Randa-New
Randa-New
أعمدة

عطر : لا تنتظرني

03 يوليو 2019
03 يوليو 2019

رنـــــدة صـــادق -

«لا تنتظرني» هذه الجملة،على بساطتها وحزمها،جملة قوية في بعدها الإنساني، وجملة لا يتبناها إلا من يجرؤعلى المواجهة وقطع الأمورالعالقة والتشبث بالإيجابيات، ليس بإمكان الجميع أن يتخذ القرارات الحاسمة والتي تقلب الطاولة وتغيير المعادلات في العلاقات المستنزفة للعمر والتي ترشح ألما وغضبا وغثيانا ، إلا ذاك الإنسان المجروح .

«لا تنتظرني» قوية بشكل كافٍ لتصدم الآخر، الذي يظن ان العالم يتمحور حوله، وحول أنانيته المشبعة بالسم البشري وما أدراك ما السم البشري ؟إنه خلطة براقة مشعة من الكلام المعسول والوعود المبالغ بها، إنه ذبذبات تتسرب إلى خلايا الدماغ للتغيير من معاني الأشياء ومفاهيمها بالذهن شيء يشبه غسل الأدمغة ولعله أخطر كونه يتم باسم الحب ولأجل الحب .

«لا تنتظرني» فقد قررت الرحيل ليس إلى الأماكن التي تتوقعها ولا إلى تلك الجغرافيا التي رسمت أطرها، ولا إلى مبان أغلقتها بالشمع الأحمر، فأنا يا سيدي امرأة لا ترتدي الا زي وعيها وثقافتها وتمتشق سلاح أدبها وعقلها،الحرية عندها ليست إلغائية ولا تدميرية ولا تتبنى الديمقراطية والمساواة ومفاهيم العدالة التي تلبس ثوب الحداثة،وكذلك لا تنتمي إلا إلى أدبيات ومبادىء الدين والموروث الفكري والحضاري لمجتمعها

«لا تنتظرني» لن أكون ظلك الباهت أو سلاحك المهمل أو حتى دروجك السرية، التي تعمدت أن تتناسى أرقامها السحرية وشيفرتها الوجودية، لقد خلقت من الضوء لأرتدي الوضوح وأراقص السلام ،صلاتي وإيماني ويقيني يقولون لي:« ان الله سبحانه وتعالى منحنا جميعا فرصا متساوية بالجوهروإن اختلفت بالشكل» فلا تظن أن كل ما عليّ فعله أن أنتظرك لتدور في مجاهل اختياراتك، وتعود لتجدني في مكاني، تمثالا تجمد من موجات البرد القطبية وحيدة تصفعني رياح الإهمال فأدير لها خدي الآخر .

«لا تنتظرني »لأضيء في كل يوم قناديل الأمل،أن يحدث أمرا جللا فتتغير تصرفاتك وترتيباتك وأولوياتك لا أجيد الرهان الخاسر بل لن أسمح لآدميتي أن تراهن عليك،لطالما تحدثت وشرحت ووعدت ونقلت وتناقلت تجارب الآخرين الذين سبقونا إلى متاهة الخلاف بحجة الاختلاف ولن أغرد لدعمك أو أبحث عن مبررات لسقطاتك ،كل هذا الارتباك صناعتك، فأنت العقل المدبر لألمي، والمتعدي الذي طعن أحلامي بلا رحمة.

«لا تنتظرني»، فأنا لن آتي اليك ولن أعيش وفق تقويمك، ولن أسير في ممراتك ولن أغلق الأبواب والنوافذ وأطفئ كل شعلة لأستحضرك وأعاتبك وأبكي وأنهمر أمامك كسيل جارف لا يدري بأي محيط سيكون .

كل هذه«اللاءات» دارت في رأسها وراحت تطبعها على هاتفها لترسلها له وتخبره أنها امرأة قوية صلبة قد شفت من الهشاشة واستعادت مناعتها واشتد عودها وتحجر فؤادها وأضحت أقوى من جندرك وأقسى من شجرة الدر،ولكن في لحظة غلفها الزمن والحنين، ضغطت على زر المسح، وحررت عقلها من كل اللاءات التي صرخت بها ورفعت رأسها حين أرسل اليها جملة واحدة :أين أنت؟

ردت عليه: أنتظرك هنا ..

هذه هي حواء تفيض عنفا داخل جدران روحها، تبني قلاع دفاعاتها وتزين للعالم حقيقتها تتحرك بدوائر لتحمي كل جهاتها، تتخذ القرارات حين تكون عاشقة وتنشب أظافرها في جسد الإهمال لتدمره مئات الأمور والتصورات ترسمها في مخيلتها وعند أول كلمة حب أو إشارة اهتمام أو لحظة حنين تسلم أسلحتها للحب وتعود إلى رقتها ولطافتها .

«لا »النافية التي تسبق الفعل «تنتظرني»، تحمل ألف نعم، وألف أمل ،والكثير من الأمنيات إنك ستلتقط كل هذا الحب وتنقذه من جنون ردات الفعل التي تعتري امرأة أحبت بصدق وخشيت أن تهزمها أنت والحب .

[email protected]