1240182
1240182
عمان اليوم

دراســة بحثية تؤكــد احتـواء زيت الزيتـون المحـلي عـلى كميات كبيـرة من مضادات الأكسدة لها القدرة على الحد من تأثير جينات سرطانية

21 يونيو 2019
21 يونيو 2019

شجعت على زراعته وإنتاجه وتوزيعه في الأسواق بأسعار معقولة -

كتبت -  مُزنة الفهدية -

أكدت دراسة بحثية أن زيت الزيتون المحلي يحوي كميات كبيرة من مضادات الأكسدة ومنافسة للزيوت الأخرى رغم حداثة زراعته وإنتاجه في السلطنة، حيث تعد بيئة الجبل الأخضر بيئة ثرية ومناسبة لزراعة هذا النوع من الأشجار، كما أن عملية استخلاص الزيت عملية سهلة وليست معقدة مما يشجع على زيادة زراعة وإنتاج زيت الزيتون العماني وتوزيعه في الأسواق العمانية بأسعار معقولة ومنافسة للزيوت الأخرى.

ونظرا لأهمية هذا النوع من البحوث فقد تم تمويل المشروع البحثي من المنحة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

وقالت بقية بنت علي المغيرية طالبة دكتوراة بجامعة السلطان قابوس بكلية العلوم - قسم الكيمياء صاحبة البحث: «نسعى دائما في قسم الكيمياء بكلية العلوم في جامعة السلطان قابوس إلى ربط البحث العلمي بالمجتمع المحلي، ففي دراسة حديثة تم نشرها في إحدى المجلات العالمية المحكمة التي تعتبر الأولى من نوعها استهدفنا زيت الزيتون العماني في دراسة مقارنة بينه وبين الزيوت العالمية الشهيرة الأخرى كزيت الزيتون التونسي والفلسطيني والأردني والأسباني والمغربي».

وأوضحت المغيرية أن الهدف من الدراسة هو تحديد كمية مضادات الأكسدة في عينات مختلفة من زيت الزيتون بما فيها زيت الجبل الأخضر، وتم الحصول على عينات من العصرات الأولى من كل زيت وبالنسبة لزيت الجبل أخذنا عينات من سكان الجبل المحليين ومن المزارع السلطانية، وتم إجراء التجارب في المختبرات المصغرة (مختبر في رقاقة)، التي توفر الكثير من الوقت والجهد والمال من خلال استخدام كميات صغيرة جدا من المواد الكيميائية المستخدمة لأغراض التحليل.

رقاقات ثلاثية الأبعاد

وأضافت: «إن الجديد في هذه الدراسة تنفيذها في رقاقات ثلاثية الأبعاد تم تصميمها وطباعتها في مختبراتنا بقسم الكيمياء وذلك للحصول على أفضل تصميم يمكنه إعطاء أفضل النتائج من حيث القدرة على خلط المواد الكيميائية وسرعة حدوث التفاعل الكيميائي، وتم تفعيل تفاعلات التضوء في قطرات نانوية داخل هذه الرقاقات المخبرية لتحديد كميات مضادات الأكسدة في زيت الزيتون وهي عبارة عن مواد كيميائية تتوهج وتصدر ضوءا عند تفاعلها مع مضادات الأكسدة فكلما كانت كمية مضادات الأكسدة عالية في العينة كان الضوء أكثر توهجا، وباستخدام معادلات كيميائية ورياضية أمكننا ربط شدة الضوء الناتج بكمية مضادات الأكسدة وتحديدها كميا في كل عينة».

شجرة الزيتون

الجدير بالذكر، أن شجرة الزيتون في السلطنة كانت تسمى بالعتم وكان استخدامها يقتصر على صنع العصي ثم وبتوجيه من الحكومة الرشيدة تم زراعة العديد من الشتلات الجديدة من أشجار الزيتون في الجبل الأخضر عام 2012 تقريبا وتم مؤخرا إنتاج كميات تجارية ما يزيد عن 30 طن من الزيت الخالص وتوزيعها وبيعها في الأسواق مما شجع الكثير من المواطنين في الجبل الأخضر على التوسع في زراعتها.

وهناك ما يُقارب من 750 مليون شجرة زيتون تتوزع حول العالم أكثرها يتركز في بلدان البحر الأبيض المتوسط وجنوب أوروبا والمغرب العربي، كما تم زراعتها أيضا في بعض دول الخليج العربي منذ سنوات عديدة مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

وشجرة الزيتون شجرة طيبة مباركة ورد ذكرها في القرآن الكريم، وقد استخلص الإنسان زيت الزيتون من مئات السنين واستخدمه لأغراض غذائية واستشفائية وتجميلية إذ يُعَّد زيت الزيتون من الزيوت الغنية بالفيتامينات والمعادن و85% من الدهون الموجودة به صديقة للقلب إذ يعمل على تقليل نسبة الكوليسترول في الدم كما أنه مقوٍ للمناعة، سهل الهضم وسريع الامتصاص، فاتح للشهية ويساعد على سرعة التئام الجروح وتخفيف الالتهابات والطفح الجلدي.

كما يُعتبر زيت الزيتون من أقوى مصادر مضادات الأكسدة والتي لها تأثير قوي في تخليص الجسم من الأيونات والجذور الحرة الضارة التي تتراكم بمرور الوقت وتؤثر على الخلايا السليمة وتحولها إلى خلايا سرطانية فقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن زيت الزيتون يحوي مضادات أكسدة لها القدرة على الحد من تأثير بعض الجينات السرطانية مثل حمض الأولييك.

تصغير الأجهزة

وعلى صعيد متصل أوضحت المغيرية أن «التصغير في عالم التكنولوجيا أصبح يفرض نفسه بقوة بمرور الوقت، ولعل أبسط وأقرب مثال هو أجهزة الهاتف وأجهزة الحاسب الآلي المحمول (اللاب توب)، العالم الآن يسرع الخطى نحو تصغير الأجهزة بحيث يسهل حملها إلى أي مكان، فبدلا من أن يحتل الجهاز غرفة بأكملها وتَحمُّل عناء جلب العينات إلى المختبر التي ربما تتأثر أثناء عملية النقل، أصبح بالإمكان الآن تصغير هذه الأجهزة وحملها إلى موقع العمل وإجراء التحليل في ذات الموقع، مثل أجهزة قياس درجة الحموضة للمياه والتربة وأجهزة فحص الثمار لتحديد كميات بعض المواد الكيميائية كالنترات في ثمار الطماطم مثلا أصبحت متاحة تجاريا كأمثلة على أجهزة مصغرة سهلة الحمل تعطي نتائج فورية وتستخدم في موقع العمل كالسوق والحقول».

وأضافت: «إن السعي لتصغير أجهزة التحليل الكيميائي ليست بالعملية السهلة أو المباشرة لأن من شأن تصغير الجهاز أن يقلل من كفاءة أدائه ولهذا فإن أغلب جهود الباحثين تُكرّس لتقديم فكرة مصغرة للجهاز بشرط الحفاظ على نفس الكفاءة على الأقل إن لم يُحسنها ويطورها ولهذا يعتبر التصغير تحديا كبيرا للباحثين»، مشيرة إلى انهم في قسم الكيمياء بجامعة السلطان قابوس كانوا يعانون من الاستهلاك الكبير للمواد الكيميائية في البحوث والتجارب الطلابية على مدى سنوات عديدة، هذا الاستهلاك الكبير ليس له تبعات مادية فقط إنما حتى على الصعيد البيئي فإن عملية التخلص من هذه المواد الضارة بالبيئة باختلاف أنواعها وتصنيفاتها كان يمثل تحديا لمسؤولي الجامعة.

مختبر الرقائق المصغرة

وأشارت المغيرية إلى البادرة المتواضعة من قسم الكيمياء بكلية العلوم وهي إنشاء مختبر الرقائق المصغرة عبارة عن شرائح بطول 10 سم تقريبا وعرض 2 سم ثم شق قنوات رقيقة جدا بداخلها بحيث لا يتجاوز عمقها 100 ميكرومتر، يتم ضخ كميات قليلة جدا من المواد الكيميائية داخل هذه القنوات بحيث يحدث التفاعل الكيميائي المطلوب بداخلها، وبذلك يتم استهلاك كميات ضئيلة لا تكاد تذكر من المواد الكيميائية والحصول على نتائج سريعة بأقل كلفة ممكنة، وعادة يطلق على هذه الشرائح مصطلح «مختبر في رقاقة» وتم إنشاء مجموعة بحثية مخصصة لهذا الغرض بقيادة الدكتور حيدر اللواتي، حيث قامت هذه المجموعة البحثية بنشر عدد من البحوث العلمية في عدد من المجلات العلمية العالمية المحكمة في مختبرات الرقائق هذه، وتم تطبيقها في الكشف عن العديد من المواد كالأدوية والمواد الصيدلانية في عينات مثل الدم أو تطبيقها على الأغذية كالعسل والشاي وعصائر الفاكهة المحلية ومن بين أكبر التحديات التي تواجه الباحثين في علم مختبرات الرقائق هو عملية خلط المواد الكيميائية قبل و أثناء التفاعل الكيميائي، لأن عملية ضخ السوائل داخل قنوات صغيرة جدا لا يفسح لها المجال للتلاقي والاختلاط لتكوين محلول متجانس وهذا يبطئ من سرعة التفاعل الكيميائي أو قد لا يحدث التفاعل أصلا.

القطرات النانونية

وأوضحت المغيرية أن الباحثين يلجؤن عادة إلى زيادة سرعة ضخ السوائل وهذا يعني زيادة استهلاك المواد الكيميائية وأحيانا يتسبب ذلك بتشكيل ضغط عالٍ على القنوات فيؤدي إلى انفجار وتكسر الرقاقة، وللتغلب على هذا التحدي قمنا باستخدام إحدى الطرق المبتكرة لزيادة عملية الخلط، التي استخدمناها وهي استخدام القطرات النانونية، وقد جاءت تسميتها من وحدة النانو وهي تساوي 10-9 جزء من المتر، وهي بذلك تعتبر قطرات متناهية في الصغر، فقمنا بضخ زيت من نوع خاص عبر إحدى هذه القنوات بشكل مستمر ومن ثم ضخ السوائل الكيميائية المذابة في الماء عبر القنوات الأخرى ولأن الماء لا يختلط بالزيت لذا تكونت قطرات من هذه السوائل الكيميائية أشبه ما تكون بالكرات الصغيرة جدا منفصلة عن الزيت ويحملها الزيت معه في سيره عبر القناة بحيث تشكل كل قطرة وحدة تفاعل وخلط كيميائي مستقل.

الطباعة ثلاثية الأبعاد

وقالت المغيرية: «لقد لاحظنا أنه أثناء سير هذه القطرات تختلط المواد الكيميائية بداخلها بصورة مذهلة في معدلات دفق وسرعات منخفضة جدا، بحيث لم تعد هناك حاجة إلى رفع سرعة الدفق واستهلاك المزيد من المواد الكيميائية وهذا هو الهدف الأساسي من عملية التصغير، ثم طورنا هذه التقنية باستخدام تصاميم مختلفة للرقائق وأدخلنا تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحيث يتم تصميم الرقائق في برنامج الأوتوكاد ومن ثم طباعتها إلكترونيا باستخدام طابعة خاصة وحبر خاص تكون مادته من بوليمر شفاف يتصلب أثناء الطباعة ويعطي الشكل العام للرقاقة، بعدها تم اختبار هذه التصاميم بحذر للوقوف على كفاءتها في تعزيز عملية الخلط الكيميائي، وأخيرا تم تطبيق تقنية القطرات النانوية داخل مختبرات الرقائق لتفاعلات التَضَوُّء الكيميائي واستخدامها في الكشف عن مضادات الأكسدة في عينات عديدة ومختلفة من العسل العماني والتجاري وعصير الرمان المحلي والمستورد ومؤخرا على عينات من زيت الزيتون بما فيها زيت الزيتون الذي يتم إنتاجه في الجبل الأخضر بالسلطنة، وقد تم نشر ثلاث أوراق علمية في أرقى المجلات العلمية العالمية المحكمة كأول البحوث التي تنشر في استخدام قطرات التَضَوُّء النانوية وتفعيلها للكشف عن مضادات الأكسدة».