sharifa
sharifa
أعمدة

وتر : بلا ســبب

10 يوليو 2019
10 يوليو 2019

شريفة بنت عـــلي التــوبية -

لا أعلم لماذا أحب الكتابة دون أي شيء آخر؟ ولا أعلم لماذا أحب س من الناس دون غيره من المحيطين بي؟ ولماذا أحب بلدًا دون غيره من البلدان؟ ولماذا يلفتني وجه معين دون بقية الوجوه؟ لماذا ترى عيني ما لا يراه الآخر؟ ولماذا أستلذ طعامًا وأفضل لونًا على غيره من الألوان؟ أشياء كثيرة تحدث ولا أسأل عن السبب في حدوثها؛ لأن روحي تعلم أسبابها، وتعلم في أي فضاء تحلّق، وفي أي درب تسير، وأعلم أن تلك أسئلة صعبة؛ فلا أرهق نفسي في طرحها أو البحث عن إجابتها، تعجبني صورة التلميذ الفاشل التي تتلبسني الذي لم يذاكر الدرس جيدًا، فلا يتوقع السؤال ولا يعرف الإجابة، تعجبني تلك البلادة التي تغشاني وأنا أتجه نحو ما أحب بسذاجة عاطفية عذبة، مأخوذة بسحر رباني خالص، تعجبني تلك المصداقية التي أعيشها بيني وبين نفسي تجاه ما تحبه روحي، يعجبني التحليق في فضاء حر؛ لأني أثق بأن روحي تعرف ما تريد، وقلبي يعرف ما يحب، فلا أتدخل ولا أحول بينهما وبين ما يحبان، لذلك أكتفي بالجمال، وأكتفي بلذة الشعور الذي أشعر به فاتبعهما حيث يأخذانني.

قد نخطئ الخطوة، فيخذلنا الطريق، تؤلمنا التجربة وترهقنا حتى الموت بقدر ما أعطيناها من أرواحنا، وبقدر ما عشناها بصدق تام بزمن كاذب، لكن ذلك الألم وذلك الخذلان الذي كاد يكسر أرواحنا، سنكتشف فيما بعد أنه ليس سيئًا؛ لأن ما يحدث في حياتنا ليس سوى إشارات تدلنا على الطريق الصحيح وتفتح لنا أبواب الحقيقة التي نعرف بها أنفسنا والآخر، لنستطيع تجاوز العتمة ونصل إلى النور، فالمواقف لا تكسرك قدر ما تمنحك طاقة التخلّي عن أشياء أحببتها وقدرة البعد عن أشخاص كنت تظنهم أصدقاء، فلا تسأل لماذا كانت الخطوة خاطئة؟ ولماذا كان الطريق خاذلًا؟ كل شيء وله سرّ إلهي وله أسبابه الغائبة، هي أسباب مهيأة لك وأقدار تسيّرك ولحظات مسجّلة في حياتك كتجربة لا يمكن أن تصفها إلا أنها رائعة رغم القبح الذي كنت تظنه بها. مؤمنة أن أجمل الأشياء وأصدقها تحدث في حياتنا بلا سبب، مهما كان نوعها، أو جمالها وقبحها، فتلك الأشياء هدايا خبأها لنا قدر حنون في إحدى منعطفات الطرق، قد نتعثّر بها، وقد نلتقيها صدفة كما نظن، وقد تأتي إلينا كغيمة ماطرة في مساء صيفي قائظ، تبلل أرواحنا العطشى للسلام والجمال، تسكننا إذا كانت خيرًا لنا وتغادرنا إذا كانت غير ذلك.