صحافة

صفقة القرن.. ورشة السلام من أجل الازدهار

01 يوليو 2019
01 يوليو 2019

تعود مشكلة الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الوراء عشرات السنين، ولم تفلح مجهودات كثيرة لرؤساء أمريكيين عديدين بدءًا من كلينتون حتى أوباما من حل هذه المشكلة، إلى أن جاء الرئيس الحالي دونالد ترامب، وأعلن عن ما يسمى «صفقة القرن» وهي خطة سلام أمريكية لحل النزاع المتجذر بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي.

وصفقة القرن هذه لها جانبان: أحدهما سياسي قد لا يُكشف عنه قبل نوفمبر المقبل، والآخر اقتصادي وهو الذي انطلقت فعاليته في المنامة عاصمة البحرين الثلاثاء الماضي برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركة العديد من الدول الغربية والعربية، فيما غاب عنها الطرفان المعنيان بالأمر، وهما الفلسطينيون والإسرائيليون.

وانعقد مؤتمر المنامة برئاسة جاريد كوشنر، وهو صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتقترح الخطة جذب استثمارات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار، غالبيتها لصالح الفلسطينيين، وإيجاد مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي، ويمتد تنفيذها على عشرة أعوام، ويطلق على هذا المؤتمر أو الفعالية «ورشة السلام من أجل الازدهار»، وهو أول مؤتمر علني حول «صفقة القرن» التي قاطعها الفلسطينيون؛ حيث لا يمكن الحديث عن الجانب الاقتصادي قبل التطرق إلى الحلول السياسية الممكنة لجوهر النزاع، بحسب تبرير غيابهم.

صحيفة «الجارديان» وصفت هذه الصفقة بأنها «تمثيلية»، ففي افتتاحيتها بعنوان «أمريكا تروج للوهم في الشرق وليس لصفقة» تناولت الآراء المختلفة حول هذه الصفقة، فبعض السياسيين يسلطون الضوء على بعض الموضوعات المتعلقة بها، فيما يقوم البعض الآخر بمحاولة إخفاء الموضوع تماما. وذكرت الافتتاحية أنه رغم الدعاية التي أثيرت حول «صفقة القرن» جاء الجانب الاقتصادي منها «هزيلا وبائسا وغريبا في الوقت نفسه»، وغياب الفلسطينيين تبعه غياب الإسرائيليين ما جعل مؤتمر المنامة مسرحية غاب أبطالها، كما لم يحضر نصف فريق العمل أيضا، وأرسلت الدول العربية ممثلين منخفضي المستوى، ولم يحضرها ترامب نفسه رغم أنه مهندس الصفقة واكتفى بإرسال كوشنر.

وخلصت الافتتاحية إلى اعتبار الصفقة أنها «وهمية» بتكلفة 50 مليار دولار، من دون ميزانية، وأن «هناك بديلا واحدا لهذا كله، وهو حل الدولة الواحدة، الذي لا تكون فيه إسرائيل يهودية ولا ديمقراطية، وعليه فإن الفنتازيا التي قدمت في المنامة لم تفعل الكثير لإخفاء الواقع».

وفي تقرير آخر كتبه مارتن شولوف لصحيفة «الجارديان»، حول فشل «صفقة القرن»، أشار فيه إلى أن ترامب وصهره كوشنر لم يجدا اهتماما بالخطة، وأن «صفقة القرن» مجرد محاولة فاشلة، وأن الخطة لم تقنع أي من طرفي الانقسام ولم يكن هناك أي اهتمام بها لا في رام الله ولا في غزة، حتى إن الإعلام الإسرائيلي قلل من أهمية المؤتمر.

وأشارت الصحيفة في ختام تقريرها إلى ما قاله توني بلير: «من السذاجة الاعتقاد أنه يمكن أن يكون لديك اقتصاد دون حلول سياسية ناجعة، ومن العبث التفكير بنجاح السياسة دون مبادرات اقتصادية».

ونشرت صحيفة «التايمز» تقريرًا كتبه مراسلها لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر بعنوان «كوشنر يعلن وفاة حل الدولتين» أشارت فيه إلى تحويل كوشنر افتتاح القمة إلى حلقة عمل لاستعراض وعود الازدهار الاقتصادي للفلسطينيين، وتأكيد أن سحب الولايات المتحدة تأييدها عبر الإدارات السابقة لحل الدولتين الذي كان مطروحا كخيار لا حياد عنه لتسوية الصراع في الشرق الأوسط، ودعمت دول الخليج خطط إدارة ترامب الاقتصادية التي قدمها صهره جاريد كوشنر في المنامة على مدى يومين، موضحة أنها ترتب لعلاقات جيدة مع إسرائيل هي أمر محوري لمستقبل المنطقة. وفي صحيفة «ديلي تليغراف» كتب راف سانشيز تقريرا بعنوان «خلافات واضحة بين جاريد كوشنر والسعوديين مع افتتاح قمة المنامة»، أشار فيه إلى تصريحات كوشنر لقناة الجزيرة قبل بدء القمة بقوله: «يجب أن نعترف جميعا بأنه لو كان هناك أي اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فلن يكون ذلك طبقا لخطة السلام العربية». وهو ما ردت عليه السعودية في بيان أكدت فيه موقفها الحازم من أن خطة السلام العربية هي الطريق لحل الصراع، وأعربت فيه عن مساندتها لمطالب الفلسطينيين بتأسيس دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الأمر الذي يرفضه كوشنر.

وفي تقرير آخر للصحيفة نفسها والكاتب نفسه بعنوان «كوشنر قد لا يستطيع التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، لكنه قد يجمع العرب وإسرائيل»، جاء فيه أن كوشنر لم يتمكن من فعل الكثير خلال قمة البحرين، وأن هذه القمة ساعدت على جمع الحلفاء من عرب الخليج والإسرائيليين.