1271308
1271308
إشراقات

الخوالدي: عيادة المريض مشروعة حتى وإن كان في غيبوبة ولا يعرف زائره

18 يوليو 2019
18 يوليو 2019

التوسعة له في الأمل وعدم الإطالة في المكوث معه وتذكيره بالصبر والاحتساب والثقة بالله تعالى -

كونها تنفع المريض وأهله وتنفع الزائر -

كتب: سيف بن سالم الفضيلي -

أوضح فضيلة الشيخ الداعية خالد بن سالم الخوالدي عضو الهيئة التدريسية بكلية العلوم الشرعية أن (عيادة المريض) أدب رفيع شرعه الدين الحكيم سنة عظيمة أمرنا بها رسول الله.

ودعا فضيلته إلى تطبيقها بعلم وفهم وبعد نظر حتى نحقق عظيم الأجور ونصل إلى الغايات الحميدة التي أرادها الشرع من وراء مشروعيتها.

ونبه فضيلته إلى أن زيارة المريض مشروعة حتى وان كان المريض في غيبوبة أو لا يعرف الزائر الذي زاره، مشيرا إلى انه بمجرد زيارة المريض مهما كان حاله فهي تأدية لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فيها نفع للمريض ولأهله وللزائر ذاته.

وساق فضيلته جملة من الآداب أثناء الزيارة للمريض استكمالا للحلقة الماضية كتجنب الأذية بأي صورة من الصور، وان يلبس الملابس المريحة التي تشرح النفس ولا يلبس الملابس الشاذة أو الملابس التي تزعج الناظر، وتجنب الضرر فيما يتعلق بالعطور والبخور، والتوسعة له في الأمل، وعدم الإطالة في المكوث معه إلا في حدود ضيّقة كأن يطلب بنفسه ذلك، وتذكير المريض بالصبر والاحتساب والثقة بالله تعالى واليقين بأن الله سبحانه وتعالى سوف يكرمه وسوف يزيل عنه ما يجد، وتذكيره بالمتاب بطريقة سمحة سهلة بسيطة يفهمها المريض.. وإلى ما جاء في المحاضرة (وللمريض حق).

يضيف فضيلته جملة من الآداب التي على الزائر أن يتحلى بها أثناء زيارته للمريض منها (الآداب تجنب الأذية بأي صورة من الصور)، فقد يتأذى الطفل بزيارة الطفل له، خاصة الطفل المقعد المحروم من الحراك بسبب كسر أو ضرر ما، فيرى الأطفال أمامه يأتون ويمشون ويتحركون وهو يرى نفسه عاجزا عن ذلك فيتأثر.

ويضيف: في مثل هذه الأحوال لا ينبغي اصطحاب الأطفال لزيارة هذا الطفل، وقد تكون زيارة الطفل الى طفل آخر لأجل التخفيف عنه لا بد ان تقدر المصلحة، ويتجنب الأطفال لعلهم يتسببون في إزعاج المريض، فالذي يطقه الصحيح لا يطيقه المريض، وهذا ما نراه مطبقا في المستشفيات حيث لا يسمح للأطفال 12 سنة وأقل بزيارة المرضى.

اختيار اللباس المريح

ومن تجنب الأذى (اللباس) - كما يذكر فضيلته- إذ ينبغي لزائر المريض ان يلبس الملابس المريحة التي تشرح النفس ولا يلبس الملابس الشاذة أو الملابس التي تزعج الناظر، فمثلا اللباس الأبيض هذا لباس مريح، والذي ذهب بملابس ملونة فليكن اللون لطيفا مريحا للنفس، ولتجنب بعض الألوان التي فيها نوع من الإزعاج لنفسية المريض.

ومنها (تجنب الضرر فيما يتعلق بالعطور والبخور وغيرها من الروائح المزعجة) فمن الناس من يتحسس عند المرض من هذه الروائح وقد يكون مسببا له الضرر كون هذه الروائح مصنوعة من مركبات كيميائية تركب وتمزج في بعضها وغيرها كاللديغ مثلا تسبب حساسية في الجسم، في مثل هذه الأحوال التي يخشى ان يكون لهذه الروائح العطرية ضرر فيها على المريض ان يتجنب استخدام هذه الروائح العطرية.

الدعاء.. الدعاء

ويذكر الخوالدي من الآداب، (الدعاء) فلا ينسى الزائر ان يدعو للمريض وكان النبي صلى الله عليه وسلم من عادته أن يمسح بيده الشريفة على المريض عندما يزوره (اذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما) أو كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أو يدعو (اللهم اشف فلانا 3 مرات) أو أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي هذا المريض ويعافيه)، إلى غير ذلك من الدعاء.

فقد يستجاب الدعاء ويستفيد المريض من بركة هذا الدعاء وهذه فائدة من مشروعية زيارة المريض.

بشرى بالخير

وذكر فضيلته أيضا (التوسعة له في الأمل) فلا يضيق الزائر على المريض في الأجل، النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يزور أحدا يقول له: (لا بأس عليك، طهور إن شاء الله) وهذه الجملة في معناها تحمل هذا المعنى، بمعنى أنك بإذن الله البأس ذاهب عنك وأنت ان شاء الله ستكون صحيحا معافى فلا تحزن، وهذا فيه بسط للأمل لهذا المريض، وقد ورد في بعض الروايات إذا زار أحدكم مريضا (إذا عدتم مريضا فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يزيد في عمره شيئا ولكنه يطيّب نفس المريض) فلا يبشره بالهلاك،

ومنها (عدم الإطالة في الزيارة) فلا ينبغي أن يطيل عند المريض فهدف الزيارة التخفيف فلتكن الزيارة خفيفة.

المريض شخص ليس صحيحا قد يتكلف جلسة أو يتكلف حديثا أو يتكلف استنادا الى كرسي وهو يريد ان ينام أو يشعر بوخز ألم في شيء من بدنه أو يريد ان يذهب الى دورة مياه، أحوال المريض فيها ضعف فلا ينبغي للإنسان ان يطيل فلو أطال الإنسان لأطال المريض تحشمه ويخجل ان يجلس في وضع يشعر الزائر بنقصان الاحترام، فقد يجلس طويلا تترتب عليه آثار جانبية كثيرة كمن أجرى عملية ناسور أو الى غير ذلك، فمثل هذا يحتاج الى مراعاة فالجلسة الطويلة تؤثر عليه فتنحل عمليته أو تلتهب بسبب أمثال هؤلاء الثقلاء الذين لا يشعرون.

إذا كانت مصلحة المريض في البقاء معه مدة فلتكن ولكن باعتدال وإلا فالأصل ألا يطيل الإنسان في زيارة المريض.

تنبيهان

وختم فضيلته محاضرته بتنبيهين؛ الأول ذكرت طرفا منه سابقا وهو تذكير المريض بالصبر والاحتساب والثقة بالله تعالى واليقين بأن الله سبحانه وتعالى سوف يكرمه وسوف يزول عنه ما يجد، كذلك تذكيره بالمتاب بطريقة سمحة سهلة بسيطة يفهمها المريض، فقد يكون المرض مؤدي الى الهلاك، فالهدف ان يختم عمل هذا الإنسان بالخير فلا بد من حثه على التوبة الى الله والإصلاح ما بين هو بين الله وكذلك تذكيره بالوصية أو يبلغ أولاده يذكروا أولادهم لعله يريد ان يوصي أو عليه دين أو غير ذلك، فقد يكونوا غافلين عن ذلك، فهذا من التواصي بالحق والتواصي بالصبر الذي أمرنا الله تعالى به في سورة العصر (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) هذا الجانب جانب مهم في رفع المعنويات.

وجانب آخر مهم جدا وهو التعليم، يحرص الإنسان على التعليم، الحظ ان كثيرا من المرضى يغفلون عن مسألة لزوم أداء الصلاة عند المرض، بسبب الجهل، فمثلا المريض غير قادر للذهاب الى التطهر معه مرض يمنعه من الذهاب الى التطهر أو قضاء الحاجة، لكن هذا المريض عقله حاضر والعقل هو مناط التكليف وما دام العقل حاضرا فالتكليف حاصل، لا يرتفع عنه التكليف إلا بفقدان العقل وليس في غيبوبة أو هو مجنون، فإذا لا بدان يؤدي الصلاة لكن يرى نفسه انه نجس ولا يستطيع ان يتوضأ أو يتطهر أو لا يستطيع ان يكون على القبلة أو لا استطيع الوقوف، هي أحوال واعتذارات ربما يعتذر بها بعض المرضى، فهذه الأمور من الجميل جدا ان الزائر للمريض ان ينبهه عليها، ينبهه ان الذي تستطيع ان تتطهر منه تطهر منه وان لم تستطع فلا تتطهر منها والله تعالى أولى بعذرك حتى انه يتيمم فيصلي.

وفي توضيح للناس يتساءل فضيلته هل يشرع لنا ان نزور المريض الذي لا يشعر لو ان شخصا في غيبوبة أو وصل الى حال انه لا يعرف الشخص الذي يزوره، فهل يشرع لك انت تزوره؟

تساؤل جميل..

فيجيب: نعم يشرع في الزيارة لمثل هذا المريض، إذ يشعر أهل المريض ان جارهم أو صاحب مريضهم قد وقف بجانبهم فيخفف عنهم ما هم فيه من وجل، وتنصحه بالصبر والاحتساب.

تستطيع نفع هذا المريض بالدعاء وقد يمن الله عليه بالشفاء وقد يخفف الله عنه ذلك المرض وقد يرزق الله تعالى أهله الصبر والاحتساب

لذلك عليك ان تزور من تعرف ومن لا تعرف، وهنا نقطة لا بد ان ننبه عليها، يمكن ان يكون واحد في وقت الزيارة في المستشفيات لمريض وبجواره مريض آخر لا يوجد معه مرافق وحتى ان كان غير مسلم فهنا عليك ان تزور ذلك المريض أيضا وتخفف عنه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما افتقد جاره اليهودي فذكروا له انه مريض فزاره.. هنا تظهر آداب وأخلاق المسلم، فأولئك إخوانك في الدين وهم يفتقرون الى ما يفتقر إليه صاحبك الذي جئت لعيادته.

في زيارتك تأدية لهذه السنة وفيها نفع لأهله وفيها نفع للمريض وفيها نفع لك.