1263612
1263612
إشراقات

أثر محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وآله على المسلم

11 يوليو 2019
11 يوليو 2019

محبة النبي الكريم سلوك وعمل.. لا غلو ولا تشدد -

د. صالح بن سعيد الحوسني -

كان العالم قبيل مبعث النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم يهيم في أودية الضلالة والانحراف، ويرتع في مسارح الغي والعمى فلا نظام يحكمه ولا منهج يسترشد به ولا قانون يرجع إليه، حتى صار الظلم شيمة ومنهجا وأساسا والعدل توارى وتلاشى، بل وصل الحال أن أحدهم يعدوا ظالما أخاه القريب إن لم يجد من الأباعد ما يلقي عليه ظلمه وشره وعداوته، ولذا يقول قائلهم: «وأحيانا على بكر أخينا إذا لم نجد إلا أخانا»، وعلى هذا فقد انقسم الناس إلى نوعين ظالم أو مظلوم كما يقول الشاعر الجاهلي «ومن لا يظلم الناس يظلم»، دع عنك ما يقع في أحوالهم وتعاملاتهم وسائر شؤونهم من التجاوزات المشينة والمساوئ الوخيمة، وإذا ما أتينا نحو العقائد فإن الضلال والكفر هو السائد الشائع، بل أصبح الدين شرَكا ومصيدة للاستيلاء على حقوق الناس وأموالهم وهذه الأحوال البشعة والأوضاع السيئة أشار إليها القرآن الكريم بتعبير واضح في قوله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).

كان العالم قبيل مبعث النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم يهيم في أودية الضلالة والانحراف، ويرتع في مسارح الغي والعمى فلا نظام يحكمه ولا منهج يسترشد به ولا قانون يرجع إليه، حتى صار الظلم شيمة ومنهجا وأساسا والعدل توارى وتلاشى، بل وصل الحال أن أحدهم يعدوا ظالما أخاه القريب إن لم يجد من الأباعد ما يلقي عليه ظلمه وشره وعداوته، ولذا يقول قائلهم: «وأحيانا على بكر أخينا إذا لم نجد إلا أخانا»، وعلى هذا فقد انقسم الناس إلى نوعين ظالم أو مظلوم كما يقول الشاعر الجاهلي: «ومن لا يظلم الناس يظلم»، دع عنك ما يقع في أحوالهم وتعاملاتهم وسائر شؤونهم من التجاوزات المشينة والمساوئ الوخيمة، وإذا ما أتينا نحو العقائد فإن الضلال والكفر هو السائد الشائع، بل أصبح الدين شرَكا ومصيدة للاستيلاء على حقوق الناس وأموالهم وهذه الأحوال البشعة والأوضاع السيئة أشار إليها القرآن الكريم بتعبير واضح في قوله تعالى: «هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين».

وإذا كان الحال بهذا المقدار من السوء فإنه لا بد وأن يأتي من يعيد الأمور إلى نصابها ويرجع الحقوق إلى أهلها، وينصف المظلومين ويرد الحائرين، ويكسر شوكة الظالمين ويكبح جماح المعتدين، فكانت حكمة الله وإرادته النافذة أن يرسل إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم الذي ارتدت البشرية بمبعثه حلل الكرامة والفخر، وأبان بهديه الكريم النهج القويم الذي فيه السعادة في الدنيا والأخرى، «ومن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى»، وعرّف الإنسان بأصله ونشأته ومرده وما هو دوره وعمله الأصيل في هذه الحياة، وأقام دولة الإسلام ظاهرة شامخة وارتد الكفر ذليلا حسيرا.

ولم تكن مهمة الرسول الخاتم لتمر على أهل الشهوات والأهواء مرور الكرام، أو تستقبل رسالته بالهتافات والورود، ولم تكن دعوته لتصل إلى أهدافها وغاياتها بالأمر الهين اليسير فلقد كابد المشّاق العظيمة، وواجه الأهوال الشديدة، ولكنه كان مكافحا منافحا عن دعوته، يدعو إليها بكل الوسائل والأساليب، فآمن به من آمن وأعرض من أعرض، وانتفض الكفر انتفاضة شديدة وخطط ودبر المكائد المتعددة للقضاء على هذه الدعوة وصاحبها، ولكن أمر الله غالب وقدره نافذ، فقد تكللت مساعي النبي الخاتم بالظفر والنجاح، وبلغ هذا الدين المشرق والمغرب ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشر الأتباع والأنصار أرجاء المعمورة بمختلف أشكال الناس وأجناسهم وألوانهم ولم يغادر النبي عليه الصلاة والسلام هذه الفانية إلا والدين محفوظ والشرائع واضحة والمنهج معلوم قال تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا».

وإن كانت الرسالة الخاتمة قد وصلتنا صفوا زلالا، وقدم الرسول تضحياته العظيمة، وتبعه في ذلك صحابته الكرام الأوفياء، ومن جاء بعدهم من الصالحين والمتقين، فإنه يتعين علينا أن ندرك مقام صاحب الرسالة، وأن يكون له نصيب من دعواتنا، فهو القدوة والأسوة لنا كما قال تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا»، وأن يكون في المقام الأسمى من الحب والتقدير والتوقير، وهذا إنما يحصل بما يأتي:

- أن نحب الرسول الكريم محبة تفوق كل حب؛ حتى محبتنا لأنفسنا، بل هي محبة تزيد على حب الواحد منا لنفسه، فقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر حديثا فيه: أنه لا يؤمن أحدنا حتى يكون رسول الله أحب إليه من نفسه ومن الناس أجمعين، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما سمع ذلك: والله يا رسول الله إنك لأحب الناس إلى قلبي إلا من نفسي، قال عليه الصلاة والسلام: «لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك»، فقال عمر: فأنت أحب إلي من نفسي يا رسول الله، قال: «الآن يا عمر»، فإذن هذا ما يلزم كل مسلم أن يقدم محبة الرسول فوق كل محبة، ومنزلة الرسول فوق كل منزلة، وأن يجعل توجيه الرسول الكريم وأوامره مقدما على ما تشتهيه نفسه، فهذا أمر لا تنازل فيه ولا جدال، فقد يحب الواحد منا نفسه، ولكن لا قيمة لذلك أمام محبة النبي الخاتم فقدره يعلو على كل قدر وشأنه فوق كل شأن.

- أن محبته تستلزم طاعته في كل الأحوال، فمن الكذب الصريح أن يتغنى الواحد بهذه المحبة، ويرفعها شعارا لها ويملأ بها الأرجاء صراخا ومع ذلك هو بعيد عن الالتزام بما جاء به ويخالفه في القليل والكثير فالمحبة اتباع واقتفاء كما قيل: لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع.

- الحرص على قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف لنا أن نؤدي واجب المحبة ونحن لا نعرف من الرسول إلا اسمه، وغابت عن أذهاننا مراحل حياته المختلفة من طفولة وشباب وكهولة، ولا ندري كيف كانت حياته وأين ذهب وكيف عاش، وكيف واجه المشركين وما هي الغزوات التي شارك فيها، وكيف كان يتعامل مع أصناف الناس، فهي أحوال تستلزم قراءة ومطالعة ووقوف على تلك الجوانب والمراحل من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال الاطلاع على كتب السيرة النبوية وهي كثيرة ومتعددة.

- إظهار تلك المواقف التي وقعت لشخص النبي الكريم للآخرين ممن يجهلون قدر النبي العظيم ومنزلته، فكم زلت أقلام، وكم أساءت عبارات في حق مقام النبي الخاتم، فمن واجب المسلم الغيور أن يتصدى لها تنبيها للمتعالم، وتعليما للجاهل، وإظهارا للحقائق ونصرة للحق وكفا للباطل لتكون الصورة واضحة دون غيوم الحسد والأحقاد الذي ملء قلوب بعض أصحاب الديانات الأخرى الذين يوجهون الأحداث ويطمسون الحقائق ويشوهون المواقف لخدمة مآربهم وللتنقيص من منزلة خير البشر لصرف الناس عن دعوته، فهؤلاء لا بد وأن يكون التعامل معهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.

- تربية الناشئة على الاعتزاز والتقدير لشخص النبي الكريم من خلال الآيات الملزمة باتباعه والسير على خطاه من نحو قوله تعالى: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم»، وقوله تعالى: «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول»، وتعليمهم كذلك أنه في حالة الاختلاف والشجار والتنازع فإن الاحتكام إنما يكون إلى هديه وسنته كما قال تعالى: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر»، وأنه لا خيار أمام المسلم سوى الركون إلى هديه كما قال تعالى: «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم»، ولا بد كذلك أن يتضح له أن مخالفة أمره ومعارضة وحيه إنما هي غاية الضلال والإضلال كما قال تعالى: «ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا»، وأن نهاية مؤلمة مؤسفة تنتظر المعرض عن أمر الله ورسوله كما قال تعالى: «ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا».

وإذا ما استنار القلب وعمر حبا لله ولرسوله، وامتلأ يقينا بمقام النبوة الكريم، وتشبع الفكر دروسا ومواقف من حياة النبي الخاتم فإن ذلك يظهر خيرا عظيما في سلوك المسلم وحياته وصلته بربه كما قال تعالى مؤدبا أصحاب النبي في شأنهم مع نبي الرحمة فقال: «يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون»، ويضيف لذلك أدبا آخر في السلوك المهذب والأدب الجم والتعامل الراقي عند التعامل مع خير البشر وذلك بعدم التسرع في الحديث أمامه فيقول لهم سبحانه وتعالى: «يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله»، ومن هنا فإن الثناء عاطر والأجر عظيم والجزاء كبير لمن امتثل التوجيه الرباني بتوقير الرسول وغض الصوت بحضرته الشريفة وهو دلالة على إيمان راسخ ودرجة عالية من التقوى والفلاح قال تعالى: «إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم»، وفي المقابل فإن التوبيخ شديد لمن تعجرف وأساء الأدب بحضرته قال تعالى: «إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون»، وإن كان هذا التوجيه لأصحاب النبي الخاتم في حياته للزوم الأدب عند الحديث معه وعدم التسرع في الكلام معه، وغض الأصوات تقديرا وإجلالا واحتراما فإننا مطالبون كذلك بتقديره في كل الأوقات برعاية أوامره والوقوف مع سنته الشريفة، وبتقديم أمره على كل رغبة وشأن.

 

حب آل محمد نابع من حب رسول الله -

حمود الصوافي -

«فالحب يحرك في النفس مشاعر الاستجابة والإخلاص، تصوروا رجلا أو شخصا يحب الله ورسوله فما درجة طاعته لهما؟ وما مدى سرعته للاستجابة لأوامرهما؟ فلو كان الحب حقيقيا لامتنع هذا الرجل عن ورود المهالك التي تغضب الله تعالى وتغضب الحبيب صلى الله عليه وسلم من مخالفة أمره أو الاعتداء على محارمه».

الحب فطرة وجبلة في الإنسان، لا يمكن أن تنتزع منه، ولا أن ينفصل عنها أو ينفصم منها بل لا يستطيع الإنسان أن يعيش دون حب ولا أن يحيا دون حب، ولا أن يستلذ متع الحياة دون حب، فحاجته إلى الحب كحاجته إلى الشراب والطعام والغذاء لذا عليه أن يزوّد نفسه ويستمتع في هذه الحياة بالحب الخالص البعيد عن المصالح الآنية والأنانية، البغيضة المقيتة والوصول إلى مآرب شائنة مرذولة.

فهذا الحب لا يعد حبا، ولا يقدم للإنسان خيرا بل هو كذب على الذات وافتراء على النفس وتمرد على الضمير وذر الرماد في العيون ومصيره الزوال والضياع في ومضة عين فكم من أناس رأينا الحب يشع منهم، والكلام المعسول يخرج من أفواههم لكنه كان كاذبا صريحا وذلقا ليس وراءه إلا المصلحة والتزلف للآخرين لكن ظروف الحياة وتقلبها وتكشّفها أظهرت أولئك وعرّت حبهم وظهر للعيان أنه حب تالف تافه أرعن لا قيمة له البتة.

وماذا استفاد الإنسان من حب زائف وما الذي يجنيه من حب لا حقيقة له إلا التصنّع والكذب الصريح فلتذهب الأموال وليذهب الجاه وليذهب المنصب لكن يبقى الحب صحيحا ويبقى الحب متبادلا ويبقى الحب ثمينا فما أثمن الحب وما أجله وأبهاه حين يكون ناصعا وما أرقى الحب وأشرفه حين يكون في الله تعالى لذا اكتسب حب الله وحب النبي صلى الله عليه وسلم أهمية للمسلم فإذا أحب المسلم استجاب وأناب واتبع من يحب «إن المحب لمن يهواه طيع متعلق في محبوبه متبع له».

ويجب على الإنسان أن يجعل حب الله وحب رسوله من أولوياته وإلا دخله الكذب والفسوق ووصف بالادعاء والافتراء والكذب الصريح، وقد نبهنا الله تعالى على ذلك وذكرنا في محكم كتابه حيث قال: «قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ».

فهذه الآية بينت أن حب الله وحب رسوله يجب أن يطغى على أي حب ويهيمن عليه، فليكن في المقدمة على كثير من الآباء والأمهات والأبناء والإخوان والأخوات والأقارب سواء من جهة النسب أو المصاهرة أو كان من جهة الصداقة أو الزمالة كما بينت الآية والآيات الأخرى أنه يجب أن نقدم حب الله وحب رسوله على غيره وإلا دخلنا في الفسوق والتعدي على محارم الله تعالى.

وقد روي عن أبي عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَيءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - «لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ». فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَي مِنْ نَفْسِي» وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

والحب لا تعرف حقيقته بالادعاء أو الكلام وتمطيطه بل من خلال العمل والالتزام بنهج الله تعالى والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكم من أناس ادعوا لكنهم عن العمل بعيدون ومن الحب مبعدون فليكن الحب متوافقا مع العمل وإلا دخلنا في إثم الادعاء قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ»، والحب كما ذكرنا يجب أن يطرز ويبرهن عليه بالعمل الجاد والالتزام المثمر قال تعالى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ».

وحب آل محمد نابع من حب الرسول صلى الله عليه وسلم، وآل محمد هم قرابته المسلمون فعلينا أن نحبهم كما نحب النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم توسّع في آل النبي صلى الله عليه وسلم وعدَّ كل من آمن بالله تعالى ربا والنبي محمد نبيا والتزم بتعاليم الإسلام السمحة فيعد من آل النبي صلى الله عليه وسلم.

فالنسبة لا تكون نسبة قرابة فقط بل هي أعلى من ذلك وأعمق، فهي نسبة دين يدخل في إطاره كل رجل مسلم على وجه الأرض ملتزم بأوامر الله تعالى ونواهيه فبناء على ذلك يجب علينا أن نعلي من شأن المؤمنين وأن نجعل محبتهم دينا في أعناقنا ندافع عنهم ونهبهم ما نملك وما لدينا من فضائل صدقة لهم ولا يجوز أن نتركهم وحدهم أسارى الحروب والمجاعات والقتل والتشريد بل ندعمهم ونخلصهم من تلك الأغلال لأنهم جزء منا ونحن جزء منهم فهل يليق بنا أن نغض الطرف عنهم وأن نتركم يواجهون المصاعب العظام والكبائر الكبار بل علينا أن نساعدهم بكل ما نملك من قوى وأن نجعل ذلك دينا في رقابنا وجزءا من ديننا قال تعالى: «وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا. الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا».

فالنصرة لا تكون بالكلام فقط والدعاء بل يجب أن يسبقها استعداد وإعداد قوة وإرهاب لأن من يغير سير المعركة هو من يفرض شروطه ويعطي أوامره ويوقف الاعتداء قال تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ» فالإعداد يقتضي أن نشمر عن سواعد الجد وأن نعمل بكل طاقاتنا لنحقق الغرض الأسمى والميزة العظمى التي توصلنا إلى مرادنا وعلينا أن نعلي من شأن وحدتنا وأن نسعى دوما لتطبيقها ولتبح أصواتنا في ذلك فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس فحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم يقتضيان التضحية بكل الوسائل والطرائق من أجل حياة عزيزة، ومن أجل الاستقامة على الدرب والمضي نحو المستقبل الحسن، قال تعالى: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»، وقال: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ».