1252596
1252596
المنوعات

علماء يجرون تجارب للمساعدة على إكثار الببغاء البومة أو الكاكابو النيوزلندي المهدد بالانقراض

28 يونيو 2019
28 يونيو 2019

ويلنجتون، «د ب أ»: يعتبر الكاكابو أكبر وأضخم ببغاء في العالم، فضلا عن أنه من الطيور الضخمة التي لا تقوى على الطيران، حسب وصف خبير علم الحيوان البريطاني مارك كارواردين. وحتى سنوات قليلة، كان هذا الطائر على وشك الانقراض، بسبب تهديدات الفئران، وقوارض فرائية مثل الخز والنمس وغيرها من الحيوانات، التي جلبها المستعمر. ولكن في الوقت الراهن يعمل علماء الأحياء على مساعدة الببغاء البومة على الحصول على «وليف» من أجل التكاثر لكي تتزايد أعدادها.

في الماضي، لم تكن هذه القوارض موجودة في نيوزيلندا، ومن ثم لم تكن ببغاوات الكاكابو مؤهلة للتصدي لهذا النوع من الأعداء، فقد كانت تعيش على الأرض في قلب الغابات، وفي نفس الأماكن تضع بيضها، لأنها لا تقوى على الطيران، ولم تكن لديها أية استراتيجيات دفاعية.

وتعتبر فترة التسعينيات أصعب فترة على هذه الطيور حيث تناقصت أعدادها لأقصى حد، ولم يتبق على قيد الحياة منها سوى 50 طائرا فقط، أما الآن فقد تضاعفت أعدادها ثلاث مرات على الأقل، بفضل جهود الخبراء الألمان بالتعاون مع علماء من دول أخرى اهتموا بدعم الحفاظ على أن يبقى الكاكابو على قيد الحياة.

وتعتبر نيوزيلندا البيئة الطبيعية للعديد من الطيور الغريبة، وبحكم موقعها الجغرافي، عاشت الطيور والحيوانات والنباتات وتطورت طوال فترات ممتدة، بدون أن يقض مضجعها أو يخل من انسجامها مع بيئتها الطبيعية أي عامل من العالم الخارجي. ومن أبرز هذه الطيور الكيوي رمز نيوزيلندا الشهير، وهو أيضا لا يطير ومن الأنواع المهددة بالانقراض. يمتلك أرجل طويلة نسبيا وقوية في نفس الوقت تساعدها على الجري السريع ، حجمه قريب من حجم الدجاجة، ويغطي الريش الناعم جسمه بشكل منسدل.، وهو أصغر أنواع النعاميات الحية حجما، ويضع بيضة كبيرة جدا بالنسبة إلى حجمه هي الأكبر نسبيا بين الطيور كلها في العالم، كما أن الذكر هو الذي يرقد على البيض مدة 80 يوما . وهناك ببغاء الكيا المعروف بـ(سيد الجبل)، الذي يهوى اقتلاع المسامير من الأسقف أو التحليق فوق السيارات المسرعة.

وبحسب لغة الماوري، السكان الأصليون في نيوزيلندا، تنقسم كلمة كاكابو إلى قسمين (كاكا) وتعني ببغاء و(بو) وتعني الليل، وهو ليس مجرد ببغاء ليلي، فهو طائر ولكن لا يتصرف كباقي الطيور. يوضح عالم الأحياء اندرو ديجبي، المتعاون مع برنامج الحفاظ على الكاكابو بإدارة الحماية «كل نوع من هذه الطيور يتميز بسلوك يكشف عن شخصية مستقلة تماما». يصف خبير علم الحيوان البريطاني مارك كارواردين، الكاكابو بأنها «طيور تحتاج للحب والعطف مثل الكلاب واللعب مثل القطط الصغيرة الشقية». ويضيف أن هذه الطيور يمكن أن تواصل النمو حتى تصبح بحجم كرة قدم كبيرة، ويعيش منها 150 طائرا في جود فيش أيلاند (Whenua Hou) وأنكور أيلاند (Puke Nui) بعيدا عن ساحل الجزر الجنوبية في نيوزيلندا. كما تعيش في الجزر النائية، بمعزل عن الثدييات التي جلبت إلى مناطق أخرى من نيوزيلندا، حيث تتعايش هذه الببغاوات في الجزر مع العلماء والمتعاونين في حماية الطبيعة والمتطوعين الذين يعملون بلا كلل من أجلهم.

وقد أصبحت النظرة المستقبلية لببغاوات الكاكابو جيدة: فكل الإناث تقريبًا تضع بيضًا، بعضها حتى مرتين. من بين ما مجموعه 249 بيضة ، فقس ما يقرب من 75 فرخا على قيد الحياة. ربما لن يصمد جميعهم. يقول العالم ديجبي: «نأمل أن يتبقى خمسون على الأقل».

يقول خبير تربية الطيور مايكل ليرز الذي يتعاون مع فريقه من جامعة جيسن مع برنامج رعاية الأنواع «هذه الطيور تتلقى أيضا الدعم من ألمانيا، والهدف الرئيسي هو إشراك الذكور الذين لم ينجبوا ذرية بعد في عملية الإكثار للحفاظ على النوع». يوضح ليزر «يجمع العلماء عينات من الحيوانات المنوية ويحللون جودتها. وفي معظم الحالات يتم الحصول على الحيوانات المنوية بواسطة تقنية التدليك». ويضيف إنه يمكن للباحثين أيضًا الوصول إلى البيانات الوراثية لجميع ببغاوات الكاكابو على قيد الحياة، والتي تم جمعها في مشروع تم الانتهاء منه مؤخرًا. ومن خلال هذه البيانات، يمكنهم تحديد أي أنثى يجب أن تتلقى الحيوانات المنوية من أي ذكر. وبسبب «المجموعة» الوراثية الصغيرة، يعد هذا ضروريًا لبقاء النوع ، لأن بعض الذكور لا تتاح لها الفرصة للتزاوج ويحتاجون إلى المساعدة، حسب رأي العالم الألماني.

يتابع ليرز «بعد عملية التزاوج، يساعد الباحثون في التلقيح الصناعي لدى الإناث، مشيرا إلى أن «الإناث اللاتي يتزاوجن مع أكثر من ذكر هم أكثر قابلية لوضع البيض المخصب».

وتحمل جميع ببغاوات الكاكابو أجهزة إرسال تسجل بيانات حول موقعها وسلوكها. كما يكتشف الباحثون أيضًا متى حدث التزاوج بين ببغاوين ، مما يعني أيضًا أن الأنثى تمر بفترة خصوبة. حينئذ يجب عليهم اختيار ذكر للتلقيح الاصطناعي والاحتفاظ به. وهذا يتطلب أحيانا ساعات طويلة من التجوال في أنحاء مهجورة ووعرة من الجزر، يوضح ليرز «إذا كانوا على شجرة ولم نتمكن من الوصول إليهم، فيجب علينا مواصلة السير بحثا عن ذكر آخر، خاصة وأن الكاكابو خبراء في التسلق».

وفي حالة حصول العلماء على عينة من السائل المنوي ، يجب على فريق الباحثين العثور على الأنثى المناسبة، والتي قد تكون مختفية أيضًا في طلع شجرة. ولحمل السائل المنوي عبر أنحاء الجزيرة خلال رحلة البحث الشاقة، يستخدم اعتبارا من العام الجاري، طائرات بدون طيار «مروحية السائل المنوي» كما أطلق عليها العلماء.

وعلى الرغم من مدى المشقة التي يقتضيها تقديم المساعدة لتزاوج ببغاوات الكاكابو، يؤكد ليرز أنه يستمتع بعمله تماما في نيوزيلندا مع هذا النوع المهدد بالانقراض إلى حد كبير، ويقول «كل خطوة على هذه الجزيرة تشبه السير في الجنة».