aasim
aasim
أعمدة

نوافذ: لهذه الأسباب لا تقاطعوا انتخابات الشورى

27 يوليو 2019
27 يوليو 2019

بقلم: عاصم الشيدي -

[email protected] -

انتشرت قبل فترة وجيزة دعوات إلكترونية لمقاطعة انتخابات مجلس الشورى المقبلة، ولقيت تلك الدعوات تفاعلا من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدث عنها الناس في مجالسهم طارحين سؤالا جوهريا: ماذا استفدنا من مجلس الشورى فعلا؟ وربما كانت الإجابة التقليدية على هذا السؤال هي وراء انتشار تلك الدعوة وتداولها. وإذا كان هذا السؤال لا يخلو من التباس موضوعي في فهم التجربة، فإن الدعوة نفسها دعوة مغرضة مشبوهة لا قيمة لها، وعلينا أن نعي خطورتها، وهذا الوعي لا بد أن يكون جماعيا أيضا.. لأن المرحلة المقبلة مرحلة لا تقبل هذا التسطيح للأشياء.

هناك تحفظات، مفهومة، على أداء مجلس الشورى خاصة في دورته الأخيرة، والحدود التي تحرك فيها، ومن حق من انتخب أعضاء المجلس أن يناقش أداءهم إن كان مثّل وجهات نظر الناخبين أو أغلبهم أم لا، وهل كانت نقاشاتهم في حدود الطموح أم لا! هذه أسئلة مشروعة جدا ولا أرى فيها أي ضير.

ولكن كل هذه الأسئلة مهما كانت إجاباتها لا تعني مقاطعة الانتخابات، فالمقاطعة لن تأتي بمجلس يلبي طموحاتنا ويعبر عن آرائنا، فالعملية الانتخابية ستتم في جميع الأحوال.

القضية الأساسية التي على جميع العمانيين أن يعوها اليوم أن مجلس الشورى لم يعد مجلسا يطالب برصف الشوارع أو مد أنابيب المياه أو تنظيف الشواطئ، بل المجلس في توصيفه الحالي مجلس تشريعي ورقابي. تشريعي بمعنى أن من حقه اقتراح مسودة قوانين تأخذ دورة قانونية معروفة حتى تقر وتصدر على هيئة قانون نافذ، أو أن تحيل له الحكومة مسودة قوانين لمراجعتها قبل أن تقر في دورة أيضا معروفة الآن. ورقابي بمعنى أن يراقب أداء الوزارات الخدمية وفق آليات حددها القانون.. هل استخدمت تلك الأدوات أم لم تستخدم فهذا أمر آخر عائد أيضا إلى أعضاء المجلس بشكل أساسي وطبعا إلى مدى تجاوب الحكومة مع طلبات المجلس. إذن فالدور الذي يقوم به المجلس الآن دور خطير إذا ما تركنا أي شخص يصل تحت قبته. ما أود قوله في هذا المقال بشكل أساسي أن مقاطعة انتخابات مجلس الشورى ليست حلا أبدا، وهي دعوات غير واعية إذا استبعدنا الجوانب الأخرى فيها. الحل الحقيقي يكمن في اختيار أعضاء المجلس على مبدأ الكفاءة وليس على مبدأ القبيلة، أو مبدأ الإغراءات المالية، الكفاءة والمعرفة وحدها هي الحل. كلما اعتمدنا الكفاءة في اختيار الأعضاء كلما كان رضانا على أداء المجلس أكبر. وعلينا أن نعي أن الأعضاء الذين سنختارهم سيقترحون قوانين في الدورة القادمة من المجلس، ويراجعون قوانين اقترحتها الحكومة وإذا لم نختر الأكفأ فهل من حقنا أن نشتكي بعد فترة أن أعضاء الشورى مرروا قوانين ضدنا أو اقترحوا قوانين ليست في صالحنا أو غاب أغلبهم في جلسة تصويت كنا نحتاج أن يكونوا فيها ويصوتوا لصالحنا؟!!

المرحلة القادمة مرحلة مهمة جدا وحساسة أكثر مما نتوقع على المستوى الوطني أو على مستوى المنطقة، فالمنطقة بأكملها على صفيح ساخن ونحن لسنا بمعزل عن عموم المشهد، ولذلك مقاطعة انتخابات الشورى نتيجتها الوحيدة وصول أعضاء ضعفاء جدا للمجلس لا يعون مخاطر المرحلة وحساسيتها.

إذا كنا نخاف على وطننا ونبحث عن مستقبل أفضل له فعلينا اختيار أفضل المترشحين للمجلس بعيدا عن اختيار القبيلة أو حضور المغريات المادية أو المحاباة.. عُمان تحتاج في المرحلة القادمة إلى مجلس قوي يعي أعضاؤه الدور الكبير المنوط بهم.