو الحي الذي شهد في السنوات الماضية نشأة أحد أكبر مشاريع التخطيط العمراني في أوروبا.

ومن المنتظر أن تقام في هذا الحي شقق تسع 20 ألف إنسان، بأسعار في متناول الكثيرين، وهو ما سيوفر عدة آلاف من فرص العمل. يؤكد القائمون على هذه المشاريع على أهمية مناخ المنطقة وبالطبع الإشارة إلى جدواه البيئية، «حيث إن الخشب الذي نستخدمه لدينا قد عاود النمو في الغابات النمساوية خلال ساعة و 17 دقيقة» وفقا لحسابات المهندسة بالفي.