1300586
1300586
المنوعات

لوحات روان العدوان.. عالم لوني متناغم يدفع للتأمل

27 أغسطس 2019
27 أغسطس 2019

عمّان- «العمانية»: لا تتقيّد التشكيلية الأردنية روان العدوان في أعمالها المنفَّذة بالإكريليك والمواد المختلفة على القماش، بمدرسة فنية تشكيلية واحدة، بل تحاول الانفتاح على جميع المدارس والأساليب الفنية، ملغيةً الحدود فيما بينهما من جهة، ومؤكدة على فرادة تجربتها وحريتها من جهة أخرى، بعيداً عن التنظيرات والتأطيرات والقوالب الجاهزة في الفن.

وفي الوقت نفسه، تسعى العدوان من خلال لوحاتها التي أنجزتها عبر مسيرتها الطويلة، إلى إيجاد عالمها اللوني المتناغم ضمن إيقاع موحد ومناخ هارموني يدفع المشاهد للتأمل والتفكير.

في واحدة من لوحاتها الشهيرة والتي تحمل اسم «العصفور والثور والكرسي» تنهل خريجة الفنون الجميلة من جامعة اليرموك (1995)، من أكثر من مدرسة فنية، فخطوطها وأشكالها تميل للمدرسة التشخيصية، مع بثّ طاقة تعبيرية تسيطر على الجو العام في اللوحة إلى جانب الأبعاد الرمزية، كرمز العصفور الذي يؤشر على الحرية والانطلاق، ورمز الثور الذي يمثل الصبر مع القوة والقدرة على تحمل الصعاب، أما الكرسي فهو رمز للسلطة، بينما تقف جميع هذه المفردات على سطح متماوج وغير مستقر.

تحضر في لوحات العدوان رسومات أغلبها لحيوانات، ففي لوحتها «عراك» ثمة خطوط جميلة ومبسطة، وألوان جريئة، ورموز يكتنف بعضها الغموض، إذ ترتبط بالطقوس والشعائر التي كانت شائعة عند البدو في ذلك الزمن. وفي لوحة «أثر» يبرز الحس الطفولي في الخطوط والأشكال، والذي تعاينه الفنانة من أكثر من زاوية.

تستخدم العدوان الألوان الصحراوية القوية كالترابي وتدرجات البنّي الساطع والأصفر وصولاً إلى الأخضر.. وتتجلى هذه الألوان في لوحاتها المحمّلة برموز تذكّر بالحضارات القديمة والرسوم البدائية والنقوش التي حُفرت على الصخور في الصحراء.

وكثيرا ما شُغفت هذه الفنانة بالصحراء وما فيها من كنوز، لهذا حضرت هذه الكنوز بقوة في معرضها «لآلئ الصحراء»، وهو المعرض الذي أنجزته خلال عملها في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، حيث عثرت على كتاب بعنوان «نقوش صفائية من بيار الغصين»، وهو يتناول النقوش في منطقة الصفاوي في الأردن ويدْرسها، وكان هذه الكتاب دليلاً للعدوان لتزور المنطقة وتتعمق في دراسة هذه النقوش، ثم تعمل على إعادة إحيائها عبر توظيفها في لوحاتها الفنية.

تقول العدوان التي انضمت إلى عضوية جمعية الفنانات البريطانية: «النقوش الصفائية عمرُها أكثر من ألف سنة قبل الميلاد، وقد اطّلعتُ على هذه الرسومات وحاولت استعادتها عن طريق إعادة رسمها وتلوينها، وحافظتُ على روحها وعلى عفويتها وطفوليتها؛ أيْ أنني منحتُها الحياة باللون». وتضيف أن هذه الرسومات تنتمي إلى الفن البدائي بولكن روح المعاصرة. وتوضح الفنانة أن هذه النقوش تكشف عن حضارة غنية تثبت أن البدو لم يكونوا رُحَّلا يبحثون عن الماء والطعام كما يجري تصويرهم، وإنما كان منهم طلَبة علم ومعلمون يعلّمون القراءة والكتابة والفلسفة.. وهو ما ينبئ عن تطور كبير في ذلك الزمان.

وإلى جانب أعمالها التي تستلهم النقوش الصفائية، أنجزت العدوان لوحات تعبّر عن الواقع الذي يعيشه العالم العربي اليوم، وشاركت في عام 2017 بمعرض جماعي في جاليري «بال مول» في لندن حيث تقيم، كما شاركت مؤخراً بمجموعة من اللوحات ضمن المعرض الجماعي الذي أقيم في غاليري «سلال» بباريس، وهي لوحات تتسم بالنهج الانطباعي التجريدي، والأسلوب الهادئ، والتدرج اللوني المريح الذي يفتح طاقة للأمل والحلم بغدٍ أكثر أمناً وأماناً، حيث الأعمال التي تجسد نافورة ملونة أو شجرة تتدلى أغصانها معانِقةً الإنسان.

تقول العدوان حول مجمل تجربتها الفنية: «تتميز أعمالي ببساطتها وبقوة التكوين في بناء الشكل والألوان المتجانسة والمتناغمة مع الخطوط التي شكلت اللوحة، وهي تفريغ للطاقة الكامنة في لحظة الشعور الحسي».

يشار إلى أن العدوان أقامت أربع معارض شخصية بالإضافة إلى معارض جماعية في النمسا وإيطاليا والأردن والكويت وفلسطين والجزائر واليمن ودول أخرى.