روضة الصائم

في الأمر بالصبر والمصابرة والمرابطة وتقوى الله تعالى

31 مايو 2019
31 مايو 2019

د. صالح بن خلفان البراشدي -

قال سبحانه:( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) سورة آل عمران 200.

إننا أمام نداء إيماني يرتبط ببيان طريق يبلغ بالمؤمنين درجة عالية من الفلاح في الدنيا والآخرة، ألا وإن هذا النداء يدعونا لأن نعيش حياتنا مع ثلاثة أمور، هي:

1- الصبر.

يأمرنا الله تعالى في هذا النداء الإيماني بالصبر، والصبر يكون على نوعين مرتبطين، الأول: صبر على طاعة الله تعالى، فالمؤمن مخاطب بأن يكون صابرا على طاعة الله تعالى، وهو توطين النفس على طاعة الله تعالى بالعمل بأداء حقوق الشهادتين والعمل بمقتضى أركان الإيمان وأركان الإسلام.

أما النوع الثاني من الصبر فهو الصبر عن معاصي الله تعالى، وهذا الأمر من مقتضيات الإيمان بالله، فعلى العبد المؤمن أن يربي نفسه على اتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، وذلك بالابتعاد عن معاصي الله تعالى صغيرها وكبيرها، ودعا الله إلى الاستعانة بالصبر فقال سبحانه:( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر...)، سورة البقرة 153، وبين الله تعالى لنا ثواب الصابرين فقال:( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، سورة الزمر 10.

2- المصابرة.

المصابرة أعظم من الصبر، وتظهر المصابرة في لقاء أعداء الله تعالى، فعلى المؤمنين أن يكونوا أشد وأكثر صبرا من غيرهم من أعدائهم حتى يجدوا النصر من الله تعالى، قال الشاعر وفر بن الحارث في بيان سبب الهزيمة:

سقيناهم كأسا سقونا بمثلها

ولكنهم كانوا على الموت أصبرا

كما أن على العبد المؤمن أن يعيش المصابرة بجهاد النفس والشيطان والله الموفق.

3- المرابطة.

الرباط والمرابطة يقصد بها أن يسعى المؤمن إلى توطين نفسه على أمر فيه طاعة لله تعالى، بحيث يبقى مستمرا في عبادة الله تعالى وقتا طويلا، كحبس المؤمن نفسه في مصلاه منتظرا الصلاة بعد الصلاة ابتغاء للأجر والثواب، فذلكم الرباط كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الملازمة الطويلة لجيش المسلمين في مكان ما حماية لأرض المسلمين تعتبر رباطا يعين على النصر على الأعداء، قال تعالى:(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم...)، سورة الأنفال 60، فالمرابطة على ظهور الخيول نوع من المرابطة.

ثم ختم الله تعالى هذا النداء الإيماني بالأمر بتقوى الله تعالى واستشعار عونه ومراقبته في كل حين، لأنها معينة على الصبر والمصابرة والمرابطة، وبها يغنم المؤمن غنائم عظيمة وعلى رأسها درجة الفلاح والمفلحين الفائزين عند الله.

فاللهم اجعلنا من الصابرين المصابرين المرابطين على طاعتك، واجعلنا من المفلحين.

اللهم تقبل منا ومن جميع المسلمين. آمين يا رب العالمين.