مرايا

حدود مسؤولية المساهم في الشركات المساهمة

21 أغسطس 2019
21 أغسطس 2019

تعتبر الشركة المساهمة من أهم شركات الأموال، وتتجلى أهمية هذه الشركات بالنظر لقدرتها المالية على القيام بالمشروعات الاقتصادية الضخمة، لهذا فإن هذه الشركات استطاعت أن تدخل في جميع النشاطات الاقتصادية، سواء كانت هذه النشاطات صناعية أم تجارية أم خدمية، وذلك للإمكانيات التي تتمتع بها في تجميع رؤوس أموالها الضخمة، لذا نجد أن هذه الشركات تحتكر القيام بأهم النشاطات الاقتصادية التي لا تستطيع القيام بها غيرها من الشركات الأخرى، ومن هذه النشاطات أعمال البنوك والتأمين والنقل الجوي، ويعود السبب في ذلك قدرة الشركات المساهمة على تجميع الأموال الضخمة، لكون هذه الشركات يتكون رأس مالها من اسهم عادة ما تكون قيمتها ضئيلة، حيث يستطيع أغلبية الناس من صغار المدخرين شراء أسهم هذه الشركات والمشاركة في رأس مالها، يضاف الى ذلك فإن مسؤولية المساهم فيها عن التزامات الشركة محدودة بمقدار قيمة الأسهم التي يشارك فيها برأس مال الشركة، بحيث لا تمتد مسؤوليته الى أمواله الأخرى غير المستثمرة في الشركة، ومثل هذا الأمر يشجع المستثمرين للمساهمة في هذه الشركات، لأن تحديد مسؤولية المساهم عن التزامات الشركة عندما تكون بقدر قيمة أسهمه يؤدي الى شعوره بالأمان لعدم تجاوز خسارة الشركة الى أمواله الأخرى. كما أن شركات المساهمة تمتاز بقابلية أسهمها للانتقال الى الغير بسهولة، أي أن المساهم في هذه الشركات لا يخضع الى قيود معينة كأخذ موافقة الشركة عند بيع أسهمه للغير، فهذه الأسهم قابلة للتداول الى الغير بسهولة، الأمر الذين يمكن المساهم في هذه الشركات من بيع أسهمه للغير، والاستفادة من فرص ارتفاع قيمة الأسهم لتحقيق أرباح من ذلك.

وقد نظم المشرع العماني الشركة المساهمة في الباب الثالث من قانون الشركات رقم (18) لسنة 2019، وخصص لذلك المواد من (88) لغاية (233) تناول فيها إجراءات تأسيس الشركة، ورأس مال الشركة وتغيير رأس مال الشركة، وإدارة الشركة ومراقب حسابات الشركة.

وسوف تقتصر في هذا المقال على بيان مسؤولية المساهم في الشركة المساهمة.

تكون مسؤولية المساهم في الشركات بالمساهمة، بالاستناد الى المادة (88) محدودة ويكون فيها مسؤولا عن ديون الشركة والتزاماتها بمقدار قيمة الأسهم التي يشارك فيها برأس مال الشركة. وقد نصت على ذلك المادة (88) بالقول: ((...ولا يسأل المساهم إلاّ بقدر مساهمته في رأس المال)).

وحكم المادة المذكورة يسري على كل المساهمين في الشركات المساهمة بما فيهم المؤسسين. وهذا يعني أن مسؤولية المساهم في الشركة المساهمة لا تمتد الى أمواله الخاصة غير المستثمرة في الشركة كما هو الحال بالنسبة الى الشريك المتضامن في شركة التضامن حيث يكون الشركاء مسؤولين بجميع أموالهم عن التزامات الشركة، كما قضت بذلك المادة (60) بالقول : ((... يكونون مسؤولين بالتضامن في جميع أموالهم عن التزامات الشركة ))، وكذلك الحال بالنسبة للشركاء المتضامنين في شركة التوصية حيث قضت بذلك الفقرة (1) من المادة (77) بالقول: ((...1. شريك متضامن أو أكثر يكونون مسؤولين بالتضامن في جميع أموالهم ع التزامات الشركة ...)).

فالمساهم في الشركات المساهمة لا يضمن ديون الشركة في كل أمواله مثلما هو الحال بالنسبة للشريك المتضامن في شركات التضامن والتوصية وإنما تنحصر مسؤوليته عن تلك الديون بمقدار قيمة الأسهم التي اكتتب بها برأس مال الشركة، وهو من هذه الناحية يشابه مركز الشريك الموصي في شركة التوصية، كما قضت بذلك الفقرة (2) من المادة (77) بالقول ((... 2. شريك موص أو أكثر تكون مسؤوليتهم عن التزامات الشركة بقدر مشاركتهم في رأس المال، على أن يحدد مقدار تلك المشاركة في وثائق التأسيس)). وكذلك تكون مسؤولية الشركاء في الشركات المحدودة المسؤولية، بالاستناد الى المادة (234) بقدر حصصهم في رأس مال الشركة. وقد نصت على ذلك بالقول: ((...وتقتصر مسؤوليتهم عن التزامات الشركة بقدر حصتهم في رأس المال...)). وأيضا تكون مسؤولية مالك شركة الشخص الواحد عن التزامات الشركة محدودة بمقدار رأس المال المخصص للشركة ولا تتعداها لأمواله الأخرى غير المستثمرة في الشركة. وقد نصت على هذه المسؤولية المحددة المادة (293) بالقول: «لا يسأل المالك عن التزاماتها إلاّ بمقدار رأس المال المخصص لها».

والمساهم في الشركات المساهمة لا يكتسب صفة التاجر تبعا لا كتساب الشركة هذه الصفة، وبالتالي فلا يشهر إفلاسه بإفلاس الشركة المساهمة، إلاّ أن ذلك لا يمنع من أن يكتسب المساهم صفة التاجر عن أعمال تجارية يمارسها لحسابه الخاص كما لو كان لديه متجر يمارس فيه أعمالاً تجارية. على وجه الاحتراف، وحتى في هذه الحالة، إذا ما اكتسب المساهم صفة التاجر، فلا أثر لإفلاس الشركة المساهمة عليه، بمعنى آخر، أن إفلاس شركة المساهمة لا يؤدي الى إفلاس المساهم وان كان قد اكتسب صفة التاجر نتيجة احترافه أعمالا تجارية يمارسها على حسابه الخاص.

واعتبار مسؤولية المساهم عن التزامات الشركة، محددة بمقدار قيمة أسهمه في الشركة المساهمة يعتبر من النظام العام، التي لا يجوز الاتفاق على خلافها في عقد تأسيس الشركة، كما أن هذه المسؤولية المحددة للمساهم، هي التي تساعد الشركات المساهمة في الحصول على الأموال لتكوين رؤوس أموالها، لأنها تشجع الناس على استثمار أموالهم في هذه الشركات.