1304625
1304625
الاقتصادية

الإرشاد السياحي .. مجال رحب للعمل يتطلب إتقان اللغات الأجنبية

01 سبتمبر 2019
01 سبتمبر 2019

من 11 مرشدا في 2012 إلى 394 في 2018 -

منح 72 رخصة جديدة لمزاولة المهنة بينهم أول مرشدة باللغة الكورية وأخرى باليابانية -

كتب - رحمة الكلبانية -

تنطلق أشجان بنت جمعة الغافرية من منزلها في بهلا قبل طلوع الفجر إلى مسقط في أيام متفرقة من الأسبوع فور سماعها بوجود وفود سياحية لاستقبالهم ومرافقتهم لأجمل الأماكن السياحية في العاصمة، لتعود بعد ذلك في المساء للعمل في إحدى المجمعات الطبية في بهلا متناسيةً التعب والإرهاق مقابل السعادة التي تجنيها من عملها كمرشدة.

وكغيرها من المرشدين السياحيين تستمتع أشجان بتعريف السياح على بلادها باللغات التي تعرفها، إلى جانب عملها وبالرغم من بعد المسافات. وقد شهدت وزارة السياحة خلال السنوات الخمس الأخيرة تزايدا كبيرا في طلبات رخص الإرشاد السياحي من قبل الشباب العماني والفتيات بشكل خاص، وقد منحت الوزارة منذ بداية العام ما يقارب 72 رخصة لمزاولة مهنة الإرشاد السياحي، كان منهم 5 فتيات، من بينهن أول مرشدة باللغة الكورية وأخرى باللغة اليابانية.

وقالت أحلام بنت سالم الحارثية، القائمة بأعمال رئيس قسم الإرشاد السياحي بوزارة السياحة: شهدنا خلال الخمسة أعوام الماضية إقبالا جيدا من قبل الشباب العماني لمزاولة مهنة الإرشاد السياحي، كان أغلبهم من الخريجين الجدد والباحثين عن العمل، وقبل ذلك لم يكن هناك إلا مرشدون سياحون معدودون يعملون في المجال منذ 10 – 15 عامًا.

وأضافت أحلام الحارثية: وقد ارتفع إجمالي أعداد المرشدين السياحين إلى 394 مرشدا في 2018، منهم 277 عمانيا وعمانية. وحول إقبال الفتيات على الإرشاد السياحي، قالت أحلام الحارثية: وقبل عامين بدأ إقبال الفتيات على مهنة الإرشاد السياحي، وبسبب شغفهم وإبداعهم في المهنة جذبوا بدورهم المزيد من الفتيات إلى القطاع. وعبرت الحارثية عن سعادتها بتنوع اللغات التي يتقنها الشباب والتي كانت من قبل تقتصر على الانجليزية، وقالت: إن أغلب المرشدين السياحين، وخاصة الشباب يحاولون تطوير أنفسهم من خلال اكتساب لغات جديدة للعمل مع مجموعات سياحية مختلفة. ولكن لاتزال هناك حاجة لمتقني اللغات الأجنبية الأخرى غير الانجليزية لكثرة الوفود السياحية منها خلال السنوات الماضية.

وأوضحت الحارثية بأن التخصص أمر غير مشترط في مزاولة مهنة الإرشاد السياحي، كما أن الأنظمة والقوانين تسمح للعمانيين مزاولة مهنة الإرشاد بدوام جزئي إلى جانب وظيفتهم أو دراستهم وفي المواسم التي يختارونها. . وأضافت: يعد الإرشاد السياحي واحدا من أهم الخدمات التي نقدمها للسائح، كونه ينقل جزءًا كبيرا من ثقافة وهوية البلد، بالإضافة أنه بأسلوبه الخاص ومهاراته الجيدة يستطيع تحويل الرحلات إلى أمر شيق ويترك أثرًا إيجابيًا لدى السياح، وهو الأمر الذي لمسناه من خلال ردود الفعل الإيجابية منهم. وتقوم وزارة السياحة كل عام بتعزيز علاقتها مع المرشدين السياحين المرخصين من خلال الاحتفال بيوم الإرشاد العالمي ودعوتهم وتكريم المجيدين و المتميزين منهم ، كما تدعو الوزارة ممثلة بقسم الإرشاد السياحي الشباب العماني والمتقن للغات الأجنبية المختلفة بالتقدم لنيل رخصة للعمل كمرشد سياحي.

شعور بالمسؤولية

واختارت أشجان بنت جمعة الغافرية- 25 عامًا– مهنة الإرشاد لرغبتها في تغيير الصورة غير الصحيحة المأخوذة عن السلطنة والمنطقة العربية بشكل عام بعد موقف مرت به أثناء دراستها في فرنسا، تقول: بعد تفوقي في دراسة اللغة الفرنسية بكلية عمان للسياحة والضيافة، تم اختياري للسفر إلى فرنسا لمواصلة تعلم اللغة بشكل أعمق، وهناك سكنت مع امرأة كبيرة في السن، دعت في يوم مجموعة من صديقاتها لزيارتها وساعدتها أنا، وخلال الزيارة كانت إحداهن تنظر إلي بصورة مريبة ولم تلبث دقائق حتى خرجت من صمتها وقالت: لقد زرت عمان ولم تعجبني فأنتم لا تحبون الحيوانات، وعندما سألتها عن مصدر تلك المعلومة قالت: مرشد سياحي آسيوي. وأضافت: وبعد رجوعي من فرنسا غيرت تخصصي للإرشاد السياحي وأضفت اللغة الإسبانية إلى قائمة اللغات التي أتحدثها كي تتسنى لي الفرص بمرافقة عدد أكبر من الوفود.

ولكن الإرشاد السياحي لم يكن عملها الوحيد، حيث تعمل أشجان كموظفة استقبال في أحد المجمعات الطبية بولاية بهلا بدوام كامل. وعند سؤالها حول موازنتها للعملين قالت: الإرشاد السياحي يعد شغفي ولكنني لا استطيع العمل به بشكل كامل كونه موسميا، إلا أنه عند سماعي بوجود وفد سياحي قادم من الخارج أطلب من إدارة المركز أن تغير في توقيت عملي للمساء كي أتمكن من الذهاب إلى مسقط مع طلوع الشمس والرجوع عصرًا إلى بهلا مرة أخرى.

وحول التحديات التي واجهتها، قالت الغافرية: لم يكن من السهل بالنسبة لي في البداية التعامل مع السياح لاختلاف شخصياتهم وخلفياتهم الثقافية وأعمارهم المتباينة، إلا أنني ومع الرحلات المتكررة أصبحت أكثر جرأة وبدأت أعرف ما يحبه السياح والطريقة الأنسب لإيصال المعلومة لهم ولاحظت تغييرا كبيرا وإيجابيا في شخصيتي، وأدركت أنه ليس هناك فرق بين الذكور والإناث في هذه المهنة وأنها كأي مهنة أخرى توجد بها تحديات وعلينا أن نطور من أنفسنا كي نتغلب عليها.

عين السائح

وبالرغم من دراسته لتخصص الفيزياء في الجامعة، اختار ناصر بن سالم الحارثي أن يكون مرشدًا سياحيًا بسبب حبه للتواصل والتخاطب مع الجنسيات المختلفة والتعلم عن ثقافات الشعوب المختلفة، مما دفعه لتعلم لغات جديدة كالإيطالية وتحسين لغته الانجليزية.

يقول الحارثي: لعمان جمال مميز وتاريخ عريق وثقافة مختلفة ترغمني على التحدث عنها في كل مكان ومع الجميع. ومهمة المرشد السياحي لا تقتصر فقط على شرح وسرد ذلك التميز وإنما إظهاره في سلوكنا وممارستنا مع السياح.

وأضاف: تعلمت خلال السنتين اللتين قضيتهما كيف أدرس شخصية وتطلعات كل سائح لإيجاد الطريقة المثلى للتعامل معه، كما أدركت أن السياح يهتمون بمعرفة طبيعة البيئة التي نعيشها وأسلوب حياتنا اليومي أكثر من اهتمامهم بالمزارات التاريخية في السلطنة.

وأشار ناصر إلى أن مهنة الإرشاد السياحي ليست بالسهولة التي يتخيلها البعض، بالإضافة إلى المشقة التي يبذلها المرشد في التنقل مع السياح بين المزارات المختلفة وإيصال صوته وفكرته للجميع، فإن عليه أن يكون مستعدًا وجاهزًا دائمًا للإجابة عن أي استفسار في جميع المجالات. إضافة إلى التعامل مع شخصيات مختلفة باختلاف ثقافتها. وفي بداية ممارسته للغة الانجليزية والإيطالية مع السياح، كان ناصر يخطئ في لفظ بعض المصطلحات أو يستبدلها بأخرى عربية، إلا أنه نجح في تحويل نقطة الضعف هذه إلى قوة من خلال تحويله إياها إلى لعبة يخمن فيها السياح معاني الكلمات العربية تلك في لغتهم.

منفعة متبادلة

وكغيرها من المرشدين، تمزج خديجة بنت سالم الحوسنية بين عملها كباحثة في مجال الهندسة الزراعية وبين وظيفتها الجزئية كمرشدة سياحية. وقد ساهمت الحوسنية في إثراء قطاع الإرشاد من خلال إتقانها للغة الكورية إلى جانب الانجليزية.وحول تجربتها في مجال الإرشاد، قالت خديجة: دخلت إلى القطاع كي أعرف السياح عن جمال عمان، ولكنني أكثر من تعلمت عنها وعن مقوماتها السياحية التي تؤهلها كي تكون واحدة من أفضل الوجهات السياحية في العالم، وواجبنا هو العمل جميعًا لتحقيق هذه الغاية. كما أتاح لي الإرشاد التعرف على ثقافات البلدان الأخرى من خلال اختلاطي بالسياح.

بوابة للمعرفة

ويعتبر عامر بن خلفان الرواحي – 33 عامًا - الإرشاد السياحي بوابة للعالم الخارجي والثقافات الأخرى، كون السياح هم الممثلون الحقيقيون لبلادهم وكونهم ينقلون عنها صورا أصدق عن تلك التي تصل من خلال وسائل الإعلام.

ويقول الرواحي: أمارس الإرشاد السياحي كمهنة بدوام كامل وليس كعمل جزئي، وبفضل اتقاني للغة الإيطالية بات بإمكاني التواصل مع عدد أكبر من السياح وتكوين صداقات والتعرف على ثقافاتهم عن عمق. وأضاف: أتمنى أن يتم استبدال القوى العاملة الوافدة في الإرشاد بالشباب العماني للنهوض به وجذب المزيد من السياح إلى السلطنة.

عمل جزئي

أما وفاء بنت داود العامرية – 20 عامًا – فقد اختارت الإرشاد السياحي كتخصص دراسي للتفرغ والعمل به في المستقبل، إذ تقول: أدرس في الوقت الحالي التسويق السياحي بالإضافة إلى عملي كمرشدة سياحية بشكل مؤقت وهو حلمي وشغفي.

وأضافت: أحببت مهنة الإرشاد حين كنت أقوم ببعض الدراسات المتعلقة بتخصصي، حيث كنت ألتقي بالسياح من مختلف الدول ووجدت نفسي استمتع بإخبارهم عن السلطنة وأهم مواقعها السياحية بالإضافة إلى ثقافتها وعادات وتقاليد أهلها لساعات طويلة. ومن هنا جاء قراري أن أعمل كمرشدة في أيام الإجازات الأسبوعية والفصلية.

وحول التحديات التي واجهتها، قالت العامرية: في البداية تخوفت من الدخول إلى المجال بسبب ما كان يقوله البعض حول عدم ملاءمته للفتيات، إلا أنني وبعد اختلاطي بالسياح أدركت أنها وظيفة لا تختلف عن غيرها من الوظائف، وأن السياح في غاية اللطف والاحترام في التعامل معي ومع النساء بشكل عام كونهم لديهم فكرة واضحة عن تعاليم الإسلام وعادات المرأة الشرقية.