adel
adel
أعمدة

المؤامرة

02 يوليو 2019
02 يوليو 2019

عادل محمود -

هناك تذمر شائع من فكرة «المؤامرة» حين يتجادل الناس حول عوامل حدوث ما يحدث: الحروب، والانقلابات، والثورات، والتصفيات، والتدمير، والتعمير... كلها مؤامرة، نقضي العمر، نحن فقهاء ظلام الواقع، بالبحث عن خيوطها.

وحين يريد المحاور -التلفزيوني خاصة- أن يتهم زميله في الحوار يقول له: «أنت من جماعة نظرية المؤامرة، وأنت تنسى العامل الداخلي وتستسهل إلقاء اللوم على العامل الخارجي»، ثم يتواطأ الاثنان على الحقيقة باقتسام العوامل.

أنا أعتقد أن أي شيء يحدث في هذا العالم هو، بمعنى ما، مؤامرة، بشرط اعتبار التخطيط صفحة أولى في دفتر الشروط. الزواج مؤامرة، يخطط لها اثنان... لإنجاب ثالث.

العزوبية مؤامرة، يتمتع فيها الفرد الواحد بمزايا الجمع المتعدد.

اكتشاف النفط مؤامرة... الحفر، والاستخراج، والتسويق، والتراكم، والثروات. نكون في حقل المؤامرة الأولى، ثم نجد أنفسنا خلال أقل من مائة سنة، أشخاصًا وجهات، ارتكبوا أكثر من ألف مؤامرة، وقد كلفت هذه المؤامرات ما لا يمكن إحصاؤه، ولكنه يفوق المائة مليون إنسان.

ومن يتمعن في مؤامرات البشر لا يجد كبير فرق بينهم وبين الثعالب والذئاب والخنازير، والسؤال هو: أليس للمؤامرة بالمعنى الذي أقصده... أية مزايا؟

إليكم، إذن، هذه المؤامرة:

«عندما كنت صغيرًا، ذهبت، برفقة أبي لمشاهدة عرض في السيرك، وقفنا في صف طويل لقطع التذاكر، وكان أمامنا عائلة مكونة من ستة أولاد وأب وأم، كان الفقر واضحًا عليهم، ملابس قديمة ونظيفة، وكان الأولاد فرحين جدًّا وهم يتحدثون عن السيرك، وبعد أن جاء دورهم، تقدم الأب إلى شباك التذاكر وسأل عن سعر البطاقة، فلما أخبره عامل شباك التذاكر عن سعرها، تلعثم الأب وأخذ يهمس إلى زوجته، وعلامات الإحراج بادية على وجهه، فرأيت أبي قد أخرج من جيبه 20 دولارًا ورماها على الأرض، ثم انحنى والتقطها، ووضع يده على كتف الرجل وقال له: (لقد سقطت نقودك)، نظر الرجل إلى أبي، وقال له والدموع في عينيه: (شكرًا سيدي)، وبعد أن دخلوا سحبني أبي من يدي، وتراجعنا عن الطابور؛ لأنه لم يكن يملك غير العشرين دولار هذه، ومنذ ذلك اليوم، وأنا فخور بأبي، وكان ذلك الموقف أجمل عرض شاهدته في حياتي، أجمل بكثير، حتى من عرض السيرك الذي لم أشاهده، بقي أن أقول لكم: إن راوي هذه المؤامرة، وبطلها هو (شارلي شابلن)».