Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ :أثرياء يطالبون بفرض ضرائب «على ثرواتهم»

28 يونيو 2019
28 يونيو 2019

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

حث خبر نشره موقع الـ( بي بي سي) العربي على فرض ضرائب على ثروات فاحشي الثراء في الولايات المتحدة، وذلك بهدف تعزيز المساواة، والتصدي للتغير المناخي وتحسين أداء الاقتصاد، والمساعدة على الإبطاء من وتيرة تركز الثروات المتزايدة الذي يقوض الاستقرار والتكافل في أمريكا، ومما جاء في نص الخبر؛ بتصرف: «حث عدد من أبرز الأثرياء في الولايات المتحدة مرشحي سباق انتخابات الرئاسة المقررة في 2020م على دعم ضريبة ثروات على فاحشي الثراء لتعزيز المساواة ومكافحة التغير المناخي، وذلك في خطاب مفتوح موجه إلى المرشحين». وقال الموقعون على الخطاب الموجه إلى المرشحين: «هناك مسؤولية أخلاقية واقتصادية ملقاة على عاتق الولايات المتحدة تدفع بها في اتجاه فرض المزيد من الضرائب على ثرواتنا». ومن أبرز من وقعوا على الخطاب المفتوح جورج سوروس، والشريك المؤسس في فيسبوك كريس هيوز، ومولي مونجر بنت الملياردير شارلي مونجر. وأشار الخطاب: «قد تساعد ضريبة الثروات على إيجاد فرص جديدة وتعزز الحريات الديمقراطية، وتحقيق صالح جمهوريتنا».

الغريب في الأمر أن من يطالب بفرض هذه الضريبة هم الأثرياء أنفسهم، وليس المترشحون للانتخابات، وأقيّم هذه الخطوة بأنها قمة في الإيثار والسخاء الإنساني، ومستوى رفيع في التكافل والتضامن الوطني الجميل الذي تفتقده كثير من الشعوب التي تنتمي إلى معززات التكافل والتضامن سواء من جانب القيم الدينية الحاثة أبدا على ذلك، أو من جانب القيم الاجتماعية الرائعة التي تتجذر فيها مثل هذه الخطابات، حيث تذهب إلى الإيثار والتصدق، وتنقية الأموال من شوائب البخل والتقتير، التي في المقابل سوف تغني قطاعا عريضا من أبناء المجتمع عن ذل السؤال والحاجة، والتردي في مهاوي الرذيلة.

يأتي الدين الإسلامي كموجه سام وأساسي في هذا الجانب، وذلك من خلال حث أبنائه على الزكاة والصدقة، والتعاون، وكفالة اليتيم والمحتاج، وذوي الحاجة، وفي ذكر الأصناف التي تستحق الزكاة؛ على وجه الخصوص؛ أكبر دليل على الاعتناء بالأموال، وتصريفها السليم، هذا بخلاف المنافذ الأخرى للتصريف الدقيق، والعائد على صاحبه بالخير العميم، لأنه مرتبط بتوجيه كريم وعزيز وسام من لدن رب العزة والجلال سبحانه وتعالى، وفي معرض هذا الحديث يذكر سماحة المفتي- أكرمه الله بالصحة والعافية- في إحدى المحاضرات، أن أحد الأثرياء جاءه لاحتساب زكاة أمواله، فوجدوا أنها كبيرة، فتردد صاحبها، حتى وافته المنية، فورثه أحد أحفاده، حيث بعثر تلك الأموال الضخمة، وكانت نهاية هذا الحفيد الانتحار.

وقبل يومين دار نقاش في مجلس ما، حول زكوات الأموال، وكيف لو أن الأثرياء أدوا زكوات أموالهم، يقينا لن يبقى محتاج ولا فقير، ولربما ساعد ذلك أيضا على تبني برامج تنموية كبيرة وعديدة، مما يقلل من مستوى الإنفاق على خزينة الدولة ككل، ولعاشت البلاد في تكافل اجتماعي مميز يحسب لهؤلاء الأثرياء، ومدى مساهمتهم الخيرة في البناء والتشييد، ولكن تبقى هذه كلها أمنيات، وتحقيقها في يد هؤلاء جميعا الذين أسبغ الله عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، ولنا في تجربة صناديق التكافل المنتشرة في جميع أنحاء السلطنة أروع الأمثلة حيث تستقبل مئات الآلاف من الريالات في العام الواحد، فتوزع سخاءها الإنساني؛ قبل كل شيء، وسخاءها المادي على مئات من الأسر المعسرة والمحتاجة، مما يعكس سخاء ورضا هذا الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض الطيبة المعطاءة.

ويبقى ختاما القول: «كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس» أو قال: «حتى يحكم بين الناس» والمقصود به يوم القيامة، أو كما جاء في الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم.