أفكار وآراء

الضريبة الانتقائية لدعم موازنة الدولة

15 يونيو 2019
15 يونيو 2019

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

الضرائب هي الرسوم التي تَفرُضها الحكومات على الأشخاص أو الشركات، وتُستخدم عائداتها لتعزيز الموازنة وزيادة الإيرادات لتمويل الأنشطة التنموية وتقديم الخدمات العامة، ودعم برامج الضّمان الاجتماعيّ والصحيّ وغيرها من الخدمات وهناك أنواع متعددة من الضرائب تلجأ إليها الدول خاصة عندما تمر بأزمات اقتصادية نذكر منها ضريبة الدخل والضرائب العقاريّة والضرائب على الممتلكات والضريبة التصاعديّة والضريبة التراجعيّة والضريبة الاستهلاكيّة وضرية القيمة المضافة والضرائب على الرواتب وغيرها.

في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية فإن اقتصاد السلطنة في أمس الحاجة إلى إيجاد مصادر للدخل لتعزيز الموازنة وزيادة الإيرادات وتعتبر الضرائب احد الطرق التي يمكن اللجوء إليها وان كانت بعض الضرائب لها جوانب سلبية وقد لا تخدم الاقتصاد الوطني خاصة على المدى الطويل إلا أنها قد تكون شرا لابد منه وبدأت السلطنة منذ أمس ولأول مرة في تطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع وذلك في إطار الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون والتي طبقتها حتى الآن كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والبحرين.

وأشار المسؤولون بالأمانة العامة للضرائب إلى أن النظام الإلكتروني لتسجيل الخاضعين للضريبة الانتقائية جاهز للاستخدام من حيث تقديم الإقرارات الضريبية اللازمة ثم دفع قيمة الضريبة المقررة لكل سلعة مشمولة بالضريبة وذلك بعد انتهاء المدة الزمنية التي حددها المرسوم السلطاني الصادر بقانون الضريبة الانتقائية رقم (23/‏‏‏‏2019) والتي منح خلالها 90 يوما لتطبيق القانون ودخوله حيز التنفيذ من تاريخ نشر المرسوم السلطاني في الجريدة الرسمية.

السلع الانتقائية التي اعتمدها مجلس الوزراء هي خمس سلع كما جاء في الاتفاقية الخليجية الموحدة وبنفس النسب المفروضة لكل منها، فمشروبات الطاقة والتبغ ومشتقاته والمشروبات الكحولية ولحم الخنزير فالنسبة المفروضة عليها (100) بالمائة على كل منها ، أما المشروبات الغازية فنسبة (50) بالمائة من سعر بيع التجزئة .

ورغم قناعتنا بالدوافع من تطبيق الضريبة الانتقائية والتي أشار إليها المختصون بالأمانة العامة للضرائب والمتمثلة في صحة المجتمع أو المضرة بالبيئة فالسلع التي تم فرض الضريبة عليها هي سلع مضرة بالصحة (المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والتبغ ومشتقاته) وتلك ذات الطبيعة الخاصة (المشروبات الكحولية ولحم الخنزير ومشتقاته) إضافة إلى الدوافع الاقتصادية لتطبيق الضريبة والمتمثلة في مساهمتها في تنويع مصادر الدخل غير النفطي والتي من الممكن أن تستخدم لتحقيق أهداف السياسة العامة إلا أن تطبيقها قد يواجهه بعض التحديات خاصة في البداية.

الأمانة العامة للضرائب أكدت أن وزارة المالية تدرس إخضاع الطائرات الخاصة واليخوت والسيارات الفارهة للضرائب الانتقائية من هنا ينبغي أن نؤكد على أهمية التريث قليلا في فرض مثل هذه الضرائب على خدمات ومنتجات أخرى حتى يتم تقييم ومراجعة نتائج تأثير الضرائب الانتقائية التي حددت الآن وبعدها يمكن النظر في توسيع القائمة أو تقليلها.

ينبغي على الجهات المختصة خاصة الهيئة العامة لحماية المستهلك والأمانة العامة للضرائب تكثيف مراقبتها للأسواق والمحلات لكي لا تستغل بعض الشركات هذا الموضوع في رفع سلع أخرى غير داخلة ضمن الضريبة الانتقائية أو أنها تتلاعب بالفواتير التي تصدرها عند شراء سلع متنوعة ومن ضمنها مثلا مشروبات غازية فلا بد أن يظهر على فاتورة الشراء السلع المفروض عليها الضريبة ونسبتها....

بعض الأشخاص مدمنون على المشروبات الغازية والبعض في المناسبات يشتري كميات كبيرة منها لذا فإن توضيح نسبة الرسوم من إجمالي المشتريات مهم للغاية، وأخيرا نقول إن قرار رفع الرسوم على هذه السلع والتي هي سلع طبعا غير أساسية والبعض منها أساسا محرمة شرعا هي خطوة جيدة إلا أن البعض يتخوف من أن يتبعها خطوات أخرى والتي من ضمنها ضريبة القيمة المضافة والتي تطبق على أغلب السلع الاستهلاكية هذه الضريبة لها جوانب سلبية عديدة على الفرد والمجتمع وعلى الاقتصاد الكلي بشكل عام والعديد من الدول التي طبقتها تأثر اقتصادها بالسلب وبعضها إعادة النظر فيها.

هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فما زلنا ننادي بتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر وحيد وهو النفط لكي لا نضطر اللجوء إلى الخيار السهل وهو تطبيق الضرائب والتي يتأثر منها المستهلك البسيط ورغم الجهود المبذولة في هذا الجانب ورغم الخطط والاستراتيجيات المعتمدة لتطوير بعض القطاعات كالسياحة والصناعة وقطاع الصيد والتعدين إلا أن جميع هذه القطاعات لم تحقق الهدف المنشود فما زالت مساهمتها في الناتج المحلي محددة للغاية.