1293564
1293564
المنوعات

الزراعة أيضا أحد أسباب الاحتباس الحراري

17 أغسطس 2019
17 أغسطس 2019

جنيف ـ «د ب أ»: تعتبر الزراعة وتربية الماشية وقطع الغابات مصدرا لنحو 25% من انبعاثات غازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. تساهم الحيوانات المجترة مثل الأبقار في هذه الانبعاثات لأنها أثناء عملية الهضم تقوم بطرد الغازات وتوليد الميثان، وهو غاز أكثر ضررًا بكثير من حيث تلوث الهواء من ثاني أكسيد الكربون (CO2).

يقول ماركوس ريتر رئيس الجمعية السويسرية للمزارعين ومربي الماشية: «لا يمكنك منع انتفاخ الأبقار أو التجشؤ». إذن ما الذي يمكن عمله في عالم الزراعة للمساهمة في حماية البيئة؟ في تصريحات لوكالة الأنياء الألمانية (د ب أ) أوضح كل من «الموت ارينث» و«الكسندر بوب»، المؤلفان المشاركان للتقرير الخاص بالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن «هناك العديد من الطرق لجعل الزراعة مستدامة، وفي نفس الوقت أقل ضررًا بالبيئة. في هذا السياق، فإن المستهلك مهم أيضًا».

يحمل التقرير عنوان «تغيير المناخ والأرض: تقرير خاص للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، بشأن تغير المناخ والتصحر وتدهور التربة والإدارة الزراعية المستدامة والأمن الغذائي وتأثير تيارات الغازات المسببة لظاهرة تأثير الصوبة وأثرها على المنظومة الإيكولوجية الأرضية». ومن المقرر تقديمه في جنيف، ضمن فعاليات تتضمن مناقشة تأثير الزراعة على البيئة والأمن الغذائي، ضمن موضوعات أخرى. يؤكد بوب، عضو معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ (PIK) في ألمانيا أن «مسألة استخدام الأراضي تتطلب اهتمامًا خاصًا» ويضيف «إذا سار تطور الأمور على النحو الجاري حتى الآن، فمن المنتظر أن يصل تعداد سكان العالم في المستقبل إلى تسعة مليارات نسمة على الأرض، ومع استمرار الدول الأفريقية والصين في محاكاة نمط الاستهلاك في الدول الغربية، فستكون هناك مشكلة كبيرة». من جانبها، تحذر ارينث، باحثة النظم البيئية في معهد كارلسروه للتكنولوجيا في ألمانيا «مساحة الأرض محدودة، ويزداد عدد السكان، وتُخصص مساحة أكبر لإنتاج الغذاء والألياف لصنع الملابس». كما توضح «عندما يزداد الرفاه، يتغير نمط الاستهلاك فيتم تناول كميات أكبر من اللحوم، على سبيل المثال. الحقيقة هي أن استخدام الأراضي يؤثر على تغير المناخ إما من خلال تسميد التربة وانبعاثات غاز الميثان من الماشية المجترة أو بإزالة الغابات. والسؤال هو كيف نتمكن من وضع نظام داخل كل ذلك».

يقول العالمان الألمانيان «قد يسهم البشر من خلال مجرد تغيير أسلوب تغذيتهم وإدارة مواردهم الغذائية بصورة مختلفة، إسهامًا كبيرًا في حماية البيئة». يشير بوب إلى مدى صحة استرجاع عادة تناول اللحوم يوم الأحد فقط، لأن هذا من شأنه أن يقلل من استهلاك المنتجات الحيوانية.

وتقول ارينث «إذا قل الاعتماد على المجترات، فستكون هناك مساحة أكبر لزراعة الغذاء كما ستتراجع إزالة الغابات»، مضيفة أن وزارة البيئة الألمانية ذكرت أن ما مجموعه أربعة مليارات و580 مليون هكتار، أي ما يعادل 6ر91% من المساحة الزراعية في العالم تستخدم في المراعي أو لإنتاج الغذاء للحيوانات. استهلاك كميات أقل من اللحوم يعني حيوانات أقل وهذا يؤدي إلى انخفاض انبعاثات الميثان. في المقابل، سيتم تخصيص مساحة أقل للمراعي وإنتاج العلف. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للناس سيكونون أكثر صحة ويمكن تخصيص مساحة أكبر لزراعة الأغذية، والتي من شأنها أن تسهم في مكافحة الجوع. سيكون الوضع الذي يفوز فيه الجميع.

تقدر وزارة البيئة الألمانية أن إنتاج كيلو واحد من الخضروات الطازجة يولد ما يعادل 153 جراما من ثاني أكسيد الكربون. وإذا كان المحصول يعتمد على الزراعة الحيوية أو العضوية، فإن النسبة تنخفض إلى 130 جراما. في المقابل، فإن كيلو واحد من اللحم البقري يولد 12.311 جراما من ثاني أكسيد الكربون. وإذا كان الإنتاج يتم وفق معايير بيئية حيوية، فإن النسبة تنخفض إلى 11.374 جراما.

وتنتقد المنصة الحكومية الدولية للتنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية الحيوية، وهي مؤسسة تابعة للأمم المتحدة، الدعم المخصص للسياسات الزراعية. وتقدر هذه الهيئة أنه في عام 2015 تم تخصيص 100 مليار دولار كإعانات لزراعات يحتمل أن تكون ضارة.

وما الذي يمكن عمله في ألمانيا؟ تشير البروفيسورة أرنيث إلى أن الإعانات الزراعية في البلاد لا تسهم حقًا في الاستخدام المستدام للأراضي. بالإضافة إلى ذلك، من وجهة نظرها، استهلاك اللحوم مرتفع للغاية ويهدر الكثير من الطعام إما في المنازل لأنه تم شراؤه أزيد من الحاجة اللازمة وإما لأنه فسد بسبب نقله لمسافات طويلة من المزارع في الريف إلى منافذ البيع بمحلات السوبر ماركت. تضيف أرنيث أنه يتعين على المستهلكين أن يسألوا أنفسهم: هل أحتاج حقا هذا القميص الجديد أم يمكنني أن استمر في استخدام قميص الموسم السابق؟. تستخدم في زراعة القطن على سبيل المثال، المبيدات الحشرية وهناك حاجة إلى الكثير من الماء. ولكن أليس صحيحًا أيضًا أن ارتداء ملابس وتناول طعام حيوي يعتبر أكثر تكلفة كما يعتقد الكثير من الناس؟ ومع ذلك فإن البروفيسرة أرنيث، لا ترى الأمر على هذا النحو، حيث تقول «أنا مقتنعة بأن نمطا استهلاكيا أكثر مسؤولية يجب أن تكون تكلفته أغلى بالضرورة». وفقًا لألكساندر بوب، في ألمانيا، فإنه بالإضافة إلى التغيير في سلوك المستهلك، من المهم بشكل خاص «حماية مستنقعات صرف المياه، لأنها تعد مصدرا لتجمع الكربون، وهذا الكربون سوف ينطلق مع تجفيف هذه البحيرات لاستخدام الأراضي في الزراعة، وهذا أمر يجب التصدي له بأي ثمن». ترغب وزارة البيئة الألمانية، بحلول عام 2030، في تقليل ما بين 11 و 14 مليون طن من الانبعاثات السنوية من غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة بمستويات عام 2014. ولهذا الغرض، يتم التفكير في استخدام أفضل للنفايات الزراعية في منشآت الغاز الحيوي، وتخصيص المزيد من الأراضي للمحاصيل العضوية واتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية أراضي المستنقعات من التجفيف.