أفكار وآراء

ضـرورة تشجيــع الخدمـات المصرفيـة

03 يوليو 2019
03 يوليو 2019

د. عبد القادر ورسمه غالب -

Email:[email protected] -

الخدمات المصرفية أصبحت من ضروريات الحياة، بل تعتبر من الحقوق الاقتصادية التي يجب توفيرها لكل شخص من ضمن الحقوق الأساسية. وذلك، لتحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والمجتمعية وأيضا لمنح الاستقلال الشخصي. اهتم البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي الأوربي ومجموعة دول العشرين وغيرها بالأمر وطالبت بأهمية تشجيع الخدمات المصرفية المالية لتعم الفائدة الاقتصادية. الخدمات المصرفية لا بد أن تشمل الجميع، بمنح المزيد من الاهتمام لقطاعات المجتمع للمشاركة في الحصول على الحد الأدنى من الخدمات المصرفية لكل فرد. وفي هذا المنحى، لا بد من تقديم عناية خاصة للفئات الفقيرة والمؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر.

وهذا التوجه، لا بد منه، لأن إشراك الجميع سيحقق فوائد لكل قطاعات المجتمع. تبين من الدراسات، أن نسبة كبيرة جدا من الأفراد، خاصة في المجتمعات الفقيرة، لا تحصل على الخدمات المصرفية أو لا تتعامل بتاتا عبر البنوك. وهذه النسبة الكبيرة من الأفراد التي لا تتعامل مع البنوك، تعتبر خارج نطاق النشاط المصرفي. وفي هذا، أضرار اقتصادية، لأن فتح الحسابات المصرفية ووضع الأموال فيها والتعامل عبرها سيمكن القطاع المصرفي من تجميع الأموال وتدويرها بعناية لتحريك التجارة والتنمية والاستثمارات.

هذه الحركة الدائرية الدؤوبة للأموال يستفيد منها جميع الأطراف خاصة وأنها تدار وفق الأنظمة القانونية والممارسات المصرفية المتبعة وبما يضمن حقوق الأطراف في تناغم مهني قانوني. ونلاحظ أن بعض البنوك متخمة بالأموال، لدرجة التشبع، في الدول التي يكون فيها وعي بضرورة وضع الأموال في البنوك، والتعامل بالشيكات وبطاقات الائتمان والدفع الآلي وغيرها. وهذه البنوك المتخمة تكون مليئة وتتمتع بملاءة مالية قوية وعالية تمكنها من تلبية القروض الكبيرة وتقديم التسهيلات لقيام المشاريع العملاقة والعمران في كل الأطراف.

وبالطبع فإن العكس يحدث عندما يقل أو ينعدم التعامل مع البنوك التي تصبح خاوية الوفاض وتكون قليلة الحيلة ولا تملك ما تقدمه. ولذا لا بد من التحرك الفاعل لتصحيح الأوضاع. ولا بد من القول: توجد مسؤولية مباشرة على الدول والمجتمع، وكذلك توجد مسؤولية مهنية على كل القائمين بأمر الصناعة المصرفية. ولأهمية الأمر، يجب تحمل هذه المسؤولية والتصدي لها لتأخذ مسارها الصحيح لتحقيق الهدف المنشود. وعلى الدولة وضع خطط قصيرة وطويلة المدى، وهذا يتمثل في وضع اللوائح والضوابط التي تحفز التعامل مع البنوك بل والعمل قدر المستطاع على حصر كل التعاملات المالية عبر منافذها.

وهذا يتمثل في العمل الجاد لوضع الضوابط لتحويل المرتبات والمعاشات للبنوك وبهذا يكون لكل عامل أو مؤسسة حساب مصرفي، وكذلك تقديم الدفعيات المالية للمشروعات عبر البنوك فقط. وعلى أصحاب الشركات بكافة أحجامها تشجيع أفرادها للتعامل عبر البنوك وتمرير المعاملات المالية عبر الحسابات المصرفية فقط. وهكذا نوجد واقعا جديدا ونمهد لثقافة التعامل مع البنوك وكسر حواجز التعامل معها. وأذكر أن أحد وزراء مالية بريطانيا طالب بفرض ضريبة على كل الدفعات التي تتم نقدا ، ومهما كان حجمها، خارج منظومة المصارف. وفي هذا الخصوص على البنوك تقديم التسهيلات لأقصي درجة لتمكين الجميع من فتح الحسابات المصرفية بشتى أنواعها.. وكذلك تقديم الإغراءات لفتح الحسابات، والحرص على التوفير لجني الفوائد التي تقدمها البنوك لأصحاب الحسابات المصرفية والودائع.

إن تجميع الأموال في يد البنوك له فوائد عديدة على المجتمع وسيرجع في مشاريع «مساهمة التنمية الاجتماعية» التي تقدمها البنوك للمجتمع الذي ساهم في تحقيق الأرباح. التعامل مع البنوك الآن لم يعد ترفا خاصا وإنما أصبح ضرورة. وفي عالم التقنية نجد في يد كل شخص في المدن والقرى جهاز هاتف؛ لاستعماله في تحويل «رصيد»، وهذا الإجراء من الناحية الفنية المحضة يعتبر عملا مصرفيا، لأن هناك طرفا يحول رصيد أموال لطرف آخر. وعلى البنوك الاستفادة من هذا الوضع السائد وتقديم خدماتها عبر الهاتف الموجود في كل يد، هناك دول كثيرة استفادت من توسيع المعاملات عبر الهاتف ولاحظت مثالا جيدا عند زيارتي لبنجلاديش، فالتعامل المصرفي عبر الهاتف جعل الأموال الموجودة في البلد في حالة دوران لا تتوقف، وهذا ما نسعى إليه.