1252528
1252528
المنوعات

أثريون يفتحون خطابات ظلت مغلقة طوال 4000 عام في المقابر

27 يونيو 2019
27 يونيو 2019

الفراعنة عرفوا الرسائل العاجلة وكتبوا خطابات للموتى -

الأقصر - (د ب أ): من الحكايات المثيرة التي يتناقلها العالمون بحقل التنقيب الأثري في مدن مصر الغنية بالمقابر والمعابد القديمة مثل الأقصر وأسوان، هي الروايات التي تُحكى عن تلك الخطابات التي ربما لم تصل لأصحابها وظلت مغلقة لقرابة 4000 عام، وفتحت على يد الأثريين وعلماء المصريات، خلال تنقيبهم عن آثار الأقدمين في جبانة طيبة وأبيدوس وجبال أسوان؛ إذ وجدت بعض تلك الخطابات مغلقة وعليها خاتم من الطين كان يوضع لضمان سرية الخطابات.

ويقول المدير العام لمنطقة آثار مصر العليا الدكتور محمد يحيى عويضة: «إن مناطق مصر الأثرية شهدت العثور على الكثير من الرسائل والخطابات التي كتبت على ورق البردي، بجانب نصوص كُتبت على قطع من الفخار تعرف باسم «الأوستراكا»، وأن مصر ما تزال تحتفظ في باطن أرضها ومقابرها ومعابدها الأثرية بالكثير من الرسائل والخطابات التي لم تكتشف بعد».

خطابات الموتى:

ومن الطريف -كما يقول عويضة- أن قدماء المصريين عرفوا الرسائل العاجلة، كما تفردوا بكتابة رسائل إلى موتاهم، فيما عرف بخطابات الموتى.

وحول طريقة تجهيز الخطابات في مصر القديمة، يقول المدير العام لمنطقة آثار مصر العليا: «إن قدماء المصريين كانوا يقومون بطي لفافات ورق البردي إلى نصفين، ويربطونها بخيط، ويثبت الخيط بخاتم من الطين، ويُكتب اسم المُرسل واسم المُرسل إليه من الخارج».

وكما يروى علماء المصريات جورج بوزنر وسيرج سونرون وجان يويوت وأ.أ. ادواردز وف. ل. ليونيه في كتابهم المشترك معجم الحضارة المصرية القديمة، والذى ترجمه المصرى أمين سلامة، أنه في أحيان كثيرة كان علماء المصريات هم أول من فتح تلك الخطابات المصرية القديمة، واكتشفوا الرسائل العاجلة التي أرسلت قبيل 3000 عام و4000 عام.

وكانت الخطابات تبدأ بكلمات رقيقة وسؤال: «كيف حالك» و «كيف حال صحتك» وجمل أخرى مثل: «عسى أن تزدهر» و«عسى أن تكون موضع رعاية بتاح -الإله- سيدنا الطيب»، ورسائل أخرى بها الكثير من الحب والشوق مثل: «كم أشتاق إلى رؤيتك» و«رغبتي في رؤيتك عظيمة»؛ حيث كانت الخطابات في مصر القديمة بمثابة «قطعة إنشاء أدبية».

ولأنه لم يكن هناك حد فاصل بين عالم الأحياء وعالم الموتى، بحسب معتقدات مصر القديمة، إذ كانوا يعتقدون أن الشخص الميت يحتفظ بشخصيته بعد موته، كما يحتفظ بكل صداقاته التي كانت قبل موته، وكان الميت يملك قوة خارقة للطبيعة تساعده في تقديم المعونة لأقاربه، بحسب معتقداتهم، فقد عرف قدماء المصريين رسائل تعرف بخطابات الموتى، فكان بعض الشبان يكتبون رسائل لآبائهم (يشكون لهم من مشكلة ما ويطلبون مساعدتهم)، وكانوا يبعثون بتلك الخطابات إلى قبور موتاهم.

ويقول علماء المصريات جورج بوزنر وسيرج سونرون وجان يويوت وأ.أ. ادواردز وف.ل. ليونيه في كتابهم المشترك معجم الحضارة المصرية القديمة: «إن الخطابات الموجهة إلى الموتى في مصر القديمة، كانت تكتب على قطع من الفخار، وإنه أمكنهم العثور على عشر رسائل موجهة في خطابات إلى الموتى وقد كتبت جميعها على صحائف من الفخار، وإن بعض تلك الرسائل تعود إلى القرون الأخيرة من الألف سنة الثالثة قبيل الميلاد، وإن من الرسائل المثيرة للدهشة التي عُثر عليها وترجع للقرن الثالث عشر قبيل الميلاد، هي خطاب وجهه ضابط إلى زوجته المتوفية بعد أن ظن أنها تؤذيه من داخل قبرها فكتب لها رسالة عتاب قال فيها:

إلى الروح الباهرة «عنخيرى» أي ضرر فعلته بك حتى توقعيني في هذه الحال المحزنة؟ رفعتِ يدك ضدي رغم أن يدي لم تمتد إليكِ بأي أذى، ماذا فعلتُ منذ اليوم الذي صرت فيه زوجا وحتى اليوم؟ هل اقترفتُ في حقكِ شيئا أخفيه؟... تزوجتكِ عندما كنت شابًّا وعشت معكِ ولم أترككِ وتحاشيتُ أن أفعل أي شيء يحزن قلبك .. أما أنتِ فقد فعلتِ ما يجعلني أوجه هذا الاتهام ضدك .. سأتقدم بشكوى ضدك في العالم الآخر».

وهكذا كان القدماء في مصر القديمة، يرسلون بخطاباتهم إلى الموتى، تارة يطلبون العون، وتارة يعاتبون موتاهم في رسائل مؤثرة، ولا زال الأثريون يعثرون على خطابات تركها القدماء وفي معابد ومقابر الفراعنة في الكثير من مدن مصر الأثرية وبخاصة في الأقصر وبين ربوع جبانة طيبة التي تضم مئات المقابر التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة قبيل آلاف السنين.