روضة الصائم

النهي عن التشبه بالذين كفروا عقيدة وسلوكا

30 مايو 2019
30 مايو 2019

د. صالح بن خلفان البراشدي -

قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قُتِلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير) سورة آل عمران 156.

نحن أمام نداء إيماني يحذرنا فيه الله تعالى من التشبه بالكفار والمنافقين ومن في أحكامهم، وابتدأ الآية بالنهي عن التشبه بهم عموما في كل شيء (لا تكونوا كالذين كفروا...)، حيث يندرج تحتها التشبه بهم في الفكر والسلوك والتعامل والمأكل والمشرب والمركب وكل أمر يحتاج إليه الإنسان في حياته، ثم ضرب الله تعالى مثلا من سلوك المنافقين والمشركين مع غيرهم المنهي عنه، وهو موقفهم من الذين يسعون في الأرض للتجارة أو الذين يشتركون في الغزوات مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث كانوا يدَّعون أن بقاء هؤلاء الساعين والغازين معهم كان هو الحماية لهم من التعب والقتل، وهذه اللائمة للآخرين تؤدي بطبيعة الحال إلى إحساس الطرف الآخر بالحسرة والألم، ولكن الله تعالى يبين لنا أن الهدف الرئيسي للكفار والمنافقين من هذا السلوك هو إيقاع الحسرة الدائمة في قلوب الآخرين، فتدعوهم تلك الحسرة إلى ترك المشاركة مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الغزوات وفي أعمال الخير.

ومن الجدير ذكره أن هذه المقولة من الذين كفروا لإخوانهم خرجت من قلوب خاوية تخالف الفطرة والبيئة التي يعيشونها، وهي سنة الله تعالى في خلقه وهي الموت والحياة، فالإيمان بالله تعالى يدعو المؤمن إلى الإيمان العميق بأن الله تعالى هو المحيي والمميت، يقول سبحانه: (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) سورة النساء 78، وختم سبحانه الآية الكريمة بالإشارة إلى أنه عليم بصير بما تكن صدور الجميع، وهو عليم بما يسعى إليه الكفار والمنافقون.

فاللهم احفظنا من الكفار والمنافقين، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة. اللهم تقبل منا ومن جميع المسلمين.