88
88
الرئيسية

حكاية «النظّارة» الذين يرقبون الهلال من فوق أبراج منح

06 يونيو 2019
06 يونيو 2019

عندما تنطلق مدافع العيد -

كتب - هلال السليماني: ما زالت ذاكرته المكتنزة برائحة السنين تنبض بلحظات خطواته الأولى في دروب حارة البلاد بولاية منح وفي سكة الرحبة وبن قسيم، وكل الردهات المجاورة.. رغم السنين وعواديها إلا أن ذاكرة سالم بن حمد بن سيف البوسعيدي ما زالت حية وتنبض بالتفاصيل. كان يمسح عن تلك الذاكرة الغبار لحظة التقيته متكئا على أحد جدران حارة البلاد في ولاية منح وكأن المكان لم يغادره «هنا كنا ننتظر مدفع العيد إيذاناً برؤية هلال شوال» بهذه العبارة افتتح سالم البوسعيدي مخزون الذكريات يقول مواصلا حديثه: كنا نتجمع أمام بوابة الصباح العلوي من حارة البلاد وتحت حراسة برج الجص الذي يوزع ظلاله على المكان، لم تكن يومها أصوات المذياع أو شاشات التلفزيون حاضرة لكن المشهد يشي بالكثير من أبجديات الحياة في حارات عمان.. يكمل سرد الحكاية: تحت عقد يوسف أي القوس نتجمع على مصاطب دروب الحارة كباراً وصغارا نرقب في الأفق الهلال.. جلبة وضوضاء المارة والمتجمعين يريدون تأكيد رؤية هلال العيد و«النظارة «الثلاثة الموكلون برؤية الهلال يصعدون على أعلى سطح قرب برج الجص وخمسة آخرون يرتقون البرج عند المدفع وسبعة آخرون من الرجال الثقات الذين سيشهدون بصحة الرؤية يجلسون على مصطبة المسجد العالي يرفع أذان مغرب يوم التاسع والعشرين من رمضان يتناول الجميع الإفطار في مكانه ثم يؤدون صلاة المغرب بعدها يتم تحري هلال العيد».

هكذا كان المشهد يتجلى أمام الوالد سالم بن حمد وكأن اللحظة لم تفارقه بعد رغم بلوغه سن التسعين ونيف يقول: إن ثبتت الرؤيا بعد تأكيدها من الرجال السبعة الثقات الشهود بحضور الوالي يطلق مدفع العيد فينتشر الخبر ويرسل «الطارش» إلى نزوى برسالة مكتوبة ومعتمدة من والي منح بأن أهالي منح قد شاهدوا الهلال وحينها يتفرق الناس للاستعداد للعيد وعمل العرسية وما يتطلبه الأمر، أما إن لم ير الهلال فإن الوضع يبقى على حاله دون إطلاق المدفع لينفض الناس إلى شؤونهم لتكملة أيام رمضان ثلاثين يوما إلا إذا جاء «طارش» من نزوى صبيحة اليوم التالي بأن إحدى الولايات قد شاهدت الهلال وثبتت الرؤيا فإن الناس يلتزمون بما يتم إقراره من نزوى حتى لو جاء الأمر في منتصف النهار فإنهم يعيدون حينها.