الاقتصادية

صفقة إكسون في العراق تحبطها عراقيل بشأن العقود وتوترات إيران

21 يونيو 2019
21 يونيو 2019

بقيمة 53 مليار دولار -

البصرة، (العراق)- بغداد (رويترز) - قبل أسابيع فقط، بدا أن شركة الطاقة الأمريكية العملاقة إكسون موبيل بصدد المضي قدما في مشروع بقيمة 53 مليار دولار لتعزيز إنتاج العراق من النفط في حقوله الجنوبية، في خطوة مهمة لطموح الشركة بالتوسع في البلاد.

لكن بحسب مسؤولين حكوميين في العراق، يساهم حاليا مزيج من الجدل بشأن التعاقد والمخاوف الأمنية، التي زادت بفعل تصاعد التوترات بين إيران المجاورة للعراق والولايات المتحدة، في عرقلة الصفقة.

وقال أربعة مسؤولين عراقيين مشاركين في المباحثات تحدثوا لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المسألة إن المفاوضات تعثرت بفعل بنود عقد تعارضها بغداد.

وقالوا: إن نقطة الخلاف الرئيسية كانت السبل التي اقترحتها إكسون لاسترداد تكاليف التطوير الخاصة بها، مع استهداف الشركة تقاسم النفط المُنتج من حقلين، وهو ما يرفضه العراق قائلا: إنه يمثل تعديا على ملكية الدولة للإنتاج.

وقال مفاوض عراقي: إن بغداد لن توقع على شيء بالبنود الحالية التي تقترحها إكسون.

وامتنعت إكسون عن التعقيب على بنود العقد أو المفاوضات، وقالت متحدثة باسم الشركة في تكساس: «من حيث الاعتياد، لا نعلق على المباحثات التجارية».

وقال فياض نعمة وكيل وزارة النفط العراقية لشؤون أنشطة المنبع يوم الأربعاء الماضي: إن المحادثات مستمرة وإنه يتوقع إبرام اتفاق قريبا.

كما تعرضت المفاوضات لعرقلة جراء عمليتين منفصلتين لإجلاء موظفين لإكسون من العراق، نتيجة تصاعد التوتر الإقليمي بين الولايات المتحدة وإيران.

كان الإجلاء الأول في مايو بعد مغادرة مئات من موظفي السفارة الأمريكية إلى واشنطن بسبب مخاوف أمنية لم تُحدد من إيران. وجاء الإجلاء الثاني هذا الأسبوع بعد هجوم صاروخي يُعتقد أنه استهدف الشركة.

عمليات الإجلاء سلطت الضوء على استمرار حالة عدم الاستقرار في العراق والتي تعرقل الأعمال، وتغذيها التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

والعراق من بين عدد محدود من الدول التي لديها علاقات ودية مع واشنطن وطهران، إذ إن العدوين اللدودين هما أكبر حلفاء بغداد التي تقع في المنتصف مع تنافس طهران وواشنطن على النفوذ في البلاد.

ويقول عدد من المسؤولين العراقيين: إن توقف المحادثات مع إكسون والاضطرابات المتعلقة بموظفي الشركة يشيران إلى حدود النفوذ الأمريكي في العراق، وإن التوترات بين الولايات المتحدة وإيران أدت إلى سلسلة من الحوادث الأمنية بما في ذلك هجمات تعرضت لها ناقلات نفط في الخليج لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها.

وقال مسؤول نفطي عراقي يشرف على عمليات الشركات الأجنبية في الجنوب: «إكسون سحبت موظفيها من العراق في رد فعل على الاضطراب في المنطقة. السؤال هو كيف سيديرون مشروعا بقيمة 53 مليار دولار مع استمرار حالة عدم الاستقرار الإقليمي... ربما يتخلون عن العمل مجددا وذلك من شأنه إلحاق الضرر بقطاع الطاقة لدينا».

جدل العقود

العراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ويستهدف في الأجل الطويل تعزيز إنتاجه الذي كبحته سنوات من الحرب والعقوبات. وتلك المشروعات من بين أكبر الجوائز قيمة في العالم لشركات النفط العالمية.

وإبرام اتفاق أولي من شأنه تعزيز خطط إكسون للتوسع في العراق. وبموجب الاتفاق، فإن إكسون ستشيد منشأة لمعالجة المياه وخطوط أنابيب ضروريتان لتعزيز طاقة إنتاج النفط. كما ستحصل على حقوق تطوير حقلين نفطيين على الأقل في الجنوب هما نهر بن عمر وأرطاوي.

وقال مسؤول حكومي عراقي آخر لرويترز إنه في مايو، بحث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الاتفاق مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مرتين في ثلاثة أيام، خلال مكالمة هاتفية وزيارة مفاجئة إلى بغداد.

وقال عبد المهدي الشهر الماضي: إن العراق يقترب من توقيع اتفاق الطاقة البالغة قيمته 53 مليار دولار لمدة 30 عاما مع إكسون التي تتولى قيادة المشروع وشريكتها في الاتفاق بتروتشاينا.

لكن المسؤولين الذين أخطروا رويترز بالتفاصيل بشأن الاقتراحات التي تقدمت بها شركة النفط الأمريكية العملاقة قالوا: إن خلافات بين الجانبين ربما تمنع حتى إبرام اتفاق مبدئي قريبا.

وتقترح إكسون اتفاقا لتقاسم الإنتاج تستعيد بواسطته تكاليف التطوير الخاصة بها عبر تقاسم إنتاج حقلي نهر بن عمر وأرطاوي مع الحكومة.

لكن العراق يرفض تلك العقود بدرجة كبيرة وخلال السنوات العشر الفائتة فضل ما يُعرف باسم عقود الخدمة، حيث تتلقى الشركات رسوما ثابتة بالدولار للبرميل.

وقال مسؤول ضمن فريق التفاوض: «أبلغناهم أننا نرفض بالكامل أي آلية لتقاسم الإنتاج إذ إنها تتعارض مع سياسة الحكومة لقطاع الطاقة».

وأضاف المسؤول: إن من المبكر للغاية الإفصاح عن أي نوع من العقود يفضله العراق. وأبرمت بغداد أيضا في السابق اتفاقات بنية أساسية بعقود استثمار حصلت الشركات فيها على حصة من الأرباح.

وقال مسؤول آخر يشارك في المحادثات: إن نموذج تقاسم الإنتاج الخاص بإكسون يشمل اقتراحا بأن تبيع بنفسها بعض النفط العراقي، بدلا من بيعه عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، وهي خطة ترفضها الحكومة بشدة.