إشراقات

قانون التثبيت

18 يوليو 2019
18 يوليو 2019

عبدالحميد الرواحي -

بعد أن يجتهد الإنسان ويستمر ويداوم على الطاعة ويخلص دينه لله فلا شك أنه يسال الله الثبات وللأسف قد يتوهم كثيرا من المسلمين أن المؤمن قد يخلص فى عبادته لله ثم يختم له بالشر فيصير الى النار ويأخذون الحديث المروي فى ذلك على ظاهره دون تفكر وتأمل فى آيات الكتاب العزيز فالله سبحانه وعد المتقين بالتثبيت والنصر والتأييد فكيف يعتقد أنه قد يغدر بعباده أليس هذا من سوء الظن بالله جل وعلى {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الُخَاسِرِينَ} ، {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً} ، { يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ }.

لقد وعد الله عباده بالتثبيت على الإيمان الحق {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ} وأنزل لهم ما يثبتهم إن هم تمسكوا به وهوكتابه العزيز وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} فمن تمسك بالكتاب فلن يضل أبدا {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى} ، بل يأمر الله ملائكته بتثبت المؤمنين فى جميع المواطن {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ} .

وليطمئن الله عباده يضرب لنا المثل بأصحاب الكهف {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} ، فهم فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى ولم يظلهم ، ويقول {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ} ، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} ويقول {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .

أبعد هذا التطمين من الخالق يحق لنا- إن تمسكنا بحبل الثبات- أن نظن به ظن السوء أم يجب أن تحمل السنة على ما جاء به القرآن لينزه الإنسان خالقه العظيم!! {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

والآن أخي الكريم أجزم بأنك توافق أن هنالك الكثير الكثير من المسلمين قد يقرأون القرآن وقد يصلون ويصومون وربما يحجون ولكنهم مصرين على شيئ من أكل الربا أوالزنا او اللواط وهنالك المصرين على الغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وهنالك الكاسيات العاريات وهنالك الدياثة وأكل الرشا وأكل أموال اليتامى ظلما وأكل التركات ظلما وعدوانا بل ان هنالك من العلماء من يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا بحجة المذاهب، والسؤال لماذا لم يحقق الله لهم وعده بالهداية {وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} ، وبالإخراج من هذه الظلمات {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} وبالتثبيت على الحق {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ} ولماذا لم تتطهر قلوبهم بالقرآن والصلاة {اتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.

لا تستعجل أخي الكريم فحتما ستجد الجواب بإذنه عز وجل في قوانين النبأ العظيم {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ}.