1283230
1283230
عمان اليوم

لعبة البوبجي.. بين التسلية والترفيه ومخاطر الإدمان لمستخدميها

02 أغسطس 2019
02 أغسطس 2019

وجودها على الهواتف النقالة سهّل انتشارها -

استطلاع - علي الكلباني -

تعيش الألعاب الإلكترونية هذه الأيام ذروة نشاطها؛ بسبب انتشار الهواتف النقالة والحواسيب في كل مكان بين الكبار والصغار، حيث انتشرت فجأة لعبة «البوبجي» من بين الكثير من الألعاب بسبب شغف وكثرة محبيها على صعيد الألعاب الرقمية كما تحظى بعدد هائل من التحميل يجاوز تحميل بعض مواقع التواصل الاجتماعي نفسها. كما أن هذه اللعبة انتشرت بين الشباب والأطفال بشكل واسع جدا، وهي تستنزف وقتا كثيرا فبعض الشباب أدمنوا عليها إدمانا جعل منهم مقصرين في حقوق أهلهم ودراستهم وتدنت مستويات الطلبة لكثرة انشغالهم بالبوبجي. ولا ننسى أن كثرة استخدام الأجهزة الإلكترونية يؤثر بشكل كبير وسلبي على الصحة ، وأصبح الكثير من أولياء الأمور والمدرسين يطالبون بحجب هذه اللعبة لما شاهدوه من أثر سلبي كبير على أبنائهم ومستوياتهم التعليمية وانشغال الشباب بها. وصدر عن لعبة «البوبجي» من الجهات الدينية حكم شرعي يحرم اللعبة بسبب تأثيراتها السلبية الواسعة، وفي هذا الاستطلاع نلقي الضوء على أبرز الجوانب والرؤى.

ففي مقابلة تلفزيونية في قناة عمان تحدث فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة عن حكم لعبة «البوبجي» قائلا: إن هذه اللعبة الإلكترونية لا يصدق عليها شيء من الشروط الشرعية المباحة للتسلية والترفيه ؛ لأنها مفضيه للإدمان على هذه الألعاب وصارفة للذهن والنفس، بحيث إنها تأسر الشخص وتستهلك وقته، وتورثه أضرارا نفسية وصحية وعقلية وخلقية. وأضاف: إن أضرار مثل هذه الألعاب أعظم من مجرد الترويح عن القلب فخرجت المسألة عن ترويح القلوب واللعب المباح إلى ما يأسر الفرد ويجعله شاردا عن عالم الحقيقة وتجعله أيضا منصرفا كليا إلى هذه اللعبة غير مدرك لما حوله لا من فروض العبادات ولا من الحقوق النفسية عليه ولا من حقوق الآخرين عليه ، كما أنها تورثه أضرارا على نفسه وصحته وروحه وعقله، مثل ما حصل مع بعض الألعاب التي أدت بهم إلى إيذاء أنفسهم أو غيرهم، حيث إن إيذاء النفس قد يصل إلى الانتحار أو إلى إيذاء الآخرين أو القتل والفتك بهم، كما أنها تغرس فيهم حب التمرد على القيم والأخلاق والاستهتار بالفضائل وتعظيم الرذائل وتعظيم أيضا ما هو مُحقر في الدين، ومنعت هذه الألعاب وحرمت شرعا. وأوضح فضيلته: ينبغي أن ندرك بأنه يناط على عاتق الأسرة الدور الرئيسي والأهم في مراقبة الأبناء وتنظيم استخدامهم للهواتف النقالة وأجهزة الحاسب الآلي؛ لأن الوقاية دائما تكون خيرا من العلاج، فمن الأفضل أن تراقب طفلك وأن تقترب منه وأن تكون بالنسبة له صديقا محببا وليس أن تكون فقط أبًا حتى تنجح دائما في حمايته من كل أنواع الإدمان، كما لا ننسى دور الجهات الدينية في توجيه الأطفال والشباب للطريق الصحيح والاهتمام في عمل حلقات دينية في المجالس والمساجد.

ومن جانبه يقول سعيد الكلباني: لعبة «البوبجي» من الألعاب الخطرة على الأطفال والشباب، حيث إن اللعبة تدفعهم لتقضية أوقات طويلة أمام الهواتف النقالة والحواسيب، كما أنها تستهلك الكثير من وقتهم وتُشغلهم عن أداء أعمالهم، وزيادة على ذلك قد تبعدهم عن الصلاة في وقتها كما أن لها أضرارا نفسية وصحية ولوحظ تدني مستويات الطلبة في الكليات والمدارس بسبب كثرة السهر وإهمال الواجبات الدراسية، كما طورت لديهم السلوكيات العدوانية والعنيفة بسبب ما يتعرضون له من محتوى عنيف في اللعبة، وتؤدي إلى إصابتهم بنوع من الإدمان عليها دون أن يدركوا ذلك. وأضاف سعيد الكلباني :« من الغريب أن هذه اللعبة قد أثرت بشكل كبير على بعض العلاقات الزوجية نتيجة اندماج أحد الأطراف في لعبة «البوبجي»، كما أثرت على علاقة مدمنيها بمجتمعهم وتركتهم في شبه عزلة».

ويضيف الكلباني: « ولا ننسى أضرار اللعبة من الجانب الصحي فمكوث المدمنين عليها لساعات طويلة جدا كافية بإلحاق الضرر بالعين من جفاف ونقص النظر، كما أن الإدمان عليها يزيد من مستويات الاكتئاب والقلق لديهم والعزلة وهذا ما أشاهده بالتحديد، أيضا نراهم يسهرون الليل طويلا غير مدركين سرعة مرور الوقت، وهذا ما يجعلهم يحصلون على عدد ساعات نوم أقل مما يتسبب في تأخرهم في الوصول إلى أعمالهم ومدارسهم وكلياتهم، وعدم إيجاد الوقت لممارسة أنشطة أخرى مثل القراءة والرياضة والتفاعل مع العائلة والأصدقاء ويضيف في هذا السياق:« أنا من المؤيدين وبشدة على المطالبة من الجهات المعنية في السلطنة بحظر لعبة «البوبجي» وحظر غيرها من الألعاب التي تحث الشباب على سلوك العنف والتمرد والانعزال.

ويقول محسن السيابي موظف في مستشفى جامعة السلطان قابوس: لا أنكر أهمية الألعاب بالنسبة للأطفال أو الشباب فهي تعتبر متنفسا لهم في تغيير جو الدراسة أو حتى أجواء العمل لما لها من تسلية ومتعة، لكن كما نعرف أن البعض يصبح مدمنا لهذه الألعاب فيمضي وقته وجهده على شاشات الهواتف النقالة أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى، كما شاهدنا مؤخرا أنها كانت سببا في تدني المستويات الدراسية لبعض الطلاب سواء طلاب المدارس أو طلاب الجامعات؛ لأن أغلب وقتهم صار يُقضى في هذه اللعبة فتُهمل الواجبات والمذاكرة. ويضيف السيابي: رأيت موظفين في العمل أصبحوا يدمنون هذه اللعبة. ومع هذا الإدمان طبعا ستكون هناك أضرار صحية خطيره مثل تأثر العينين والأضرار الاجتماعية للفرد . فيجب علينا كأولياء أمور الاهتمام بأبنائنا الطلبة ومراقبتهم في استخدام هواتفهم النقالة ومساعدتهم في تنظيم وقتهم؛ للتوفيق بين دراستهم وبين حاجتهم في الترفيه والتسلية والأخذ بيدهم في الإجازات الطويلة لاستثمار وقتهم وإلحاقهم ببرامج تعليمية أو كشفية لكي لا تكون لديهم إجازة طويلة ومملة يقضونها فقط على الألعاب، فمن وجهة نظري أرى أن للأسرة دورا رئيسيا في مراقبة أبنائهم عند استخدام أجهزتهم الإلكترونية.

وتحدث أيضا خالد العمراني محلل أمن معلومات وأخصائي تدريب وتوعية بالمركز الوطني للسلامة والمعلوماتية: إمكانية حظر لعبة « البوبجي» واردة ولكن هذا الحظر يستند على حالات ودلائل موجودة في المجتمع قد حدثت، وتستدل هذه الدلائل على أن السبب في وجود هذا النوع من المشاكل أو الجرائم هي لعبة «البوبجي». ولكن المجتمع العماني ليس كأي مجتمع آخر، ولا أعتقد أن هذه اللعبة أو غيرها من الألعاب المشابهة لها قد سببت نوعا من المشاكل والإدمان بشكل كبير جدا، وحتى لو كان الإدمان موجودا ما لم يسبب أي مشاكل في المجتمع أو نوع من الجريمة؛ فبالتالي ليس هناك داع لحظرها؛ لأن هناك ألعابا كثيرة مشابهة للعبة «البوبجي». ويضيف العمراني: نعرف أن الإدمان موجود في كل العالم ولألعاب كثيرة بما فيها لعبة «البوبجي» وهي اللعبة الوحيدة الاستراتيجية الموجودة الآن ولهذا أدمنها بعضهم. ومثل هذا النوع من الألعاب ستلعبها على أجهزة متعددة مثل البلايستيشن او الأكس بوكس وربما مما ساعد على انتشار هذه اللعبة هو انتشارها على الهواتف النقالة فسهلت على الشباب لعبها وهذا هو السبب ربما في إدمان الشباب عليها؛ لأن ألعاب القتال موجودة من فترات طويلة ولكن لم تأت لعبة قتالية متكاملة مبسطة وخفيفة ويمكن لأي أحد أن يلعبها. فإذا تكلمنا عن الإدمان فالإدمان موجود في أشياء كثيرة؛ فتجد ناسا مدمنين على كرة القدم أو أي نوع من الإدمان في الألعاب.

وأضاف: هيئة تقنية المعلومات ليس من شأنها عملية حظر اللعبة فهناك هيئات أخرى مختصة تتدخل في عملية حظر «البوبجي» ولكن من الممكن أن نرسل رسالة لو حدثت الكثير من المشاكل أو بلاغات للجهات المختصة المعنية الأخرى وهي لها الصلاحية، فهيئة تقنية المعلومات جهة غير تشريعية بل جهة توجيهية، وحتى الآن لم ترد إلينا أي بلاغات عن اللعبة أو مشاكل بسببها إطلاقا.