yesra
yesra
أعمدة

ربما: بعَودة يا مصر

28 أغسطس 2019
28 أغسطس 2019

د. يسرية آل جميل -

مدخل :

فقط الذين يملكون ضميراً حياً لا يتركون وراءهم جرحى.

••••••••

‏المدن كالبشر

‏هناك مدينة تحبها، بأي وجه كانت

‏وهناك مدينة لا تحبها أبداً

مهما تجمّلت أمام عينيك

هذا هو حالنا مع القاهرة

العاصمة الساهرة.. الساحرة

التي لا تنام أبداً

ولا يغفو لها جفن.

في كل إجازة صيفية أو حتى مع اقترابها

يبدأ الحديث عن خيارات السفر والسياحة

قائمة طويلة عريضة من الدول

التي نرغبُ في زيارتها

أوروبا.. أم آسيا.. أو نكتفي بصلالة

عاصمة المصايف العربية؟

ثم نتفق جميعاً على مصر

الخيار الذي لا اختلاف عليه.

نحنُ لا نعتبر مِصر دولة عادية للسياحة فقط

إنهـا أمّ الدُنيا

وحقُّ الأم أوجب وأوفى من أي شيءٍ آخر

جمهورية النسر.. القوية ضد كل أنواع الكسر

الدولة التي لا تحتاج لرأي أحد

مصر.. عم نجيب.. وثومة.. والعندليب

مصر تكبيرات المساجد

وأصوات المآذن

مدينة الألف مئذنة

مدينة العلم.. زويل ويعقوب

وجامعات مصر للعلوم والتكنولوجيا

حضارة السبعة آلاف سنة

التي تُبهـر العالم جيلاً بعد جيل.

قررنا أن نقضي عيد الأضحى بمصر هذه المرة

نُعيد ذكريات طفولةٍ معظمها كان هُنا

اجتمعت العائلة كلها بمنزلنا

صُمنا يوم وقفة عرفات معا

تناولنا وجبة الإفطار مع أول تكبيرة للآذان

صلّينا الفجر

بدأ المسجد بجوار منزلنا بالتكبير

نداءً لصلاة العيد

عُمري كله لم أخرج به مرةً واحدة لأداء صلاة العيد

قيل لي أن العيد في مصر حاجة غير

وفعلاً.. كل شيء في مصر غير

خرجتُ ونوف إلى بلكونة الشقة

بدأوا يفترشون ساحات الشوارع سجاداً للصلاة

بدأ كل السكّان حول المسجد بالنزول

الكل أخذَ موقعه للصلاة

نوف: ماما تعالي ننزل معهم؟

وفعلاً.. لرغبتي في ترك ذكريات طفولة لها

تظل معها حتى تكبر

لبست عباءتي ونوف

أمسكتُ بيدها

نزلنا والتقينا أسفل العمارة

اتجهنا لساحات المسجد في أحد شوارع القاهرة

جلسنا للتكبير: الله أكبر الله أكبر كبيرا

الكُل بصوتٍ واحد

الكُل مُبتهج وسعيد

هذه توزّع البالونات على الصغار

وأخرى تُعطيهم قطعاً من الكعك والحلوى

وثالثة تمنحهم حبّات الشوكولاتة

صغيرتي سعدت بالكاكاو والبالون

انتهت الصلاة

استمعنا إلى خُطبة العيد

انتشرنا بعدها كل إلى مسكنه

شباب العائلة اتجهوا لذبح الأضاحي

أما نحن فبدأنا في تجهيز الصغار

ارتدوا ملابس العيد

تزينوا بالذهب والحُلي

وضعت فوق أيديهم ستيكرات الحناء

وزّعنا العيدية

هذه مِصر

حيثُ مُعظم ذكريات الطفولة

التي لا يكررها الزمن

مع إخوتي وإخواني

بين أهلي وجيران مصر الجديدة والقديمة

وأحياء القاهرة العريقة

وكثير كثير من الذكريات المحفورة في قلبِ ذاكرتي

وهي أعصى على النسيان.. من النسيان

هُنا القاهرة

تحتفلُ بعيد الأضحى

حيثُ ازدحام شوارعها بأبناء البلد

وبالسيَّاح من مختلف دول العالم

حيث نركب «الحنطور»

ونأخذ لفَّة بكورنيش النيل العظيم

حيثُ باعة الورد والفُل

باعة السعادة في هيئة نُكتة

مغلفة بالوّد لكل أبناء الخليج

حبيبتي مصر

أكتبُ بحقك هذه الكلمات

وأنا أحزم حقائب سفري للعودة إلى أرض الوطن

حيث لا استغناء عن العامرة مسقط

أكتبُ هذه الكلمات وأنا أودّع كل أحيائها

وشوارعها ومناطقها ومعالمها

الحُسين.. برج القاهـرة.. الأهـرام

  • إليَّ حيثُ أكون:

    للعلم فقط:

    أنا لستُ بمِصريّة

    لكنّهـا مِصر.