1245916
1245916
إشراقات

خطبة الجمعة: النبي الكريم كان يسأل الله العافية وتمامها ومن ابتلي بشيء من الأمراض فليناد الله

20 يونيو 2019
20 يونيو 2019

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

تشير خطبة الجمعة التي تعدها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إلى أن حكمة الله ابتلاء عباده بما يشاء من البلاء وأن النبي الكريم كان يسأل الله العافية وتمام العافية، ومن ابتلي بشيء من الأمراض فليناد الله كما ناداه الأنبياء والمرسلون، والإنسان مطالب بأن يفوّض أمره بربه فإن من أنزل البلاء قادر على رفعه.. وإلى نص الخطبة.

من سنن الله

الحمد لله ذي النعم والآلاء، عطاؤه عطاء، ومنعه عطاء، جلت قدرته، وعظمت حكمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ذوي الكمالات والوفاء.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله؛ فإن التقوى مفتاح البركات، وسر ارتفاع البلاءات (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).

عباد الله:

إن من حكمة الله ابتلاء عباده بما يشاء من البلاء، وقد يكون ذلك البلاء مرضا أو فقرا، أو فقدان مال، أو واحد من الأقرباء، فلا يملك الإنسان إلا أن يفوض أمره إلى ربه؛ فإن من أنزل البلاء قادر على رفعه، ومن منع قادر على الإعطاء، ومن مرض فإن الله قادر على التفضل بالشفاء (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين ، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِين ، وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين).

أيها المؤمنون:

إن في خبر نبي الله أيوب عليه السلام عبرة وعظة (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد) فقد ابتلاه الله بالمرض العضال، فكان من الصابرين، الذين استحقوا الأجر الممدود، والثواب غير المعدود، (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب) أجرا مطلقا في الدارين، وثوابا جزيلا في الحياتين، فلما اشتد عليه الأمر، وكان الحال فوق مقام الصبر (نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين) فكانت الاستجابة عاجلة، ورفع البلاء سريعا، (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ) وكان العطاء فوق المطلوب (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين) وذلك كرم الله الذي لا يماثله كرم، وعطاؤه الذي لا يماثله عطاء.

عباد الله:

أصيبت أم المؤمنين أم سلمة في زوجها العظيم أبي سلمة، الذي هاجرت معه الهجرتين، وكانت بسببه من السابقين من الأنصار والمهاجرين؛ فقالت ما بلغها عن رسول الله عند نزول المصيبة (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها) فقالت عند ذلك: ومن خير من أبي سلمة! فكان أجر الله لها عظيما، وإخلافه عليها كريما؛ فقد زوجها الله بأعظم المخلوقين وأجل الموجودين، رسول رب العالمين؛ فكانت واحدة من أمهات المؤمنين اللواتي يذكرن ما بقي الزمان، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

أقول هذا الكلام، وأسأل لي ولكم مغفرة ذي الجلال والإكرام.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واسألوا الله العافية، ولا تسألوه البلاء؛ فقد قال النبي الكريم لأصحابه فيما يروى عنه: (لا تسألوا الله لقاء العدو، واسألوا الله العافية)، وقد كان النبي الكريم يسأل الله العافية وتمام العافية، ومن ابتلي بشيء من الأمراض فليناد الله كما ناداه الأنبياء والمرسلون، وليتداوا من مرضه؛ فإن الذي أنزل الداء هو الذي خلق الدواء، وهو الذي يكشف البلاء، وقد قيل: الوقاية خير من العلاج؛ فليكن الإنسان محافظا على نفسه في طعامه وشرابه، منضبطا في رياضة بدنه (فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين).

فاتقوا الله عباد الله، (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون).

هذا وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم بذلك حين قال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون).

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ووحد اللهم صفوفهم، وأجمع كلمتهم على الحق، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.

اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.

اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.