1233047
1233047
المنوعات

النشاط التجاري للبانيان في أطروحة دكتوراه بجامعة السلطان قابوس

01 يونيو 2019
01 يونيو 2019

للباحث إسماعيل بن أحمد الزدجالي -

حصل الباحث إسماعيل بن أحمد بن هارون الزدجالي على درجة الدكتوراه من جامعة السلطان قابوس عن أطروحته «النشاط التجاري للبانيان في عمان من عام 1744 وحتى عام 1970م» وذلك بعد أن خضعت الأطروحة للنقاش يوم الخميس الماضي وهدفت الدراسة إلى التعرف على النشاط التجاري للبانيان في عمان خلال الفترة منذ قيام الدولة البوسعيدية في عام 1744م وحتى عام 1970م، وذلك كنموذج على استيعاب السوق العمانية للتجار من مختلف الأديان والأعراق منذ عصور تاريخية مبكرة، وتوضيح مدى استفادة هؤلاء التجار من البيئة التجارية المحفزة التي وفرتها لهم السوق العمانية في تنمية تجارتهم، مع إبراز الدور الذي قام به حكام الأسرة البوسعيدية في جعل الموانئ العمانية مركزا تجاريا مفتوحا جذب إليه التجار من مختلف الأجناس، فأصبحت الموانئ العمانية مراكز رئيسية في شبكة الملاحة العالمية زخرت بالسلع المتنوعة، إضافة إلى كونها معبرا للتواصل الحضاري بين الشعوب مما جعلها نموذجا حيا لما يطلق عليه حاليا بمصطلح العولمة بشقيها التجاري والثقافي.

استهلت الدراسة بتمهيد أبرز الأهمية التي أضفاها موقع عمان الجغرافي على طرق التجارة العالمية، في جعلها مركز جذب للتجار من مختلف شعوب وحضارات العالم لممارسة النشاط التجاري في موانئها منذ عصور تاريخية مبكرة، وكان من بين هؤلاء التجار الهنود البانيان الذين مارسوا التجارة في عمان منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد بفضل الصلاحيات التي منحتها لهم ديانتهم الهندوسية لممارسة التجارة وفقا لنظام الطبقات الذي قسمت عليه أتباعها، واستمرار نشاطهم التجاري منذ تلك الفترة وحتى قيام الدولة البوسعيدية على يد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي في عام 1744م.

توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج التي كان لها آثارها على الاقتصاد العماني، ومنها: أن ممارسة البانيان للنشاط التجاري في عمان تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وذلك لارتباطها بمعتقداتهم الدينية، والتي جعلتهم يحتكرون ممارسة التجارة دون غيرهم من طبقات المجتمع الهندي، ووجود الظروف المناسبة التي سهلت لهم الاستقرار بعمان، مما أكسبهم خبرة في المواني والأسواق العمانية، وجعلت التواصل معهم شرطا أساسيا لكل من أراد ممارسة النشاط التجاري في عمان، وبشكل خاص الأوروبيين الذين اعتمدت تجارتهم على البانيان بدءًا من البرتغاليين، ومن بعدهم الهولنديون والإنجليز والروس.

وارتباط التجار البانيان بعلاقات صداقة وشراكة تجارية مع حكام الأسرة البوسعيدية الذين التزموا بسياسة الانفتاح التجاري، فرحبوا بجميع التجار بغض النظر عن انتمائهم العرقي أو الديني، وحرصوا على توفير البيئة الجاذبة لجميع من يرغب في ممارسة التجارة، فوجد التجار البانيان في الاستقرار السياسي والاقتصادي بعمان عاملا مهما للحصول على العديد من التسهيلات التي عززت مكانتهم في المجتمع العماني، وأتاحت لهم الفرصة المناسبة لممارسة تجارتهم بحرية وأمان.

ومساهمة التجار البانيان في نشوء العديد من العلاقات بين عمان ودول العالم، مثل: مساهمة التاجر البانياني موجي بهيماني في دعم العلاقة بين السيد سلطان بن أحمد وشركة الهند الشرقية البريطانية والتي أسفر عنها توقيع الطرفين لاتفاقية عام 1798م، ودور التاجر البانياني شيفجي توبان في توقيع اتفاقية التجارة والصداقة بين عمان والولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 21 سبتمبر 1833م.

وسيطرة التجار البانيان على نشاط النقل البحري خاصة بعد افتتاح قناة السويس عام 1869م وما أعقبها من وصول السفن البخارية إلى ميناء مسقط اعتبارا من عام 1874م، وتمكنهم من تدويل التجارة العمانية فصدروا بضائعها إلى العديد من الأسواق العالمية التي استوردوا منها السلع المتنوعة، مما جعل ميناء مسقط مركزا رئيسيا لتجارة العبور (الترانزيت) على سواحل الخليج العربي.

وأسبقية التجار البانيان في إنشاء المؤسسات التجارية بمفهومها الحديث، والتي يعود تاريخ تأسيس بعضها إلى مطلع القرن السابع عشر الميلادي، فوجدت في عمان قبل عام 1970م تسع وثمانون مؤسسة تجارية بانيانية، ما زالت أغلبها تمارس أنشطتها التجارية حتى وقتنا الحالي.

وتحقيق السوق العمانية العديد من الفوائد نتيجة إدخال التجار البانيان للعديد من الأنظمة الاقتصادية الحديثة، والتي استفاد منها التجار العمانيون مثل: التداول التجاري بواسطة سندات الصوف (الهوندي)، والعملات النقدية بدلا من الاعتماد على نظام المقايضة، وكذلك إدخال نظام التأمين على السفن والبضائع.