صحافة

الرسالة:احتجاجات يهود الفلاشا إلى أين...؟

12 يوليو 2019
12 يوليو 2019

في زاوية مقالات كتب ناصر ناصر مقالا بعنوان: احتجاجات يهود الفلاشا إلى أين...؟،جاء فيه: أثار مقتل الشاب اليهودي من أصل أثيوبي سالمون تيكا على يد شرطي إسرائيلي في كريات حاييم قبل أسبوع احتجاجات واسعة، ما زالت مستمرة حتى اليوم، ولقد أعادت إلى الواجهة مشاكل اجتماعية عميقة يعاني منها مجتمع المستوطنين، ومن أهمها التصدعات الاجتماعية المختلفة كالتصدع الديني بين اليهود المتزمتين دينيا أو من يطلق عليهم بالحريديم وبين مجتمع الأغلبية من العلمانيين، وكذلك الشرخ بين الفئة المهيمنة من الأشكنازيم او الغربيين وبين السفارديم أو الشرقيين، واليهود الإثيوبيين أو يهود الفلاشا وهم الفئة الأضعف في هذا الشرخ الطائفي.

حسم الحاخام الأكبر لليهود السفارديم عوفاديا يوسيف الخلاف الديني عندما قرر إصدار فتوى في العام 1973 تقضي باعتبار الطائفة الإثيوبية طائفة يهودية مكتملة الأركان، في خطوة لم تخل من الأبعاد السياسية وهي مواجهة ما يعتبر إسرائيليا خطرا ديموغرافيا يشكله العرب الفلسطينيون على الأغلبية اليهودية داخل فلسطين المحتلة عام 48.

عملت حكومة الاحتلال بعد التأكد من يهودية الإثيوبيين على مساعدتهم للهجرة إلى فلسطين، حيث قامت بعملية موشيه في العام 84-85، والتي جلبت فيها اكثر من 7000 إثيوبي ليستوطنوا البلاد، ثم قامت الحكومة في العام 1991 بتنظيم حملة أخرى لجلب 15ألف مهاجر-مستوطن من إثيوبيا، وقد بلغ عدد اليهود الإثيوبيين في العام 2016 نحو 150 ألفا، نصفهم ولدوا في إسرائيل، و يبلغ معدل دخل العائلة الإثيوبية 11200شيكل، مقابل 16800 شيكل للعائلة اليهودية بشكل عام.

عانى المستوطنون الإثيوبيون من مشاكل في مجالات الاندماج في سوق العمل والتشكيك في نقاء ديانتهم اليهودية، ومدى وطنية دوافعهم للهجرة وبالتالي تزايد أزمة تحديد الهوية الدينية و الثقافية لهم، ولم يخفف من ذلك خدمة الكثير منهم في صفوف جيش الاحتلال، و في الآونة الأخيرة برزت مشاكل التمييز العنصري بحقهم بسبب بشرتهم السوداء، كما ظهر في عدة حوادث من عنف الشرطة الخاص اتجاههم كما حدث مع سلمون تيكا.

من المتوقع أن تستمر احتجاجات اليهود الإثيوبيين -الفلاشا لفترة أخرى من الزمن، ولكنها وعلى الأغلب ستأخذ الطابع السلمي بعد الانتقادات الواسعة لاستخدامها العنف فور انتشار نبأ مقتل الشاب، ولكن ليس من المتوقع أن تحل هذه الاحتجاجات مشاكل مجتمع المستوطنين المتجذرة في عمق السياسة والثقافة اليهودية، وعلى رأسها زيادة الشرخ الطائفي، وما استمرار الاحتلال والقمع الإسرائيلي للشعب الفلسطيني إلا عاملا واحدا وهاما في تعزيز ثقافة العنف والعنصرية داخل ذلك المجتمع.