Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ : أدمغة موهوبة!

02 يوليو 2019
02 يوليو 2019

أحمد بن سالم الفلاحي  -

[email protected] -

يحكى - والعهدة على الراوي- أن هناك بعضا من طلبة العلم استطاعوا اختراق شبكات المؤسسات التي ينتمون إليها، سواء على مستوى مراحل التعليم الأولى في المدارس، أو مراحل التعليم العالي في الجامعات، والكليات الأخرى، وهذا أمر متوقع في ظل «سيناريوهات» كثيرة، يأتي في مقدمتها روح المغامرة التي -عادة- ما تغتلي في نفوس هؤلاء الفتية في هذا العمر، ومنها قدرتهم المعرفية الـ«خلاقة» في سبر غور هذه التقنية العالية الدقة، وسبب ثالث، هو جس نبض الاستحكامات الأمنية «الفنية» التي تضعها هذه المؤسسات لحماية محتواها المتعدد الأوجه، وفي مقدمتها الامتحانات، والنتائج النهائية للطلبة، وبالإضافة إلى المعلومات الإدارية، والخطط والبرامج.

ولقراءات هذا السلوك: من قبل هؤلاء الطلبة الـ«موهوبين» فطريا، ومعرفيا بهذه التقنية العالية الدقة، هم يقينا لا تهمهم كثيرا مسألة الخطط والبرامج التي تضعها المؤسسة العلمية، وربما قد يعنيهم شيء فيما يخص الامتحانات، أو النتائج، ولكن أغلب هذه الخروقات هي من باب الفضول، الذي غالبا ما يتخذ مساحة واسعة من اهتمامات هذه الفئة العمرية بالذات، وهذا الفضول ليس مقصورا على هذا السلوك الخطير، ولكن للشعور الموجود بقوة التحدي، واختبار إمكانيات الذات، وما وصلت إليه من خبرة معرفية في هذا الاتجاه.

والقصة ليس هنا مربط فرسها، وإنما في الخطوات التي تعقب هذا السلوك، وهو الزج بهذا الطالب «المبدع» في متون القضايا، وقد يتعرض لعقاب قاس يحرمه مستقبله المعرفي، وبدلا من أن يؤخذ بيده، ويوجه التوجيه الذي يعود به لخير الوطن، تعطل طاقته الإبداعية هذه ويعيش سنوات مغيبا عن واقع هو بحاجة لمثل هذه العقول النيرة، حيث لم تعد اليوم الاستحكامات على المستوى الشخصي أو المؤسسي، هي استحكامات مادية بحتة، فـ«دمغة» سري، وسري للغاية، ومحدود التداول، لم تعد كفيلة بحفظ الأمانات والأسرار، وممارسات الواقع تتجاوز هذه المحددات التقليدية التي لم يعد لها مكان اليوم، في ظل تقنية الكرتونية متناهية الدقة، فالعالم اليوم يتحدث عن مفهوم الـ«خمسة الكبار» في عالم التقنية، وهي التي تسير العالم من مشرقه إلى مغربه، و«الشاطر» من يقف صامدا أمامها، ليس بعنترية وقوة، ولكن بما يملكه من معرفة، وهؤلاء الخمسة الكبار -حسب بعض المصادر- هم: (جوجل، وآبل، وفيسبوك، وأمازون، ومايكروسوفت) وكل شركة من هذه الشركات لها أذرع ثانوية، مثل: (يوتيوب، وواتساب، وانستاجرام، وسكايب) وحسب بنفس المصدر إن: «صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، لقبت هؤلاء الخمسة الكبار بـ«نقابة الجريمة الرقمية المنظمة».

ربما يتبادر سؤال هنا: لماذا أتيت بمثال الطلبة على وجه الخصوص؟

فلربما هناك آخرون قاموا بنفس السلوك لجهات أخرى؟

وردا على هذا السؤال، إن هذا الأمر حالة مشاعة اليوم، وتتعمق انتهاكاتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، فالحالة بهذا الوصف «مشاعة» وكل من له القدرة على ذلك لن يتوانى، ولعل أكبر شاهد هو ما تتعرض له البنوك من خروقات مستمرة، وأمامها تحديات كثيرة وخطيرة، وإنما أستحضر مثال الطلبة هنا، لأذهب إلى ضرورة تبني مثل هذه العقول، وليس معاقبتها، لأن كل المؤسسات اليوم، وعلى المستوى الشخصي أيضا، معرضة لمثل هذه الخروقات، وبالتالي، وللحماية النسبية -على الأقل- يجب استثمار مثل هذه العقول عند تحققها من خلال رصد ما تقوم به من ممارسات غير واعية -في لحظتها- حيث تجب المراهنة عليها لوضع استحكامات أمنية إلكترونية لمختلف المؤسسات بلا استثناء، فالواقع هو الذي يجبر صناع القرار على اتخاذ مثل هذه الخطوات، وعلى احتواء مثل هذه العقول، لأننا نعيش وسط غابة إلكترونية الحياة فيها -فعلا- للأقوى.