Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ : مقبلون على تعليم «سهل ممتنع»

09 يوليو 2019
09 يوليو 2019

أحمد بن سالم الفلاحي -

تطور غير عادي نعيشه عبر مناخات حيواتنا اليومية، ولا نكاد نستوعب جزءا يسيرا من جوانب هذا التطور في مختلف الحياة، إلا ونصطدم بآخر أكثر تعقيدا- ربما- ووفق هذا التسارع المخيف، تنتقل الحياة من مرحلة إلى مرحلة أخرى تحتاج منا كبشر أن نكون على مستوى هذا الحدث، ولأن الفكر الإنساني الذي يرتقي بهذا التطور يظل في المقابل محدود الاستيعاب، ومحدوديته هذه تحتكم على السن، وقصور المعرفة؛لأن كل مرحلة من مراحل الحياة المتقدمة سريعا، تحتاج إلى عقول تتواكب وهذه النقلات السريعة في عمر التطور التقني على وجه الخصوص.

تأتي بعض المؤشرات لتوقظ فينا حافز تتبع هذه الإشارة الضوئية في عالم المعرفة، وهو عالم واسع، وعميق، ولذلك؛ هو في المقابل؛ يحتاج إلى كثير من التحفيز، وإلى كثير من المتابعة، وإلى كثير من الاستيعاب، وإلى كثير من الاهتمام؛ لأنه بغير هذا الاحتواء كله، سيتجاوزنا القطار-كما هو الحال دائما- ولكن، هنا، على الأقل- كما في صيغة الأخبار -«تجدر الإشارة إلى ....» ولذلك انطلق في مناقشة هذه الفكرة من معلومة قرأتها، حيث تشير بعض المعلومات؛ وفق بعض المصادر؛ بأن التعليم سوف يرتبط بـ «الهواتف المتنقلة التي ستبلغ قيمتها (10) دولارات بآسيا وإفريقيا، وسيمتلكها 70% من سكان العالم عام 2020 وهو ما يعني دخول أي تلميذ إلى عالم التعليم النوعي الذي يتمتع به أطفال العالم «الأول» (...)». ولو أن الـ (70%) تحتاج إلى مراجعة من قبل واضعي هذه الدراسة المقتطف منها جزئية هذه المعلومة، لأن امتلاك الهواتف اليوم قبل دخولنا العام (2020) أصبح يشمل الـ (100%) وحتى على مستوى التلاميذ في أجزاء كثيرة في آسيا وإفريقيا، كما أشير أعلاه، لا فرق كبير بين دولة غنية وأخرى فقيرة، خاصة وأن آسيا اليوم هي التي تقود العالم إلى عالم التقنية بلا منازع، وما الحرب التجارية المثارة بين عدد من دول آسيا، وأخرى من دول العالم إلا نتيجة لهذا التصدر في قائمة شمولية الإنتاج، وحيويته، وجديته، وحساسيته، ودقته التصنيعية، وخطورته على الأمن العام الوطني للجميع.

وبالتالي فالدول التي تعيش حالة التصنيع هذه، وبهذا التميز والكفاءة تجاوزت مرحلة الاستعداد لدخول أبنائها «التعليم النوعي» وتبقى الدول الأخرى هي من سوف يعاني للدخول في هذا المعترك الصعب، والصعوبة هنا ليست في عقول أبناء الدول «الأخرى» ولكن لسوء التخطيط الذي تعاني منه، ولعدم الإخلاص، ولتضارب المصالح الخاصة مع العامة، وهذه إشكالية ستظل مخيمة على الجو العام التنموي، إلا في حالات استثنائية، وحتى هذا الاستثناء من العقول لن يلقى ذلك المناخ الآمن للتطور والإبداع، وبالتالي سيختفي بين القطيع في نهاية الأمر، وهذه إشكالية تعيشها كثير من دول العالم النامي بلا منازع.

العالم اليوم على مشارف الـ (2020) ولا يزال يعيش نزاعا مأساويا؛ بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ والسبب يتمحور حول الفكر الاستعماري الرخيص، حيث تدفع شعوب مغلوب على أمرها ثمن هذه العنجهية، وهذا التسلط، وهذا التمرد، وهذا الصلف، وهذا الغرور، وحتى لو حاولت بعض الشعوب الخروج من عنق الزجاجة فستحارب من القريب والبعيد، ومع ذلك لا يجب الاستسلام لهذه الصورة الـ «مأساوية» المستمرة في عمر البشرية، فحتى الدول التي تتربع اليوم على عرش التقنية والتطور مرت أيضا بأسوأ من ذلك، ومع ذلك تجاوزت محنة واقعها المحلي، وإن واجهت اليوم واقعا لا يقل ضراوة، ولكن هذه المرة من خارج حدودها الجغرافية، وهذا ما يحفزها لأن تعمل على تجذير وعيها للمعرفة، من خلال إنشاء جيل ليس همه إلا المعرفة النوعية الذاهبة به إلى التطور الشامل، ودعمه بكل الإمكانيات والسبل لتبقى على صدارة المشهد بقوة هذه المعرفة لدى أبنائها، ولتتمكن من حماية نفسها بقوة المعرفة ذاتها.