1263037
1263037
عمان اليوم

خطة لاستزراع مليون شتلة من أشجار القرم في سواحل السلطنة حتى عام 2022

13 يوليو 2019
13 يوليو 2019

غرس أكثر من 680 ألف شتلة في 30 موقعا حتى الآن -

إن مواقع الأراضي الرطبة على امتداد السواحل العمانية تعتبر ثروة طبيعية وذات أهمية اقتصادية وبيئية عالية، حيث إنها توفر الموارد الطبيعية الضرورية للاستمرار في المحافظة على معدلات نمو اقتصادي وتحقيق الأمن الغذائي والمائي والبيئي، التي تعتبر من الأنظمة القادرة على الاستمرار تحت الظروف البيئية القاسية، وتعتبر الأراضي الرطبة من أهم الأنظمة البيئية ذات الإنتاجية العالية، فقد أظهرت الدراسات العلمية أن الأراضي الرطبة تغطي حوالي 6% من مساحة اليابسة على الكرة الأرضية، وهي مناطق تغمرها المياه بشكل متفاوت سواء كانت مياهًا عذبة أو مالحة، وتحتوي على بيئات بحرية لا يتجاوز عمقها 6 أمتار، منها على سبيل المثال الأودية والأخوار والعيون والشلالات والأفلاج والسدود والبرك الطبيعية أو الاصطناعية والبحيرات والشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والسبخات والمستنقعات.

وتعتبر الأراضي الرطبة مصدرا للتنوع الأحيائي والمواد الخام الأولية التي تدخل في كثير من الصناعات، كما تمثل موائل مهمة للعديد من الأنواع، وتوفر خدمات إيكولوجية وهيدرولوجية حيوية مثل امتصاص مياه الفيضانات، وتعمل كمرشحات طبيعية لتنقية المياه وامتصاص الملوثات العضوية والمعادن الثقيلة مثل الفسفور والنيتروجين، ومعالجة المواد المذابة في المياه بيولوجيا من خلال العمليات الأحيائية الهوائية واللاهوائية، وتوفر موئلا ومأوى طبيعيا مناسبا وغذاء لتكاثر العديد من الكائنات الحية والنباتات المائية والحيوانات الفقارية واللافقارية والهائمات النباتية والحيوانية والكائنات الدقيقة وتشكل موطنا لتكاثر وتغذية الطيور المائية المستوطنة والمهاجرة وصغار الأسماك التجارية، وتوفر أماكن طبيعية لتكاثر العديد من الأنواع البحرية كالطيور والقشريات والمحاريات والثدييات، وتعتبر مخازن للمياه العذبة، وتقلل من تآكل الشواطئ، كما تقدم سلعا وخدمات منها الوقود والأخشاب والأدوية والأعشاب الطبية وتنقية الهواء ومخازن كبيرة لتخزين ثاني أكسيد الكربون المسبب الرئيس للتغير المناخي وتثبيت التربة والنيتروجين والظل، وتعتبر كذلك من المناطق المناسبة للترفيه والسياحة البيئية ويشمل ذلك صيد الأسماك ومراقبة ومشاهدة الطيور، ومناطق للتعليم الحقلي والتوعية والتثقيف البيئي وأماكن جيدة لإجراء الدراسات والبحوث العلمية.

وأكد المهندس سعيد بن ناصر العبدلي مدير إدارة البيئة والشؤون المناخية بمحافظة شمال الباطنة أنه من منطلق حرص الوزارة على الاهتمام وتنمية مناطق الأراضي الرطبة لأهميتها البيئية والغذائية، فقد قامت بالعديد من حملات التوعية بأهميتها ومشاركة المجتمع المدني والمؤسسات في تنميتها والعناية بها، والقيام بحملات استزراع شتلات أشجار القرم وصل عددها إلى 100 ألف شتلة في خور شناص وخور وديات بولاية شناص وخور الخابورة، وذلك منذ بداية عمليات استزراع أشجار القرم في الأخوار والمناطق الضحلة بمختلف سواحل شمال الباطنة منذ العام 2004م.

وأشار مدير إدارة البيئة والشؤون المناخية بمحافظة شمال الباطنة إلى أن قسمي صون الطبيعة والتوعية والإعلام بالإدارة وبمشاركة دائرة صون البيئة البحرية بالوزارة يقومون بتكثيف جهود حماية البيئة البحرية والمواقع الساحلية من خلال العديد من حملات استزراع أشجار القرم، بالإضافة إلى جهود التوعية البيئية المصاحبة لحملات الاستزراع، التي تستهدف الجهات الحكومية والشركات والجمعيات الأهلية وطلاب المدارس ومؤسسات المجتمع المدني تتضمن محاضرات تعريفية عن أشجار القرم وفقرات متنوعة المحتوى تخللتها أسئلة بيئية عن أهمية أشجار القرم بيئيا وفوائدها للإنسان قديما وحديثا وعن أماكن وجودها في السلطنة، والعوامل الأساسية لنمو هذا النوع من الأشجار، ومناقشة بعض التهديدات والأخطار التي تواجهها أشجار القرم، واستعراض دور وزارة البيئة والشؤون المناخية في حماية هذا النوع من الأشجار والمشاركات العالمية والجهود المبذولة لحماية هذه الشجرة ورفع مستوى الوعي البيئي للأفراد لحمايتها والمحافظة عليها.

وأضاف المهندس سعيد العبدلي أن حملات استزراع وتأهيل مواقع أشجار القرم تأتي ضمن المشروع القائم بين السلطنة والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، الذي يهدف إلى استزراع مليون شتلة من أشجار القرم في مختلف سواحل السلطنة خلال 20 عاما، حيث دشن المشروع في العام 2001م ويمضي في تحقيق أهدافه حتى العام 2022م، وقد بلغ عدد الشتلات التي تم استزراعها حتى الآن أكثر من (680) ألف شتلة في 30 موقعا بمختلف سواحل السلطنة، وتم خلال المشروع تدشين أربعة مشاتل لتأهيل شتلات أشجار القرم بالسلطنة، اثنان منها بمحمية القرم الطبيعية بمحافظة مسقط، ومشتل واحد في خور البطح بولاية صور بمحافظة جنوب الباطنة، ومشتل بمحمية خور القرم الكبير بولاية صلالة بمحافظة ظفار.

اتفاقية الأراضي الرطبة

وتعتبر الأراضي الرطبة من المناطق الحساسة بيئيا وقابلة للزوال والتدهور سريعا، كما أنها تتعرض حاليا في كثير من المناطق للعديد من الضغوط البيئية سواء أكانت بشرية أو طبيعية مثل الزحف العمراني والردم والمخلفات والزيوت والتلوث بمختلف أنواعه وانجراف التربة والمبيدات الكيميائية المستخدمة لرش المزروعات التي تنتقل بواسطة مياه الأمطار والأنشطة البشرية المختلفة، والتدمير جراء تدفق مياه الفيضانات والتغير المناخي والتغير السلبي في المكونات الفيزيائية والكيميائية لمياه البحر خاصة تركيز الملوحة والحموضة ودرجات الحرارة.

ومن هذا المنطق فقد جاء الاهتمام العالمي بهذه المواقع من خلال اتفاقية الأراضي الرطبة (رامسار)، التي انضم إليها 170 دولة حول العالم، وتم تسجيل 2342 موقعا للأراضي الرطبة بمساحة تقدر بأكثر من 252 مليون هكتار، ولا يزال العدد في ازدياد مستمر، وعلى الدول المشاركة أن تعلن على الأقل عن موقع واحد للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية لإدراجها في الاتفاقية الدولية، مع التأكيد على أهمية صون النظام البيئي لكل موقع، وذلك من خلال حمايتها في إطار تخطيط نظم استخدامات الأراضي الوطنية وتشجيع عمليات الصون والاستخدام الأمثل لمواردها الطبيعية، وإنشاء المحميات الطبيعية، وتشجيع برامج التدريب والبحوث العلمية ذات العلاقة بإدارة الأراضي الرطبة، والتشاور مع الدول وتبادل الخبرات في مجال تنفيذ أهداف الاتفاقية وخاصة فيما يتعلق بالمناطق المشتركة بين الدول مثل أحواض الأنهار والمحميات عابرة الحدود والمشروعات الإقليمية ذات الصلة بالأراضي الرطبة. وتهدف الاتفاقية إلى تشجيع المحافظة والاستخدام المستدام للأراضي الرطبة عن طريق إجراءات يتم اتخاذها على المستوى الوطني وعن طريق التعاون الدولي من أجل الوصول إلى التنمية المستدامة في كل العالم. ويدخل تحت رعاية هذه الاتفاقية العديد من أنواع الأراضي والمناطق الرطبة وهي المستنقعات والسبخات، البحيرات والوديان، المروج الرطبة ومصبات الأنهار، وخطوط المد، والامتدادات البحرية القريبة من السواحل (الأخوار)، أشجار القرم (Mangroves) والشعاب المرجانية، ويدخل كذلك المناطق الرطبة الاصطناعية مثل أحواض تربية الأسماك، الحقول الرطبة لزراعة الأرز. وتقوم المناطق الرطبة بتقديم خدمات بيئية أساسية، فهي عبارة عن معدل للنظام الهيدرولوجي، ومصدر للتنوع البيولوجي في كل المستويات في داخل الأنواع (المستوى الوراثي ومستوى النظام البيئي). والمناطق الرطبة عبارة عن نوافذ مفتوحة على التفاعلات التي تحدث بين التنوع الثقافي والتنوع البيولوجي، وتعتبر مصدرا اقتصاديا وعلميا، أما تناقصها أو اختفاؤها التدريجي، فإنه يشكل اعتداء صارخا على البيئة، تكون أضراره في بعض الأحيان غير قابلة للتصليح.

وتعتبر الأراضي الرطبة ذات أهمية بيئية فقد أولت السلطنة أهمية خاصة بها حيث تم تصنيف معظم مواقع الأراضي الرطبة مواقع محمية بحكم القانون، حيث تم الإعلان عن عدد تسعة أخوار بمحافظة ظفار بالإضافة إلى محمية جزر الديمانيات الطبيعية ومحمية السلاحف برأس الحد ومحمية القرم الطبيعية ومحمية الأراضي الرطبة بمحافظة الوسطى، وتعتبر محمية القرم الطبيعية هي الموقع الوحيد في السلطنة الذي تم تسجيله في الاتفاقية الدولية وتسعى السلطنة لتضمين المواقع الأخرى ضمن الاتفاقية.