mohammed
mohammed
أعمدة

شفافية: ودائع القطاع الخاص وتحريك النشاط الاقتصادي

27 أغسطس 2019
27 أغسطس 2019

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

شهد إجمالي الودائع لدى القطاع المصرفي نموا ملحوظا خلال السنوات الثلاث الماضية ليبلغ بنهاية يونيو الماضي حوالي 23 مليار ريال عماني مقابل 22.3 مليار ريال عماني في يونيو 2018 و21.4 مليار ريال عماني في يونيو 2017، وهذا يعني أن هناك مستوى جيدا للادخار؛ وفي المقابل هذا يعني أن هناك مبالغ فائضة يمكن استخدامها في تحريك النشاط الاقتصادي إن وَجَدت مشاريعَ تستطيع توظيف المبالغ الفائضة لتُدِرّ دخلا جيدا على أصحابها.

ومن الملاحظ من خلال الأرقام التي نشرها البنك المركزي العماني في النشرة الإحصائية لشهر يونيو الماضي أن ودائع القطاع الخاص لدى القطاع المصرفي سجلت بنهاية يونيو الماضي نموا بنسبة 4.6% لتبلغ حوالي 14.9 مليار ريال عماني، وأن حصة الأفراد من هذه الودائع بلغت 49.6%، وحصة الشركات غير المالية 29.3%، والشركات المالية 18.8%، وهو ما يعني أن لدى الشركات والأفراد أموالا جيدة يمكن توظيفها لتحقيق عوائد أفضل من خلال الاستثمار في قطاعات إنتاجية.

وعندما نراجع معدلات الفوائد على الودائع في البنوك التقليدية نجد أن هناك 3.5 مليون حساب لا يتقاضى أصحابها أي فوائد على حساباتهم المصرفية، وبلغت قيمة المبالغ الموجودة في هذه الحسابات 7.8 مليار ريال عماني وهو ما يشكل 39.5% من إجمالي الودائع لدى البنوك التقليدية والبالغة 19.7 مليار ريال عماني.

وهذا يعني أن هناك مبالغ ضخمة مجمّدة لا تدرّ أي عائد على أصحابها الذين قد يسحب بعضهم جزءا منها لو وجدوا عائدا مناسبا في أي قطاع اقتصادي آخر. وبالإضافة إلى هذه الأرقام نجد أن هناك 243 ألف حساب يتقاضى أصحابها عليها فوائد لا تتجاوز 2% وتبلغ قيمة المبالغ الموجودة في هذه الحسابات 3 مليارات ريال عماني، وهناك 3642 حسابا يتقاضى أصحابها عليها فوائد أعلى من 2% حتى 3% وتبلغ قيمة المبالغ المودعة في هذه الحسابات 1.3 مليار ريال عماني.

قد تكون لدى بعض الشركات والأفراد مخاوف من الاستثمار في القطاعات الاقتصادية خشية أن يتعرضوا للخسائر، ويمكن تفسير هذا من خلال إمعان النظر في بعض القطاعات الاقتصادية، فقطاع العقارات على سبيل المثال شهد تباطؤا في الفترة الماضية نتيجة لعدد من الأسباب من بينها تراجع أداء بعض الأنشطة الاقتصادية وتراجع أعداد القوى العاملة الوافدة والنمو المحدود في فرص العمل المتاحة للعمانيين، وقد لاحظنا من خلال بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن الناتج المحلي لقطاع الإنشاءات سجل العام الماضي ثالث تراجع سنوي له على التوالي ليبلغ 1.9 مليار ريال عماني مقابل 2.1 مليار ريال عماني في عام 2017 وحوالي 2.3 مليار ريال عماني في عام 2016، ولعل السبب في هذا التراجع أن المستثمرين رأوا أن الاستثمار في القطاع العقاري لا يحقق العوائد التي يتطلعون إليها.

ولعله من المهم الإشارة إلى أننا شهدنا خلال السنوات الماضية طلبا مرتفعا على الاكتتاب في أسهم الشركات الجيدة التي يتم طرح أسهمها للاكتتاب العام، ولعل أغلب المبالغ التي يتم توجيهها إلى هذه الاكتتابات تأتي من تلك المبالغ المجمّدة في البنوك.

كل هذا يقودنا إلى التأكيد على أن فرص تنشيط الاقتصاد الوطني متوفرة ليس فقط من خلال المبالغ التي تضخها الحكومة ولكن أيضا من خلال المبالغ الموجودة لدى الشركات والأفراد، غير أن إخراج هذه المبالغ المجمّدة يحتاج إلى تحفيز الاقتصاد وإتاحة مجالات أوسع لاستثمار الشركات والأفراد في الأنشطة الاقتصادية المختلفة.