1299661
1299661
الاقتصادية

خبراء: التنويع وتشجيع الاستثمار يجعل اقتصاد السلطنة أكثر قوة في مواجهة الأزمات

25 أغسطس 2019
25 أغسطس 2019

هل يستقبل العالم 2020 بأزمة اقتصادية؟ -

استطلاع: شمسة الريامية -

تسود الأوساط الاقتصادية العالمية حالة من التوتر في ظل الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وارتفاع الدين العالمي مقابل الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى الأوضاع السياسية في المنطقة، وأدت هذه العوامل إلى إثارة مخاوف المستثمرين، وأصبح بعض الخبراء والمحللين يرون أن هذه الأجواء المشحونة ربما هي مقدمة لأزمة اقتصادية عالمية قد تبدأ العام المقبل في حين يرى آخرون أن الأوضاع الحالية لا تنذر بأزمة وإنما من المحتمل أن يشهد الاقتصاد العالمي حالة من الركود، وفي هذا الاستطلاع يقدم عددا من الخبراء الاقتصاديين رؤيتهم لوضع الاقتصاد العالمي حاليا والانعكاسات المتوقعة على السلطنة في حال السيناريوهات المختلفة التي ستحدد توجه الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل، ودور جهود التنويع الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات في حماية اقتصاد السلطنة من تبعات أزمة عالمية محتملة.

وقال حيدر بن عبدالرضا اللواتي، خبير اقتصادي:« إن الكثير من الخبراء الاقتصاديين في العالم قبل سنتين من الآن، تنبأوا بحدوث أزمة اقتصادية في 2020»، وزادت هذه التوقعات بسبب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، إذ إن أي تراجع في الاقتصاد الصيني يؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، حيث سيتأثر الإقبال على المنتجات الأخرى وخاصة النفط الخام ومشتقاته، الذي بدوره يؤثر بشكل مباشر على الدول المصدرة له، وفي الجانب الإقليمي فالحروب أو الأوضاع السياسية في المنطقة، وخاصة في اليمن وسوريا والعراق تؤثر أيضا على النمو العالمي، وكما هو معروف أن السياسة مرتبطة كثيرا بالاقتصاد، فاستمرار هذه الأوضاع يؤثر على الاستقرار الاقتصادي في الدول العربية.

وفي المقابل، قال اللواتي إنه بالنسبة للسلطنة فإن القوانين التي صدرت مؤخرا كقانون رأس الاستثمار الأجنبي تجعل السلطنة أكثر قوة في مواجهة أي أزمات محتملة. وهناك ضرورة للتركيز على تنشيط التجارة، وتسهيل الإجراءات للتجار المحليين، والقضاء على البيروقراطية، والتخلص من الضرائب. وأيضا هناك ضرورة للاستفادة من القروض التي تحصل عليها السلطنة عن طريق تخصيص جزء منها للاستثمارات، وإضافة إلى استثماراتها الخارجية فالصناديق السيادية تلعب دورا مهما في الاستثمار الداخلي الأمر الذي يسهم بدوره في تحقيق إيرادات جيدة للسلطنة.

وأوضح اللواتي أن استمرار السلطنة في سياسة التنويع الاقتصادي، وإعطاء مزيد من الاهتمام بالقطاعات الاقتصادية غير النفطية كالثروة السمكية، والمعدنية، ورفع نسبة إيراداتها، يجنب السلطنة الكثير من الأزمات المالية أو الاقتصادية التي قد تقع في الأعوام المقبلة. كما أن لجوء السلطنة إلى خصخصة بعض الشركات الحكومية في قطاع الكهرباء، والاتصالات، والنفط، تسهم في توفير السيولة بالسلطنة.

ركود اقتصادي

ومن جانبه استبعد حسن بن أحمد اللواتي، الرئيس التنفيذي لشركة الآفاق لأسواق المال حدوث أزمة مالية عالمية مشابهة للأزمة التي حدثت في عام 2008، لكن من الوارد حدوث ركود اقتصادي فقط، والركود هو من أحد الدورات الاقتصادية، ويحدث بعد الانتعاش والنمو والتعافي من الأزمات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، خاصة أن السنوات الأخيرة حققت الولايات المتحدة والصين معدلات كبيرة في النمو والأرباح، وانخفضت بدورها مستويات البطالة.

وأشار أن الركود الاقتصادي قد يكون أحيانا حالة صحية تسهم في استقرار الأسعار وعودتها إلى مستوياتها الطبيعية، ويحدث انتعاش في الأسواق العالمية، لكن الركود يسهم في ضعف الطلب على النفط، وبالتالي تنخفض أسعار النفط وقد يحدث نوع من الأزمات مشابه لما شهده العالم في الربع الأخير من عام 2014، وليست على غرار أزمة 2008 التي كانت أحد أسبابها الاقتراض المفرط، وعدم اتباع إجراءات السلامة في التمويل.

ولذلك على السلطنة اتباع نفس الإجراءات التي ما زالت متبعة في الوقت الحالي لتجنب أية أزمات مقبلة، كالتنويع الاقتصادي، ورفع مساهمة الأنشطة غير النفطية، كقطاع التعدين، والثروة السمكية، والسياحة، إضافة إلى الإسراع في ضخ الأموال إلى داخل الاقتصاد، وتنشيط القطاع الخاص، الذي بدوره يسهم في تخفيف العبء على القطاع الحكومي.

وأكد اللواتي على ضرورة الاهتمام بالقطاع السياحي، واستكمال المرافق المتعلقة به، وتسريع عملية تنفيذ المشاريع السياحية المهمة، لأن هذا القطاع لا يتأثر كثيرا بالأزمات الاقتصادية، وبإمكانه أن يقلل من وطأة هذه الأزمات، ويحقق إيرادات جيدة للدولة.

تدفق الاستثمار الأجنبي

ويقول مصطفى أحمد سلمان، الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للأوراق المالية:« ليس بالضرورة أن تكون هناك أزمة في هذه الفترة الزمنية القصيرة، ولكن لا يمكن تجاهل أن ظهور العديد من العوامل على السطح تنذر بوجود أزمة اقتصادية ، منها ارتفاع في نسبة المديونية عند معظم الدول في العالم، وبعضها وصل مرحلة متقدمة من اقترابهم من عدم القدرة على السداد، ولكن معظم هذه العوامل تدور حول قدرة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية على تجاوز هذه التحديات، حيث إنه المستهلك الأكبر والمحرك الأكبر لمعظم اقتصاديات العالم. فالقرارات السريعة من الحرب التجارية مع الصين ودول أخرى، والتذبذب في اتخاذ قرارات سعر الفائدة، وتضييق الخناق على الهجرة وعلى الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا يرفع من مستوى القلق في الأسواق العالمية. وإذا أضفنا إلى هذه المعادلة أن معظم إجراءات التيسير الكمي ما زالت موجودة من نتائج أزمة 2008 وبالتالي ضيق المساحة التي يمكن للدول اتخاذها لتجاوز أزمة شبيهة يجعل من المقلق أن الأزمة القادمة قد يكون لها تداعيات قوية، هذا في حد ذاته سيدفع معظم الشركات إلى ترشيد الإنفاق الرأسمالي وبالتالي فإن القلق ذاته سيساهم في خلق تباطؤ في النمو ».

وأوضح مصطفى سلمان أن الأزمة القادمة لو حدثت فسوف تقضي على العولمة، وحتى تستطيع السلطنة تجاوز هذه الأزمة ينبغي تقوية وسائل الإنتاج المحلية لخلق نوع من الاستقلالية الاقتصادية، وبالتالي المحافظة على مستوى المعيشة المحلي، ولابد من الاستمرار في جهود خفض الدين العام، وسياسات تنشيط الاقتصاد الداخلي من خلال حماية الإنتاج المحلي، وتشجيع تدفق الاستثمار الأجنبي في الاستثمار المباشر، وتنشيط الإنفاق المحلي من خلال تخفيض الرسوم وتخفيف القيود والشروط على الصناعات والخدمات المحلية.

مضيفا: « يجب فصل القطاع الخاص من الاعتماد على الحكومة من خلال توسيع مساحة العمل، كما بالإمكان استقطاب كفاءات أجنبية ذوي الدخل المرتفع لتنشيط الأسواق المحلية، وهذا يتطلب تضافر جهود الجميع من خلال العمل الجاد والمساهمة الفعّالة في الناتج المحلي.

الحروب الجيوسياسية

وأوضح أحمد بن سعيد كشوب، رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للأوراق المالية أن هناك مؤشرات اقتصادية تنبئ بحدوث أزمة مالية عالمية في 2020، من بينها تضخم المديونيات على المستوى العالمي، إذ يتجاوز متوسط المديونيات حوالي 250 تريليون دولار، إضافة إلى الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والتوترات السياسية، لكن في مقابل هذه العوامل هناك بعض الدول ستنمو اقتصاديا بشكل كبير كالدول الآسيوية مثل الهند وكوريا.

وقال كشوب في حالة حدوث أزمة اقتصادية أو ركود اقتصادي فإنه قد يحدث في منتصف العام المقبل أو نهايته وقد يؤدي ذلك لتراجع النمو العالمي في حدود 2% في الفترة بين 2020- 2021 وذلك على حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، مما سينعكس سلبا على بيئة الاستثمار في العالم بما في ذلك السلطنة بشكل عام، وحتى يصبح الاقتصاد المحلي أكثر صلابة في مواجهة الأزمات على حكومة السلطنة أن تركز في المرحلة الحالية على أحد خيارين وهما سياسية مالية دافعة إلى الإنفاق، أو خفض الضرائب والرسوم والتي بدورها ستؤثر على إيرادات الحكومة، ولذلك من الأفضل تبني الخيار الثاني المتعلق بدفع القطاعات الاقتصادية في القطاع الخاص مما ينعكس بشكل إيجابي على إيرادات الدولة، وهناك أهمية كبيرة للقوانين التي صدرت بداية هذا العام، مثل قانون الخصخصة، والاستثمار الأجنبي، وقانون الشركات التجارية، وغيرها من القوانين الأخرى التي هي بمثابة حوافز تجارية كبيرة وتسهيل الإجراءات على المستثمرين، وتدر أموال طائلة للدولة.

تنشيط سياحة التسوق

وقال محمد بن أحمد الشيزاوي، خبير اقتصادي : « لا أتوقع أزمة مالية عالمية في العام المقبل، وفي حالة حدوثها فإن السلطنة لن تتأثر بها كثيرا، أو سوف تستطيع تجاوزها، نتيجة الإجراءات التي اتخذتها في السنوات الأخيرة الماضية، ومن بينها سياسة التنويع الاقتصادي، وهي عدم الاعتماد على النفط كمصدر للدخل، والتركيز على القطاعات الأخرى كالصناعة والسياحة، والتعدين».

وأوضح الشيزاوي ضرورة الاهتمام بشكل كبير بالصناعات التي تقوم على المواد الخام الموجودة في السلطنة والثروات المعدنية، وإنشاء مصانع ضخمة ،كمصانع البتروكيماويات، والسيراميك، والزجاج، الأمر الذي بدوره يؤدي إلى تحريك السوق المحلي، وتوفير فرص عمل للمواطنين.

واقترح الشيزاوي ضرورة تنشيط سياحة التسوق في السلطنة، وتجويد السلع في الأسواق المحلية بحيث تكون مناسبة لكافة شرائح المجتمع، وأيضا مناسبة للسياح والزوار. موضحا أن الموانئ السلطنة مهيأة لاستقبال البضائع بشكل مباشر، الأمر الذي يسهم في تعزيز التجارة.

كما شدد على أهمية تنشيط القطاع الخدمي، كالمطاعم والفنادق وغيرها، إذ أن الطلب المحلي ضعيف على هذه الخدمات، وبالتالي لابد من استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والشركات الضخمة بحيث تكون لها مقر داخل السلطنة. إضافة إلى التقليل من القيود المفروضة على القطاع الخاص كالضرائب، إذ إن هناك العديد من الرسوم المفروضة عليه، وضريبة الشركات.