1293894
1293894
عمان اليوم

مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية تطلق مشروعا سكنيا تجاريا بمسقط قبل نهاية العام

18 أغسطس 2019
18 أغسطس 2019

إعادة صياغة العمل الوقفي بشكل مؤسسي -

كتب : سيف بن سالم الفضيلي -

عندما تكون الفكرة طيبة ونابعة من ثلاثية (الصدق، الإخلاص والأمانة) فإنها لا شك ستكون نافعة ونفعها سيعم وسيخلّد ذكرها ويستمر عطاؤها، وما مشروع مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية إلا أنموذج لذلك. وعندما تقوم مؤسسة على يد مؤسس فقيه حبر علامة قدوة وهو سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة فما عسى أن يكون منهجها وأهدافها وكيف تكون خطاها وخططها وبرامجها؟.

لقد أخذت المؤسسة على عاتقها تحقيق أهداف سامية ونبيلة تتمثل في خدمة العلوم الإسلامية ودعم المحتاجين من طلبة العلم ورعاية ذوي الظروف والأوضاع الإنسانية وخدمة الدعوة الإسلامية والتراث الإسلامي. ويكشف اللقاء الذي أجريناه مع خليل بن أحمد الخليلي وأحمد بن صالح الراشدي الرئيس التنفيذي للمؤسسة عما تقوم به هذه المؤسسة التي لم تكمل عامها الأول بعد عن آلية عملها الوقفي فهي تبدأ من مساهمة المجتمع في الأعمال الوقفية بالتعاون مع المؤسسة (المال أو الفكرة أو الجهد)، ثم تقوم المؤسسة بتنمية هذه المساهمات في مختلف المجالات وفقا للضوابط الشرعية في الوقف وتثميره وتأجيره، ثم تدار الأصول الموقوفة واستثمارها بما يحفظ استمرار ريعها للأجيال المتعاقبة، ثم ان عوائد الاستثمار يتم صرفها في المشاريع الخيرية وصرفها في الأوجه الأربعة التي حددها المؤسس، والمشاريع الاستثمارية من خلال تثمير العوائد لضمان ريعها.

وأكد خليل الخليلي أن فكرة تأسيس هذه المؤسسة قائمة على التشارك من قبل الجميع من المجتمع لتعود فائدتها أيضا الى المجتمع، وقد فتح الباب على مصراعيه للجميع، فالذي يمكنه ان يشارك هو صاحب المال سواء كان هذا المال نقدا او كان عين أصل تجاري او زراعي او صناعي او أي نوع من الأنواع بحسب ظروف المؤسسة وفق معايير محددة لا بد من الانضباط بها كأن تكون الأصول هنا في متناول اليد لا ان تكون الأصول بعيدة وإدارتها متعذرة، مشيرين الى ان هذا الذي كان من مختلف القطاعات فبعضها رفد المؤسسة بكوادر بشرية، وبعضها رفدها بخدمات قانونية وإعلامية وتسويقية وغيرها.

وعن المشاريع التي سترى النور قريبا اوضح الخليلي ان «المؤسسة حرصت منذ بداية تأسيسها ان تنهج نهج مؤسسات، فقد انشأنا خطة عمل قصيرة الأمد وطويلة الأمد بالاستعانة ببيت خبرة في اعداد هذه الخطة وتم اعتمادها ومراجعتها من مجلس الإدارة، في هذه الخطة حددنا مشاريعنا وما هي أنواعها التي نركز فيها في مراحل السنوات المتعددة..

مضيفا ان هذه الشركة أعلنت انها ستعطينا خطة خدمات استراتيجية لمدة عام كامل، وهذه شراكة جميلة جدا وان كان ليس فيها نقد ملموس ولكن فيها تأثير كبير جدا يتعدى حال النقد وأكثر،كما عملنا شراكات مهمة جدا في العمل المؤسسي فقد تعاقدنا مع شركات للتدقيق المالي خارج المؤسسة كذلك حرصنا على تغطية الجانب القانوني بعمل شراكات مع أحد المكاتب القانونية للتغطية، وحسب خطة العمل هناك مشروع سيطلق خلال الربع الأخير من هذا العام وهو في مراحله الأخيرة يتمثل في مشروع تجاري سكني في غلا مساحته تقريبا 5 آلاف متر مربع ويخدم كل الأهداف، علاوة على ذلك انتهينا من انهاء النظام الأساسي للمؤسسة وأقر من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وانتهينا من إعداد خطة مالية لهذا العام وهي مرتبطة بخطة العمل وبعض المهام الرئيسية» .

وأشاد بتجاوب المجتمع مؤكدا ان «الخير موجود في المجتمع بشكل كبير لكن يحتاج الانسان الى طرق الباب بطريقة صحيحة، الذي يذهب الى المجتمع بوضوح وخطة ممنهجة فالمجتمع مستعد وجاهز، هنا نستطيع القول ان التجاوب مميز من الناس فعلا وفيهم الخير وبمختلف المستويات، هم يطبقون قول الله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته ...) هذا الشيء الذي لمسناه من المجتمع، وأكثر من التجاوب المادي دخول المجتمع في جو المؤسسة فالتعاطف موجود والحب للخير ظاهر». وتطرق الخليلي الى معوقات اعترضت او تعترض طريق المؤسسة فقال: ان «مشروع المؤسسة مشروع جديد والجدة بحد ذاتها هي معوق فكلما ذهب الواحد الى أي جهة من الجهات يحتاج انه يشرح ويوضح ويأخذ ويعطي حتى تستوعب تلك الجهة عمل هذه المؤسسة ونظامها الجديد، فهذا تحد حقيقي، لكن الأيام ان شاء الله كفيلة بأن نتجاوز هذه التحدي، ونحن نقوم بإيضاح ما يميز عمل المؤسسة بإعادة صياغة العمل الوقفي بشكل مؤسسي وهذا ما يميزنا عن العمل الوقفي التقليدي –إن صح التعبير- نحن ننطلق من مساهمة الناس للمؤسسة وكانت مساهمة المؤسس حفظه الله مساهمة كبيرة جدا ودافعة فهذه إحدى المساهمات وكما وجّه سماحة الشيخ ان يفتح المجال للجميع للدخول في هذه المؤسسة بما يخدم الوقف.

ومن جانبه قال أحمد بن صالح الراشدي الرئيس التنفيذي للمؤسسة ان « فكرة الوقف هي الحبس، يحبس رأس المال، بحيث لا يستطيع أحد بيعه او التنازل عنه او نقل ملكيته، ولكن ما نفعله هو أفضل وأحسن من صرفه لأننا ننظر الى المدى البعيد، نحن نستثمر هذا الوقف من أموال الشراكات التي تأتينا من الجهات حكومية او غيرها نستثمرها ونديرها بحيث نتأكد اننا نحصل على أضخم عائد منها في إدارتنا لها، ونعمل على إنشاء لجنة استثمار لتساعدنا على وضع خطط استثمار للمؤسسة وتلك العوائد لا تصب جميعها في الأهداف الخيرية، وانما جزء منها للمحتاجين وغيرها من الأهداف وجزء ثانٍ من هذه العوائد تصب مرة أخرى في المؤسسة نفسها وهذا حقيقة ما يميز هذه المؤسسة عن باقي المؤسسات لأن هناك أناسا أوقفوا اوقافا تؤخذ العوائد للموقوف عليهم فقط، لكن نحن نستثمر في رأس المال بهذه الطريقة نضمن أولا ان نكبر ورأسمال المستثمر يزيد كذلك، ونؤمن بأنه كلما كان رأس المال اكبر واقوى استطعنا المساعدة أكثر فأكثر فهذه المعادلة ضبطناها وأحكمناها بحيث انها تكون موجودة دائما ويحافظ على الديمومة والاستدامة وهذا يميز الوقف بشكل عام فالوقف يدخل تحت الصدقة الجارية لا يأتي يوم ويختفي، وبهذه الطريقة نحن نحافظ على مساهمة الآخرين، وننمي هذه المساعدة فتكبر شيئا فشيئا ليزداد أجر هذا ولن ينقطع هذا الأجر بإذن الله، ولدينا كذلك مقومات الاستمرارية، خططنا التي رسمناها انها تبقى الى خمسمائة سنة وأكثر بإذن الله ومؤسستنا تقوم على لوائح ووظائف ومهام تضمن لها الاستمرارية،

ولم نغفل دور الإعلام فقد استخدمنا آلات إعلامية بداية من خلال التواصل الاجتماعي، ونقوم حاليا بعمل إعلانات في الطرق، وكذلك جهزنا موقعا الكترونيا وسنقوم بتدشينه قريبا». وعن فكرة استقطاب سفراء للمؤسسة في مختلف محافظات السلطنة اشار الراشدي : بدأنا فعليا في ذلك، هناك سفراء بدأوا ينضمون الى المؤسسة لكن نأمل أن تغطي المحافظات كلها حيث لم نصل بعد لذلك، فموضوع التأسيس أخذ وقتا كبيرا جدا. وردا على سؤال فيما يتعلق ببدء المؤسسة بصرف شيء منذ إشهارها الى اليوم فأجاب: هناك حالات استثنائية استثنتها المؤسسة نظرا لموافقة الذين بذلوا وكانت المساهمة في الأنواء المناخية في محافظتي ظفار والوسطى العام الماضي وهذه كانت قضية وطنية تهم الجميع وأيضا الذين ساهموا كانوا على علم بأن المبلغ سيصرف لهذا الغرض، وهناك مساهمات أخرى، نوع من الرعايات من قبل المؤسسة على سبيل المثال المساهمة في فعالية (تعارف) التي نظمتها دائرة التعريف بالإسلام والتبادل الثقافي بمكتب الإفتاء وكانت المساهمة علمية وكانت تصب في صميم اهداف هذه المؤسسة والدافع الذي دفع المال حدد انها تصرف في الجانب العلمي، وهناك أنواع أخرى من الصرف في ندوات علمية تم تنفيذها في خدمات المؤسسة لنشر الوعي الفقهي حول مسألة الوقف، والمؤسسة حصلت على رعايات من القطاع الخاص.ووجه الراشدي رسالة الى المجتمع قائلا: الانسان عمره قصير ومحدود، ولا بد ان يأتي يوم وينتهي هذا العمر، فكما ان الواحد منا دائما مشغول في الاستثمار والاستغلال في أي فرصة تأتيه فلا بد ان يفكر أيضا في الاستثمار في هذا الجانب، يريد ان يكون اجره متواصلا غير منقطع، وهذه فرصة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم حث الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فتسارعوا في موضوع الصدقة الجارية لفهم معنى هذه الصدقة الجارية، ومعنا في عمان مثلا دخلوا في أدق تفاصيل الصدقة الجارية فها هو أحدهم يوقف نخلة او أثرا، وآخر استحدث وابتكر (جلبة دابة الضيف) يأتي الضيف وعنده دابة فمن يهتم بهذه الدابة فصارت هذه الجلبة خاصة لإطعام هذه الدابة، ووقف آخر فيه تفصيل عميق (وقف خاص بقتل الدبيان والزواحف الضارة) وهذا دليل على مستوى رقي كبير جدا في التفكير، وهناك وقف (حلوى للأطفال الفقراء) وقت الأعياد والمناسبات، ووقف الأواني فكرته ان كل آنية يكسرها طفل صغير تستبدل بآنية أخرى، حتى لا يضرب الطفل، وغيرها من أعمال الوقف.