1295937
1295937
المنوعات

مقهى بلوزداد.. عندما يكون التاريخ ماثلاً على الجدران

20 أغسطس 2019
20 أغسطس 2019

الجزائر «العمانية»: ارتبط اسم محمد بلوزداد في الذاكرة الشعبية الجزائرية، بحي بلكور العريق، وسط الجزائر العاصمة. وقد كان هذا المناضل الذي وُلد عام 1924م، معروفاً بعدم مهادنته للاستعمار الفرنسي، حيث أسّس المنظمة الخاصة شبه العسكرية، التي أمر حزب الشعب بإنشائها، لتكون نواة الكفاح المسلّح في الجزائر، وذلك سنة 1947. وتولى بلوزداد قيادتها إلى غاية 1949م، وهو التاريخ الذي أُصيب فيه بمرض السل، والذي جعله يدخل مرحلة طويلة من العلاج والمعاناة، انتهت بوفاته سنة 1952م.

ومن المعالم التاريخية، التي ما زالت تحمل اسم ذلك المناضل، مقهى بلوزداد، والذي يتوسّط الشارع الرئيسي لهذه البلدية التي تخلّت، بعد استقلال الجزائر، عن اسم «بلكور» المرتبط بالفترة الاستعمارية، لتحمل اسم «محمد بلوزداد».

يتميّز هذا المقهى بمحافظته على طابعها الشعبي، وألوانه ذات الدلالة الكبيرة، وبخاصة الأحمر والأبيض، اللذين يرمزان لألوان الفريق الكروي العريق، «شباب بلوزداد»، الذي تأسّس عام 1962م، والذي يُعدُّ من العلامات المميّزة في تاريخ هذا الحي، نتيجة الإنجازات الكروية التي حقّقها طوال مسيرته الكروية. كما أنّ مقهى بلوزداد يعدُّ الوجهة المفضّلة لشرائح واسعة من الجمهور، خاصة من كبار السن، والذين يقضون الساعات الطويلة وهم يستمتعون بتناول المشروبات، وذلك على وقع تشكيلة من الرموز والصور والألوان التي تتقدّمها صور محمد بلوزداد بأحجام مختلفة.

ومن أشهر الجداريات الموجودة داخل المقهى، صورة تُجسّد واحدة من معارك الكفاح الجزائري المسلّح ضد الاستعمار الفرنسي، يتوسّطها «بورتريه» محمد بلوزداد وهو ينظر إلى الجزء الثاني من الجدارية التي تُجسّد مجموعة من الشباب يحتفلون بالاستقلال وهم يحملون الرايات الوطنية، وكأنّه يريد أن ينطق ليقول: «كنت على يقين بمجيء هذه اللحظة التاريخية الفارقة في تاريخ الجزائر، رغم أنّ العمر لم يُمهلني حتى أتقاسمها معكم».

ويُمكن لمرتادي المقهى أن يقرأوا أسفل هذه الجدارية نبذة عن مسيرة بلوزداد تبدأ بسنة 1944م، التي شكّلت نقطة فارقة في تاريخه النضالي، حين انضم إلى لجنة شباب بلكور في حزب الشعب الجزائري، ثمّ اللّجنة المركزية للجزائر الكبرى. كما تستعرض الجدارية محطات أخرى من مسيرة بلوزداد الحافلة بالإنجازات، والتي يُذيّلها كاتب الجدارية بعبارة «المجد والخلود لشهدائنا الأبرار».

ولمنح المقهى شحنة عاطفية مركّزة، آثر القائمون عليه طلاء جدرانها باللّونين الأحمر والأبيض، وحتى الكراسي والطاولات تمّ اختيارها على هذا الأساس، لتكون منسجمة مع طبيعة المكان ومخزونه الوجداني.

كما تزيّنت الجدران بألوان أقمصة الفريق الرياضي لشباب بلوزداد، فضلاً عن صور أشهر اللاعبين الذين تقمّصوا ألوان هذا الفريق خلال مسيرته. ويذكر بعض مرتادي المقهى، لوكالة الأنباء العمانية، أنّ هذا المكان يختزنُ الكثير من الذكريات التاريخية المؤثّرة، حيث يؤكّدون أنّه أكبر شاهد على تلك الأفراح التي صنعها فريقهم الكروي، ناهيك عن رمزيته التحرُّرية، وهو ما يتجلّى بوضوح في قوافل الشهداء الذين دفعتهم بلدية بلوزداد في سبيل تحرير الجزائر من نير الاستعمار الفرنسي.