المنوعات

مشروع خيري لتحويل عربات التسوق إلى مقاعد متحركة لمساعدة المقعدين

26 يوليو 2019
26 يوليو 2019

بانكوك - (د.ب.أ): غالبا ما يشعر الأطفال الصغار بالبهجة، عندما يصحبهم آباؤهم في جولة في أنحاء المتاجر الكبرى وهم جالسون على متن عربات التسوق، جنبا إلى جنب مع مختلف المشتريات، وقد يقوم بعض المتسوقين الكبار في سعيهم لإضفاء جو من المرح على مهمة التسوق، بالتنقل بين أرفف السلع وأنحاء المتجر بداخل هذه العربة خلسة عندما تكون الأنظار بعيدة عنهم.

غير أن قلة فقط من الناس هم الذين يرون أن عربات التسوق تمثل وسيلة ذات شأن في التنقل هنا وهناك.

ومن بين هؤلاء القلة الذين يتبنون نظرة مختلفة لأداء عربات التسوق، المصمم التايلاندي آبيتشاي إنتوتسينج وشريكته أتيسانون أنجويريياساكون، فهما يريان أن ثمة مزيدا من الإمكانات التي يمكن الاستفادة منها في عربات التسوق، التي تعد من الأدوات التي تستخدم لتأدية المهام اليومية المألوفة، بحيث يمكن تحويلها إلى مقاعد متحركة تعمل بشكل أساسي لمساعدة المقعدين على التنقل، وتقوم الجمعية الخيرية التي يديرها الشريكان بتحويل عربات التسوق لأداء هذا الغرض الجديد وتقدمها مجانا للأشخاص ذوي الإعاقة، وغيرهم من المحتاجين الذين لا يستطيعون شراء مقعد متحرك مناسب.

ويقول آبيتشاي الذي يبلغ من العمر 44 عاما: «منذ بضع سنوات كانت شركتي تعمل مع متجر، وعندما رأيت عربات التسوق، خطرت لي فكرة تحويلها إلى مقاعد متحركة».

ويضيف: «لم أكن أعلم في ذلك الوقت بعد ما إذا كانت فكرتي ستحقق الهدف منها، ولكن بعد مرور نصف عام حصلت على إجازة للاستجمام والتأمل، حينئذ دار في خاطري أن كثيرا من أصحاب الإعاقات فقراء وبحاجة إلى مقاعد متحركة».

ويبلغ عدد المعوقين في تايلاند نحو مليوني شخص، وذلك وفقا للمؤسسة التايلاندية للنهوض بالصحة، وليس لدى 40% منهم وظيفة للتعيش منها.

ويتكلف المقعد المتحرك العادي مثل ذلك الذي تتيحه المستشفيات التايلاندية 2000 باهت (65 دولارا) على الأقل، غير أن الأنواع الأفضل منه يتراوح سعر المقعد منها ما بين 12 ألف باهت إلى 55 ألفا.

وبدأ آبيتشاي في تنفيذ فكرته بشراء عربتي تسوق مستعملتين بسعر الواحدة 1200 باهت (39 دولارا)، وأدخل تعديلات عليهما بإجراء عمليات تقطيع ولحام، وتم ثني الجانبين وإعادة تشكيلهما على هيئة مسندين مع تبطينهما، ثم إضافة فرامل للمقعد حتى يتسنى إيقافه عند الرغبة.

ويوضح آبيتشاي قائلا: «لم أكن أعلم في البداية ما الذي يمكنني فعله، وكان كل شيء يتم عن طريق التجربة والخطأ، ولكن خلال أسبوعين استطعنا الانتهاء من العمل ووضعنا صورة المقعد الجديد في موقع شركتنا على (فيسبوك)».

وقام الرجل بالاشتراك مع صديقته بتأسيس وكالة إعلانات روجت لمشروع المقعد المتحرك الذي ابتكراه من خلال تدوينه على الفيسبوك.

وكانت ردود الفعل على الموقع الإلكتروني إزاء النموذج الأولى للمقعد المبتكر إيجابية بشكل غير متوقع، حيث سجل الإعلان عنه ثلاثة ملايين مشاهدة خلال بضعة أيام فقط. بينما تقول أتيسانون التي تبلغ من العمر 35 عاما: «بعد ذلك بدأت طلبات الأشخاص ذوي الإعاقة في التدفق علينا، وقررت الانضمام إلى المشروع».

وخلال العامين الأخيرين تلقى الشريكان ما يصل إلى 30 طلبا شهريا من أقارب المرضى المقعدين، ومن كبار السن الذين يعانون من الأمراض وأيضا من أقارب الأطفال أصحاب الاحتياجات الخاصة.

وقام الشريكان بالفعل بتصنيع 200 مقعد متحرك من عربات التسوق المستعملة، وكانوا يشترونها في البداية، ولكن عندما أصبح المشروع معروفا بشكل أفضل صارا يحصلان على عربات التسوق مجانا من الشركات والأشخاص الراغبين في الإسهام في المشروع.

وكانت المساعدات تأتي على شكل منح مادية، كما أعرب كثيرون عن اهتمامهم بتقديم المساعدة للشريكين على تصنيع المقاعد المتحركة، وتم تحديد موعد يتم مرة كل شهرين في بانكوك مع مجموعة من المتطوعين لتصنيع عدد من المقاعد المتحركة.

وقالت أتيسانون: «كلما ذهبت لأقدم المقاعد، أشعر بحافز أكبر يدفعني لمواصلة هذا العمل، فالنظرة التي ترتسم على وجوههم تمثل لي كل شيء في الحياة».

وتضيف: «إنهم يبدون مثل الأطفال الذين يتلقون لعبا جديدة، والأمر بالنسبة لي يمثل مجرد مقعد متحرك، أما بالنسبة لهم فهم يرونه قطعة من الذهب، وأتذكر ذات مرة أن رجلا أجهش بالبكاء بعد أن حصل منا على مقعد متحرك؛ لأنه شعر بأنه لم يعد مضطرا إلى حمل أبيه سائرا على قدميه لمسافة كيلومترين ليذهب به إلى المستشفى».

غير أن هذا المشروع الخيري لم يكن خاليا من الانتقادات، فقد أشارت بعض مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الشريكين يفتقران إلى المعلومات الطبية الكافية التي تمكنهما من تصميم مقعد يناسب احتياجات المرضى بشكل أفضل، كما انتقد البعض أن المقعد لا يمكن تسييره بالدفع الذاتي.

وفي هذا الصدد تقول أتيسانون: «إن مقاعدنا المتحركة تستهدف الأشخاص الذين يرافقهم أفراد يرعونهم ويمكنهم دفع المقاعد إلى الأمام، لكننا بالطبع نرحب بالنقد البناء ونبحث عن طرق لتحسين أداء هذه المقاعد»، وتضيف: «إنه تم الاتفاق على تعاون بروفيسور في الهندسة لتصميم نماذج أفضل».

بينما يقول أبيتشاي: «ما دام هناك أشخاص في حاجة إليها، ومواد يمكن الاستعانة بها لتصنيع المقاعد المتحركة، فسنواصل إنتاجها».