1301298
1301298
عمان اليوم

الحيازات العشوائية.. ما بين حجب المنفعة والوقوف في وجه الخدمات

27 أغسطس 2019
27 أغسطس 2019

حرصا على حماية الممتلكات العامة -

تُــعد ظاهرة الحيازات العشوائية من المخالفات الجسيمة، فمرتكبها حين يقدم عليها فهو لا شك على دراية بعدم أحقيته في استئثاره بملكية عامة، الأمر الذي يمثل تعديا على الممتلكات العامة والخاصة، ناهيك عن ما يتسبب به من خطورة، وتهديد لسلامته وسلامة الأفراد عند استعمال الحيازة للبناء أو تسكين الأيدي العاملة الوافدة، أو الإضافات الخارجة عن معايير السلامة الفنية والبشرية.

يتطلب التعامل مع ظاهرة الحيازات العشوائية سرعة وحزما في اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، وقد تتنوع أشكال الظاهرة ودوافعها، إلا أن الأنظمة والقرارات البلدية صنفت المخالفات الفنية المرتكبة ضد الأمر المحلي رقم (23/‏‏‏92) وفق جسامتها، معتبرة أن البناء أو الردميات أو الحفر في أرض عامة أو أرض الغير إحداهن، وكذلك الإضافات أو التعديلات الجديدة التي تتجاوز 100م2 على مبنى قائم أو تحت التشييد (مرحلة صب الأسقف) من دون تراخيص وبدون استخراج خرائط التعديل، والبناء المخالف للاشتراطات التخطيطية والفنية بشكل عام هو من أنواع المخالفات الجسيمة.

تتنوع أشكال الحيازات بين بناء الملاحق العشوائية داخل المنازل أو المزارع مع وضع الأسوار القائمة خارج نطاقها، وبناء المنازل المتنقلة (الكرفانات) بطرقها غير القانونية، وتسوير نطاق من الأراضي لاتخاذها كحضائر للأغنام، ووضع ركائز بالطابوق على الأراضي المحازة، والأسوار القائمة بالشباك، إلى جانب كافة أعمال التشجير خارجها هي من أشكال الحيازات غير القانونية.

كما تعد الإضافات بالمواد الثابتة أو المتحركة في الأبنية القائمة هي من أنواع المخالفات التي تندرج في مسمى الحيازة غير المشروعة، وتُعتبر بالمثل أعمال قطع الجبال وتسويتها أو تسويرها بالمواد الثابتة، وأعمال حفر الآبار على أرض حكومية بالطرق غير القانونية هي مخالفات من ذات الجنس.

في نطاق آخر فإن من أشكال الحيازات غير المشروعة هو استغلال المزارع القديمة من أجل تسكين العمالة الوافدة، سواء إن كان سكنهم لمجرد تنفيذ أعمال مؤقتة لصاحب العلاقة، أو لتوفيره كلفة إقامتهم من خلال تسكينهم بشكل دائم.

تأثير الظاهرة

لا يختلف اثنان على مضار الظاهرة وأبعادها الاجتماعية، وكذلك تبعاتها التي قد تطال الخدمات المارة في منطقة سواءً بتأخير أو عرقلة وصول تلك الخدمات نتيجة قيام حيازة عليها، كما تعتبر الحيازات أحد عناصر التلوث البصري والصحي؛ إذ أن قيام الأفراد بالاستحواذ على قطعة من أرض خلاء بالقرب من منازل سكنية أو مزارع مجاورة لها، واتخاذها من أجل بناء حظائر للحيوانات، أو لخزن وتكديس البضائع أو المخلفات الزراعية، سيعمل بدون شك على نشر التلوث، أو انبعاث الروائح الكريهة بالمنطقة، الأمر الذي هو خارج عن المسموح به من جهود تهدف للإصحاح البيئي بتقليل العوامل المؤدية لغير ذلك، ناهيك عن مخاطر الحيازات نتيجة إجراء إضافات على المباني والتي تخرج هي الأخرى عن معايير السلامة، كونها تتم بدون تصاريح لازمة، ولا تخضع لمعاينة الاستشاري الفني الذي يقع دوره في اعتماد معايير البناء وفق ما تسمح به الإجراءات، ويتوافق مع واقع الأرض المقام بها تلك التعديلات.

وتبذل بلدية مسقط جهوداً متواصلة من أجل التصدي لظاهرتي الحيازات العشوائية والملاحق غير القانونية، فإلى جانب التوعية المستمرة بمضار وتبعات هذه الظاهرة فهي تعمل كذلك على مراقبة ومتابعة الأبنية القائمة، والتي هي تحت الإنشاء، حيث أظهرت ملفات البلدية أن كثير من الحيازات تستغل لبناء الملاحق أو الكرفانات بهدف التأجير للأيدي العاملة الوافدة، مما يؤثر على الجوانب الاجتماعية والصحية والأمنية والتخطيطية في المناطق السكينة التي تنتشر فيها الظاهرة.

كما تعد الإضافات بالمواد غير الثابتة بالمنزل لبناء الشرفات من المسائل الخارجة عن أطر السلامة، علمًا أن بلدية مسقط قد أوجدت لهذه المسائل تنظيمًا يقضي بالسماح بها وفقًا لاستخراج التصاريح اللازمة. وذلك للحد من عملية الإضافات غير المصرحة، وبالتالي اتقاء المخاطر الفنية الناتجة عن التساهل في معايير السلامة المطلوبة بالبناء، إذ توجد تراخيص من البلدية مخصصة لإقامة الملاحق في المنازل السكنية.

إزالة الحيازات

وتتخذ بلدية مسقط قرار إزالة الحيازة العشوائية بعد التحقق من عدم وجود أي مستندات ووثائق تفيد بقانونيتها ضمن المواقع المرصودة والتي بها حيازات ومبان مخالفة للأنظمة والقوانين المعمول بها، حيث تتم إجراءات التخلص وإزالة الحيازات غير المشروعة بالنسبة لتلك المعلوم أصحابها فإن الإجراء يتم في البدء عن طريق التواصل مع صاحب الحيازة؛ لتقديم المستندات أو تصاريح البناء في حال توفرها، ومن ثم إخطاره بضرورة الإزالة الفورية، مع تسليمه لمحضر ضبط مخالفة، وفي حال عدم الاستجابة يتم إحالة المخالفة إلى دائرة المتابعة القانونية؛ لإجراء اللازم وبعدها إحالتها للادعاء العام، ومن ثم للمحكمة لاستصدار حكم قضائي بالإزالة ومباشرة تنفيذ الأحكام الصادرة.

أما بشأن الحيازات المجهولة فالإجراء يتم بوضع لوحة على الموقع، ويتم من خلاله تبيان مخالفة الحيازة مع ضرورة مراجعة الدائرة المختصة بالمديرية، وفي حال حضور المخالف تستكمل الإجراءات المتبعة بشأن المخالفات، أما في حال عدم الحضور ومعرفة صاحبها، يتم التواصل مع شيخ المنطقة لمعرفة صاحبها، وفي حال تعذر ذلك يتم رفع المخالفة ضد مجهول إلى دائرة المتابعة القانونية بالمديرية المختصة، واستكمال باقي الإجراءات وإحالتها للادعاء العام لاستصدار حكم الإزالة.

يذكر بأن من أكثر أنواع الحيازات مثلا في ولاية قريات هو بناء حظائر الأغنام بالمواد الثابتة وغير الثابتة، يأتي من بعدها زراعة أشجار بمساحات كبيرة.

أما بشأن الحيازات المخالفة في تلك الولاية والتي تم إزالتها بأحكام قضائية فقد بلغ عددها 65 حكما قضائيا خلال فترة الأعوام (2012 وحتى نهاية يوليو 2019) مع 3 أحكام قضائية تم فيها إزالة الحيازة بالقوة الجبرية خلال الفترة نفسها.

رقابة وتوعية ميدانية

ولتلافي الظاهرة فإن بلدية مسقط لا تفتأ من عمل الزيارات والجولات التفتيشية الاعتيادية اليومية للوقوف على المخالفات العشوائية، والمحافظة على انسجام البيئة الحضرية، مع استجابتها لأية بلاغات وملاحظات ترد أو يتم رصدها بعين المجتمع، إلى جانب الالتقاء بالمقاولين أو المواطنين على حد سواء بشكل دوري أو عند تبين الحاجة لذلك خشية تفشي الظاهرة؛ بهدف توعيتهم بالقوانين المنظمة والإجراءات المعمول بها في هذا الشأن، مع عدم إغفال الجانب الخاص بالإعلام والشراكة المجتمعية لنشر المفاهيم والقوانين المنظمة والهادفة لبناء مجتمع يساند القانون والتشريعات، ومخاطبة لجان الشؤون البلدية للقيام بدورها في هذا الجانب جنبًا إلى جنب مع كافة الجهود البلدية التي تهدف للحفاظ على الأنظمة والقوانين المتعلقة بها.

الجدير بالذكر أن بلدية مسقط تمنح الفترة لأصحاب الحيازات من أجل إحضار ما يثبت من مستندات ووثائق تفيد تملكهم للأراضي، قبل الشروع في إزالتها، إذ أن الهدف ليس المخالفة بحد ذاته بل التوعية بمضار هذا النوع من المخالفات، مع تأكيد بلدية مسقط بأنها ماضية في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة وبالتنسيق مع الجهات المعنية لوقف ظاهرة الحيازات غير القانونية، والتصدي لها من منطلق الحفاظ على الممتلكات العامة، ومنع وضع اليد عليها، كما تؤكد في الوقت ذاته على دور المجتمع في التعاون مع نداء البلدية الداعي لعدم السماح بهذه الظاهرة وغيرها من الإخلال بنسيج المجتمع مع شكله العام، والتعاون لتجنب الوقوع في مثل تلك التجاوزات خدمة للصالح العام، كذلك فهي تدعو جميع المواطنين والقاطنين بعدم تسكين الأيدي العاملة الوافدة في المناطق السكنية بسبب تعارضها مع المادة رقم (116) من الأمر المحلي رقم (23/‏‏‏92) بشأن تنظيم المباني بمسقط ، حيث نصت المادة أنه «لا يجوز إقامة معسكرات العمال إلا في الأماكن التي خططتها الدولة وخصصتها لهذا الغرض بالشروط التي تحددها البلدية ويستثنى من هذه المادة المعسكرات الصغيرة التي تقام للعاملين فقط بموقع البناء وليست لأي عمال آخرين، شريطة أن تتم موافقة مسبقة من البلدية بذلك، وأن تشيد وتزال بالشروط والمواصفات التي تحددها البلدية».