1292783
1292783
الاقتصادية

هونج كونج لا تزال بوابة بكين على العالم رغم ازدهار الاقتصاد الصيني

16 أغسطس 2019
16 أغسطس 2019

سجلت نموا للناتج المحلي بنسبة 0.5 % -

هونج كونج, (أ ف ب) - تبقى هونج كونج البوابة الاقتصادية الرئيسية لبكين على العالم رغم أن وزن المدينة في الاقتصاد الصيني تراجع عما كان عليه عام 1997 عند عودتها إلى الصين.

وحذرت كاري لام رئيسة السلطة التنفيذية المحلية المعينة من بكين مؤخرا من أن الأزمة السياسية التي تهز المستعمرة البريطانية السابقة على وقع التظاهرات المطالبة بالديمقراطية، قد تعرض للخطر اقتصاد هونج كونج وتكون لها عواقب أسوأ من تبعات الأزمة المالية عام 2008. وستكون لمثل هذا الوضع حتما انعكاسات على بكين. ولا يمثل إجمالي الناتج القومي لهونج كونج حاليا سوى 3% من إجمالي الناتج القومي الصيني، بالمقارنة مع حوالى 18,5% عام 1997، بحسب معطيات البنك الدولي. لكن المستعمرة البريطانية السابقة تحتفظ بموقع مهيمن بالنسبة للقوة الاقتصادية الثانية في العالم. وأوضح تيانلي هوانج في تحليل أصدره معهد بيترسون للاقتصاد الدولي الذي يتخذ مقرا له في واشنطن، أن «أهمية هونج كونج في الاقتصاد الصيني غير متناسبة مع حجمها» الذي لا يتعدى 1100 كلم مربع.

وتابع أن بكين عمدت منذ 1997 إلى «تطوير مصالحها الاقتصادية والتجارية الهائلة في هذه المنطقة. ويدرك القادة الصينيون أنه لضمان ازدهارها، الصين بحاجة على الدوام لهونج كونج رأسمالية». وما يعزز ذلك أن بعض القادة الصينيين يملكون شخصيا أموالا في مصارف هونج كونج واستثمارات مباشرة في المدينة سواء في القطاع العقاري أوفي شركات ومحلات تجارية. وقال المحلل في الجامعة الصينية في هونج كونج ويلي لام «هناك استثمارات كثيفة في هونج كونج لما يعرف بالأرستقراطية الحمراء» مضيفا «لا يودون انهيار سوق البورصة والسوق العقارية». وتتمتع المدينة ذات الحكم شبه الذاتي بمزايا عديدة تجتذب رواد الأعمال الصينيين.

فهي مدرجة في المرتبة الرابعة من تصنيف البنك العالمي لسهولة مزاولة الأعمال للعام 2019، في حين تأتي الصين في المرتبة الـ46 من هذا الترتيب. وتستفيد آلاف الشركات الصينية بالتالي من سهولة تنقل الرساميل في هونج كونج خلافا للوضع في باقي البلاد الذي لا يتمتع بالمرونة نفسها على صعيد التشريعات. وهذا ما تعكسه الأرقام المتعلقة بتداخل اقتصادَي هونج كونج والصين القارية. فبحسب بيانات مجلس هونج كونج للتنمية والتجارة، فإن نحو 60 بالمائة من الاستثمارات القادمة من الصين تمر عبر هونج كونج، كما أن المدينة تضخ رساميل ضخمة في الاقتصاد الصيني، إذ أنها أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين القارية، بحسب المصدر ذاته.

تعتبر هونج كونج من المراكز المالية الكبرى في العالم ويجري التداول بأسهم قسم كبير من الشركات الصينية في سوقها المالية، بحسب بيانات بورصة «هونج كونج إكستشينج أند كليرينج ليميتد».

كما يتم تداول أسهم شركة الإنترنت العملاقة «تينسينت» وشركة التأمين الكبرى «بينج أن» في هونج كونج. وتدرس مجموعة «علي بابا» العملاقة الصينية للتجارة الإلكترونية المدرجة في بورصة نيويورك عملية ثانية لطرح أسهمها في المستعمرة البريطانية السابقة لضمان وصولها إلى المستثمرين الآسيويين وسط الحرب التكنولوجية القائمة بين بكين وواشنطن.

وفي حال استمرت حركة الاحتجاجات ضد بكين، فإن عواقبها قد تنعكس بشكل مباشر على الشركات الصينية المدرجة في بورصة هونج كونج.

وقال الأستاذ في جامعة العلوم والتكنولوجيا في هونج كونج مينج سينج: إن «قدرة (المدينة) على جمع رساميل للشركات الصينية ستقوَّض في حال استمرار الاضطرابات السياسية».

وينص الاتفاق الصيني البريطاني الذي يعود إلى 1984 وتمت بموجبه إعادة هونج كونج إلى بكين على وضع خاص للمدينة يقوم على مبدأ «بلد واحد ونظامان»، ويفترض أن يبقى ساريا لمدة خمسين عاما.

وهذا الحكم الذاتي يوفر الأمان على مستوى التشريعات لآلاف الشركات الأجنبية من مصارف وشركات تأمين واستشارات، كما لمئات الشركات الصينية أيضا، خلافا لما هي الحال في البر الصيني.

وقال ويلي لام إن «الشركات المتعددة الجنسيات الأمريكية والأوروبية والآسيوية تود توقيع عقودها في هونج كونج لتكون خاضعة لقوانين وتنظيمات على الطراز البريطاني» في حين أنه «إذا تم التوقيع في شانغهاي، لن تحصل على حماية مماثلة».

وقالت حكومة هونج كونج أمس إن اقتصاد المدينة نما 0.5 بالمائة في الربع الثاني مقارنة مع الفترة نفسها قبل عام، بما يقل على نحو طفيف عن تقديرات أولية، لكن الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين وتنامي الاضطراب السياسي يذكيان المخاوف من أن المركز المالي قد ينزلق سريعا صوب الركود.

وتمثل الأرقام التي خضعت للتعديل أبطأ وتيرة نمو للمدينة منذ حدوث الأزمة المالية العالمية قبل عشر سنوات، وانخفض النمو قليلا مقارنة مع قراءة أولية عند 0.6 بالمائة والوتيرة البالغة 0.6 بالمائة المسجلة في الربع الأول.

وفي ظل تنامي الضغوط الداخلية والخارجية، أكدت الحكومة أيضا خفضها لتوقعات النمو لعام 2019 بالكامل إلى نطاق بين صفر بالمائة وواحد بالمائة من النطاق السابق البالغ ما يتراوح بين اثنين وثلاثة بالمائة، وهو ما أشارت إليه امس حين أعلنت عن حزمة تحفيز اقتصادي متواضعة.

وعلى أساس فصلي، انكمش الاقتصاد بوتيرة مُعدلة في ضوء العوامل الموسمية نسبتها 0.4 بالمائة، بما يزيد قليلا عن تقديرات أولية بانكماش نسبته 0.3 بالمائة، وبما يمثل تراجعا من نمو نسبته 1.3 بالمائة في الربع الأول.

وأغرقت المواجهات التي يزيد عنفها منذ أشهر بين الشرطة والمحتجين مركز الأعمال العالمي في أسوأ أزماته منذ استعادت الصين حكم المدينة من بريطانيا عام 1997.

وألغى السياح حجوزات، ويتوقع تجار التجزئة انخفاضا حادا للمبيعات وتراجعت سوق الأسهم، مما يُضاف إلى الضغط الذي تتأثر به المدينة نتيجة تباطؤ اقتصاد الصين.