1274959
1274959
الاقتصادية

المشاركة المجتمعية الواسعة منهاج عمل السلطنة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030

22 يوليو 2019
22 يوليو 2019

السعي إلى تعزيز قيم السلام والتعارف بين الدول كدعامات أساسية تحقق الاستقرار في العالم -

عمان: في إطار مشاركة السلطنة في المنتدى السياسي رفيع المستوى بالأمم المتحدة بنيويورك، استعرضت السلطنة التقرير الوطني الطوعي الأول، التي تسعى الدول الأعضاء إلى إجراء مراجعات منتظمة وشاملة للتقدم على الصعيدين الوطني والمحلي كجزء من آليات المتابعة بخطة التنمية المستدامة والتي تقدم ضمن المنتدى السياسي الرفيع المستوى للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لرصد التقدم المحرز إلى جانب النجاحات والتحديات والدروس المستفادة حول تحقيق أهـداف التنمية المستدامة (SDGs)، والذي عقد هذا العام تحت شعار (تمكين الناس وضمان الشمولية والمساواة).

مشاركة مجتمعية واسعة

ومن منطلق النهج التشاركي حرص المجلس الأعلى للتخطيط في العمل على إعداد التقرير الوطني الطوعي لرصد التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضرورة إشراك مختلف الجهات المعنية، حيث جاء تشكيل اللجنة الوطنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة برئاسة سعادة طلال الرحبي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط، وعضوية ممثلين عن كافة شركاء التنمية بمختلف الوزارات والهيئات الحكومية، ومجلس عُمان، وممثلين من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.

وإيمانا من المجلس الأعلى للتخطيط بأهمية المشاركة والملكية المجتمعية الواسعة لأهداف وخطط التنمية المستدامة، تتحقق هذه المشاركة جليا من خلال عقد حلقات العمل مع ممثلي الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين من أهل الخبرة والاختصاص، إلى جانب إشراك الشباب العماني لمعرفة تطلعاتهم وأولوياتهم، وإطلاق حوار مجتمعي واسع يرسخ عملية المشاركة المجتمعية في مناقشة القضايا المطروحة وتبادل الآراء حولها.

أربعة محاور

وتعد أهداف وغايات خطة التنمية المستدامة امتدادا طبيعيا لقيم ومبادئ الاستدامة والمساواة والعدالة والسلام والمشاركة وعدم ترك أحد خلف الركب راسخة في المجتمع العماني منذ نشأته وحتى الآن، ويتجلى ذلك بشكل واضح في النظام الأساسي للدولة وفي خطابات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- والتي شكّلت دائما إطارا حاكما لكل استراتيجيات وخطط وبرامج التنمية في السلطنة.

وقد تناول الاستعراض الوطني الطوعي الأول للسلطنة التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والجهود المبذولة في تحقيق تلك الأهداف، والمبادرات والبرامج والمشاريع والخطط المستقبلية من أجل بلوغ تلك الأهداف، مع التركيز على أربعة محاور رئيسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي: تمكين الإنسان حتى لا يتخلف أحد عن الركب، وبناء اقتصاد معرفي تنافسي، وتعزيز الصمود البيئي، والسلام ركيزة الاستدامة. ولتنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة تدعم السلطنة ثلاث آليات رئيسة وهي، كفاءة التمويل، محلية التنمية المستدامة، المتابعة والتقييم.

تمكين الإنسان

فيما يتعلق بمحاور تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يأتي تمكين الإنسان حتى لا يتخلف أحد عن الركب كمحور رئيسي، حيث تؤمن سلطنة عمان بأن التنمية ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي من أجل بناء الإنسان. ويبدأ ذلك من مرحلة صياغة الرؤى المستقبلية وبرامج التنويع الاقتصادي، حيث تحظى بمشاركة مجتمعية واسعة وتأخذ بعين الاعتبار أولويات المجتمعات المحلية، في حين تعم الفائدة من برامج التنمية على الجميع، ويتبين ذلك جليا في استمرار الاستثمار في السلطنة في مجالات التعليم ورفع مستوى جودة الحياة للأفراد من خلال انتشار المدارس والجامعات والمراكز الطبية والمستشفيات والخدمات البلدية ومحطات وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والطرق والموانئ والمطارات من أقصى البلاد إلى أقصاها.

تعتبر المرأة إحدى ركائز التنمية وشريكا أصيلا فيها، من خلال برامج تمكين المرأة وتعزيز قدراتها وضمان حصولها على حقوقها. ويضمن القانون حق المرأة في الحصول على فرص متساوية في التوظف، وإجراءات التعيين، والترقي، والرواتب والأجور، سواء بالقطاع الحكومي أو الخاص.

كما تسعى السلطنة في هذا الإطار إلى ترسيخ دور الشباب كشريك أساسي في صياغة المستقبل، وضمان إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في عملية التنمية بإيجاد البيئة التمكينية لهم وتوفير الفرص لمشاركتهم الفاعلة في كافة مناحي الحياة.

اقتصاد معرفي تنافسي

ويأتي بناء اقتصاد معرفي تنافسي في قلب خطط واستراتيجيات السلطنة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فالسلطنة تعي التحولات الاقتصادية الكبرى، وتستعد لذلك من خلال توفير بنية أساسية ضامنة للاستدامة ترتكز على الابتكار لإطلاق القطاعات الواعدة مما يسهم في بناء قاعدة متينة مبنية على أساس التنويع القائم على المعرفة والابتكار، وتوسيع القاعدة الإنتاجية والتصديرية، وتعميق الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي والتحول إلى اقتصاد معرفي تنافسي. وتبذل السلطنة الجهود لتعزيز الجاهزية والاستعداد لمواكبة التطورات المتسارعة لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتسخيرها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل عام، وإيجاد فرص عمل جديدة في المشاريع الاقتصادية بصورة خاصة لاستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل.

الصمود البيئي

وفيما يتعلق بالمحور الثالث وهو تعزيز الصمود البيئي، تعتبر السلطنة من الدول السباقة في بذل الجهود في جميع القضايا المتعلقة بالبيئة والشؤون المناخية، وكذلك تنفيذ التزاماتنا الدولية والوقاية من المخاطر وفى هذا الإطار، تواصل السلطنة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من حدة التغيرات المناخية لمواجهة التأثيرات السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري، حرصا على دعم التضامن الدولي للتصدي لمشكلة تغير المناخ وآثارها السلبية. حيث إن السلطنة ليست بمنأى عن التغيرات المناخية العالميّة، فموقعها الجغرافي القريب من البحار والمحيطات جعلها تتأثر بتغيرات المناخ بشكل واضح وأكثر من غيرها من دول المنطقة. ولذلك تحرص السلطنة على بذل الجهود للتكيف في مختلف المجالات، مثل الأعاصير المدارية، وتآكل الشواطئ، وارتفاع مستوى سطح البحر، كما تبذل السلطنة الجهود بهدف استدامة قطاع الأسماك وصون البيئة البحرية، والتعامل مع ندرة المياه والتصحر، والحماية من الفيضانات، وأمن الطاقة، وأمن الغذاء، وغيرها.

السلام ركيزة الاستدامة

وفيما يتعلق بالمحور الرابع السلام ركيزة الاستدامة، فتسعى السلطنة إلى تعزيز قيم السلام والتعارف بين الدول والشعوب كدعامات أساسية تحقق الاستقرار في العالم، وتشكل منطلقا لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، ولمجتمعات يسودها الوئام والنظام. ومن أجل ذلك دعت السلطنة إلى حل المشكلات العالمية بالحوار والطرق السلمية عبر دبلوماسيتها العمانية العريقة في مختلف المحافل الإقليمية والعالمية. واستطاعت السلطنة نشر وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة، والوصول إلى وطن يتسع للجميع، ويتمتع أفراده بالحرية في ممارسة معتقداتهم ومبادئهم الخاصة، مجتمع، يحظى فيه الكل بقدر متساو من الفرص لبناء حياة كريمة.

آليات التنفيذ

وتعتمد السلطنة لتنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة على ثلاث آليات في المدى القصير والمتوسط وهي:الآلية الأولى: هي كفاءة التمويل، ويعد توفير التمويل من التحديات المهمة التي تواجهها الدول في تحقيق أهدافها التنموية، وحدا ذلك بالسلطنة إلى البدء في التحول نحو تطبيق موازنات وخطط البرامج والأداء؛ والتي تحدد العلاقة المباشرة بين الأولويات الوطنية والموازنات التي يجب أن تخصص لتنفيذها، وتقدم أداة سلسلة للتنفيذ ومتابعة الأداء. فجودة تخصيص الموازنات هو أمر لا يقل أهمية عن توفير التمويل.

بالنسبة للآلية الثانية: هي محلية التنمية المستدامة، فالسلطنة تؤمن إيمانا عميقا بأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة هو رهن بتعزيز دور المحافظات والمجتمعات المحلية في كافة مراحل عملية التنمية، بدءا من إعداد الاستراتيجيات والخطط ومرورا بمراحل التنفيذ والمتابعة والتقييم المختلفة. ومن هذا المنطلق، أولت الخطة الخمسية التاسعة الحالية وما سبقها من خطط اهتماما خاصا بتنمية المجتمعات المحلية، بهدف تحقيق نمو متوازن بين التنمية والحفاظ على الموارد الطبيعية والموروث الإنساني المادي والمعنوي، وتحقيق مستويات متقاربة فيما بين المحافظات في مجالات الخدمات، وتطوير البنية الأساسية والمرافق العامة.

ولعل مبادرة «كل عمان» تعد المبادرة الأبرز في تعزيز دور المحافظات والمجتمعات المحلية، ذلك كأولوية من أولويات التنمية في السلطنة، كإحدى المبادرات الاتصالية الرئيسية التي تم تصميمها لتعزيز النهج التشاركي في عملية إعداد وصياغة الرؤية المستقبلية «عُمان 2040».

والآلية الثالثة: هي المتابعة والتقييم، وضعت السلطنة نظاما لمتابعة وتقييم مؤشرات أهداف التنمية المستدامة، كما تم وضع منهجية لتقييم قياس التقدم المحرز في هذا المجال، تضمن التحقق من بلوغ المستهدفات، وإمداد متخذ القرار بمعدلات التنفيذ المستهدفة والمحققة أولا بأول. كما شرعت السلطنة في بناء منظومة معلومات إحصائية متكاملة مترابطة إلكترونيا وقابلة للتحديث بشكل مستمر، كما تم وضع الخطط اللازمة لتنفيذ التعدادات والمسوح الميدانية لتوفير المؤشرات المطلوبة حتى عام 2030. وتم تصميم لوحة معلومات مركزية لقياس مؤشرات أهداف التنمية المستدامة، ليتم من خلالها قياس ما يقارب الـ (100) مؤشر على المستوى الوطني حتى الآن. وقد أوضحت نتائج القياس بشكل جلي التقدم الإيجابي للسلطنة في الكثير من المؤشرات.

كما أكد التقرير على التزام السلطنة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المدى الزمني المحدد، وأنها بصفة عامة ورغم وجود تحديات لا يمكن الاستهانة بها، تسير بخطى واثقة في الاتجاه الصحيح لتحقيق تلك الأهداف مستفيدة من رصيد علاقاتها الخارجية التي تربطها ومحيطها العربي والإقليمي والدولي، تعززها المشاركة المجتمعية الواسعة عند تصميم وتنفيذ وتقييم الخطط والسياسات والبرامج الكفيلة بمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف المنشودة.

كذلك تم عرض فيلم قصير خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى عقب كلمة السلطنة التي ألقاها معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط، والذي يأتي لرصد التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويقدم فكر الاستدامة في السلطنة التي ترسخت منذ بداية عصر النهضة المباركة، والتي تؤكد على أن التنمية ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي من أجل بناء الإنسان الذي هو أداتها وصانعها، وترتكز على قواعد ثابتة أساسها المواطنة والمساواة وحكم القانون والأخذ بروح العصر من خلال الخطط والبرامج التنموية، والارتقاء بمستويات الحياة عبر تطوير قطاعات التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية والقطاعات الاقتصادية والبيئة، ودعم قيم السلام والتعايش والحوار وتقبل الآخرين، والتعاون الوثيق مع سائر الأمم والشعوب، والالتزام بمبادئ الحق والعدل والمساواة.

مؤشرات

متوسط عمر المواطن قد ارتفع من 58 سنة في عام 1970 إلى 78 سنة في نهاية عام 2018.

41 % معدل مشاركة المرأة في المؤسسات الحكومية 2018 م، و54% معدل التحاق الإجمالي بالتعليم العالي للإناث 2017 م، و12% الحد الأدنى لتوظيف ذوي الإعاقة في الوظائف حسب قانون العمل العماني، و98.7% نسبة السكان الذين يستفيدون من خدمات مياه الشرب التي تدار بطريقة مأمونة، و100% نسبة السكان المستفيدين من خدمات الكهرباء في سلطنة عمان في عام 2018م، و15.5% الإنفاق على التعليم كنسبة من الإنفاق الحكومي في عام 2017م، وأكثر من 35% مؤسسة صغيرة ومتوسطة نهاية 2017، و20 موقعا كمحميات طبيعية لحماية الأنواع المهددة بالانقراض 14 منها محميات بحرية و(6) محميات برية والتي تمثل نسبته تقريبا 4% من مساحة السلطنة، و29 من 113 دولة في المؤشر العالمي للأمن الغذائي 2018، بحسب تقرير مجلة الإيكونيميست البريطانية، وعلى صعيد شبكة الأفلاج 4112 فلجا، منها 5 أفلاج تم إدراجها في لائحة التراث العالمي لدى منظمة اليونيسكو.