azza-al-qasabi
azza-al-qasabi
أعمدة

نمطية صورة «المرأة العمانية» في الدراما المحلية

24 يوليو 2019
24 يوليو 2019

د. عزة القصابية -

تُعد المرأة عبر العصور مصدرا ملهما للعديد من الكتاب والفنانين، ولا يكاد عمل إبداعي إلا وتكون المرأة حاضرة فيه. لذلك فليس بغريب أن نجد الكيان الأنثوي حاضرا في الكثير من الأعمال الأدبية والدرامية. ولا تكتمل قصص المجتمع وقضاياه إلا بوجود المرأة بين ثناياه، لكونها عنصرا مهما لدفع الأحداث والتعبير عن الأسرة والمجتمع بواقعية أكثر.

وتمتع المرأة العمانية منذ القدم بمكانة خاصة في المجتمع، ونجدها تعمل مع الرجل جنبا إلى جنب في الحقول والسهول والسواحل، وهي عالمة وفقية دين ومعلمة أجيال. وبعد عصر النهضة زادت أهميتها، وأصبح لها وجودها المفعم بالعطاء والإبداع في كافة ميادين الحياة؛ إذ ساهمت في دفع عجلة البناء والتنمية، بعد أن نالت فرصتها في التعليم، وتقلدت العديد من المناصب وعملت في مختلف المجالات الحيوية .. ولم يأت ذلك عبثا، ولكنه جاء ترجمة لتوجيهات جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- منذ السنوات الأولى لعصر النهضة المباركة.

ونظرا لتكاملية الأدوار، جاءت مشاركة المرأة العمانية في الإعلام والدراما، انطلاقا من دورها الرائد في المجتمع العماني، لذلك كان لابد أن تخوض المجالات الإبداعية المرتبطة بالفنون البصرية، وتقدم رسالة جادة من خلال أدوارها المتعددة، وبدونها يصعب التعبير عن قضايا الأسرة والمجتمع.

ورغم مشاركة المرأة المبكرة في المسرح والدراما التلفزيونية منذ سبعينات القرن الماضي، إلا أن أدوارها لم يحدث لها تطور ملحوظ، وظل مستوى الأدوار المنوطة إليها متواضعة، ساهمت في تقزيم صورتها الذهنية بصورة متواضعة في ذهنية المتلقي. ولقد استمر الحال، إذ ظل كُتّاب الدراما المحلية يرسخون صورتها النمطية المعهودة في ذهنية المجتمع. في حين أن صورة الرجل كانت ولا تزال في تغير وتطور حتمي، وصولا إلى أدوار البطولة الصرفة في الكثير من الأعمال الدرامية المقدمة.

وبشكل عام، تعاني الدراما التلفزيونية من ندرة الأعمال التي تجعل «الفنانة العمانية» تتحدث بلسان حالها، والاكتفاء بظهورها بصورة مغايرة للواقع، وأحيانا تكون ضمن البطولة الجماعية في بعض الأعمال الدرامية. كما يمكن أن تقدم «المرأة» بصورة ساذجة وبسيطة، بحيث تبدو غير قادرة على كبح مشاعرها وأحاسيسها، واتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بحياتها إلا بمساندة الآخرين. وقد تنخرط في بعض الأدوار، التي يمكن أن نصفها «المتنمرة» أي أن تقوم المرأة بشخصيات تتصف بالعنف والقسوة.

لا يختلف الوضع كثيرا في المسرح عن الدراما التلفزيونية، حيث سعى المشتغلون فيه على تكريس «نمطية المرأة» بصورة تقليدية ومكررة. وكان أول ظهور للمرأة العمانية على خشبة مسرح النادي الأهلي عام 1973.عندما قدمت مسرحية «ظلموني الناس» للكاتب المسرحي محمود شهداد، وتوالى ظهورها حتى وقتنا الراهن. ورغم التاريخ الطويل لظهور المرأة في المسرح والدراما، إلا أنها بشكل عام تعانى من ضيق النظرة الاجتماعية، الأمر الذي يحد من استمرارها في العطاء الفني، وهذا بالتأكيد أضعف البُعد التراكمي الفني لها.

لقد تفاوتت الأدوار المسندة للفنانة العمانية في المسرح ولكن في المجمل العام؛ تؤكد الصورة النمطية المترسخة في ذاكرة الدراما العمانية. ومعظم الأدوار تجعل الفنانة العمانية تدور في فلك الزوجة المطيعة أو المظلومة أو المتسلطة أو الأرستقراطية المدللة، وكذلك ظهورها بدور الأخت المغلوبة على أمرها. وإذا استثنينا بعض الأعمال الفنية، سنجد الكاتب يجعل المرأة رمزا يسقط عليه حمولاته الفلسفية والأيديولوجية كما هو الحال في العروض البصرية الحديثة، إذ تكون المرأة مجرد رمز يتوارى تحت ظل الرجل، ويبتعد عن الحياة الواقعية.

وبطبيعة الحال فإن ذلك لا ينطبق على الدراما العربية التي شهدت عبر مسيرة الفن العربي قيام المرأة بأدوار مهمة ومحورية، إضافة إلى تأدية أدوار تمثيلية لنماذج واقعية للمرأة. ولقد برزت المرأة في الدراما في الكثير من الأعمال الفنية العربية.

تظل «الدراما» هي الوعاء الحاوي لقضايا المجتمع والمرأة، متى وظفت بالشكل الصحيح لاستيعاب الحياتين الاجتماعية والثقافية، فالدراما محاكاة للواقع، وليست بعيدة عنه، وهي الناقل الفعلي لأفكاره وأحلامه والموضوعات التي تعبر عنه. لذلك لابد من البحث عن قضايا المجتمع بواقعية أكثر، وتقديم صورة حقيقية عن «المرأة العمانية»، بحيث تعطي انطباعا إيجابيا أمام المتابعين حول العالم، وفي الوقت ذاته، تقنع المرأة نفسها، بأن هناك أدوارا في الدراما العمانية تتحدث عن موضوعات تخصها، وبذلك تكون الدراما المرآة العاكسة لحياة الناس وتتزامن مع قضاياهم وتعبر عنها.