1231015
1231015
المنوعات

الفنان الكويتي :سعد الفرج فـي حـوار لـــ «عمان»

29 مايو 2019
29 مايو 2019

«سدرة» حققت حلمي.. والدراما العمانية يمكنها الوصول للعالم العربي إن وجدت «الفرصة» -

تصوير: شمسة الحارثية -

حين لاح أمامي طيفه، وهو يسير بخطاه الواثقة، شعرت أن تلك الخطوات هي مسيرة طويلة بدأت من «درب الزلق» ولا يمكنها أن تنتهي تحت «السدرة» العمانية.

الابتسامة.. الصوت.. حركة اليدين.. وحتى نظرة العينين... هي تفاصيله التي حفرت في ذاكرة المشاهد، وها هي كل تلك التفاصيل حاضرة أمامي، يمكن أن أشتم فيه رائحة «الأقدار»، وصوت «صقر قريش»، حتى أصل مع ألمه وبكائه في «بو كريم في رقبته سبع حريم»، و«توالي الليل»، و«مجموعة إنسان» وغيرها الكثير من أدوار تحتفي بشخصه وعطائه وبقائه حتى يومنا هذا بحضوره كعمود للدراما الكويتية خاصة والخليجية بشكل عام.

الممثل الكويتي القدير «سعد الفرج».. نجم الدراما الخليجية، يحط رحاله في مسقط، بعد مشاركته الأخيرة لأول مرة في بطولة عمل درامي عماني، تعرضه شاشة تلفزيون سلطنة عمان في رمضان الحالي، عاد من جديد بعد أن تعلق بهذه الأرض، فكان لي نصيب من وقته، وحديثه.

مسيرة خبرة لا يمكن أن تختصر في سؤال وجواب، بل هو سلسلة طويلة من 1962، وما زال قادرا على العطاء بكل حب للمشاهد.. والدراما.. والوطن العربي.

حاورته: شذى البلوشية -

معظم المسلسلات تسيء للدرامـا والعـادات والتقاليد.. ولا بد من إنهاء سيطرة المعلن -

بدأ مشوار الحديث من مشاركته في المسلسل العماني «سدرة»، والذي أكمل من خلاله المشاركة في دراما كل الدول الخليجية.

«كان عندي حلم أن أشارك بأعمال درامية في كل دول الخليج وتحققت الأمنية بموضوع أنا سعدت بالمشاركة فيه، موضوع يتعلق بفئة ذي الإعاقة، وأنا في قمة السعادة بالمشاركة، وأقدم ولو جزءا بسيطا ومتواضعا لهؤلاء الأشخاص، وأنا أعتبر هذه النوعية من البشر بركة في كل بيت توجد فيه، ليكونوا هم سبب الخير والسعادة لذلك البيت، ورضا كبير من رب العالمين.

فلما عرض هذا العمل لي للمشاركة فيه، قبلت وبكل لهفة، وعندما أتيت إلى السلطنة، سعدت كثيرا بلقاءات متعددة مع مختلف الناس، خصوصا مع عناصر العمل الدرامي «سدرة»، أو الذين قابلتهم في لقاءات ومجالس وقرى وأماكن متعددة في السلطنة. كما أن العناصر التي عملت معها وعلى رأسهم المخرج «يوسف البلوشي» فوجئت بإمكانياتهم، وفوجئت أيضا بالنص الجميل الذي كتبه قلم عماني، تناول جوانب أسعدني أني أؤديها، وبحوارات جميلة تدل على أن الكاتب ماهر في حرفته، وبإمكانياته الاحترافية».

تمهل قليلا ثم أضاف: «أنا عملت في عدة دول وعدة أعمال مختلفة، ولكن هذا العمل ترك أثرا كبيرا في نفسي، وسعدت كثيرا بمشاركتي فيه، وحمدت ربي على أن رغبتي في العمل في السلطنة قد تحققت، فقد عملت سابقا في البحرين والإمارات وقطر والسعودية، وكان حلما من أحلامي أن أقدم عملا في السلطنة، فعمان لها ارتباط كبير وعلاقات متينة ليست فقط مع الكويت، وإنما مع الخليج بأكمله، ولها تاريخ عريق نعتز ونفاخر به نحن الخليجيين، ومن خلال عملي في سدرة اكتشفت إمكانيات لممثلين عمانيين، يملكون طاقات لتفجيرها وإيصالها سواء للخليج أو الوطن العربي والعالم بشكل عام، كل العناصر التي كانت في العمل الدرامي «سدرة» جيدة، ولم أجد أي صعوبة في التعامل مع أي فرد في هذا المسلسل.

توفر العناصر.. ونقص الدعم

بعد أن أكد «سعد الفرج» على إمكانيات الدراما العمانية.. أثار الأمر فضولي، لماذا لا يمكن للدراما العمانية أن تصل للخليج، وتعبر لأبعد من حدود الشاشة العمانية؟

وأجاب «الفرج» حول هذا من واقع خبرته الدرامية فقال: «العناصر كلها المتوفرة في الدراما العمانية، وهذه العناصر لا توصلها فقط للخليج، وإنما يمكن أن تصل للعالم العربي، متى ما سنحت لها الفرصة، لذلك أنا أرجو أن تدعم العناصر التي عملت معها خصوصا في «سدرة»، وأرجو أن نرى في كل عام ثلاثة أو أربعة أعمال درامية عمانية، بحيث يمكن أن يحدث تبادل مع محطات أخرى، لعرض العمل العماني عبر شاشات محطات أخرى، وهذه طريقة لانتشار الدراما العمانية ويمكن أن تصل، وتوصل رسالتها، فالعناصر التي تشتغل على الدراما العمانية من حقها أن تظهر إمكانياتها للجمهور العربي، مضاف إلى ذلك فإن السلطنة تمتلك مواقع تصوير غير موجودة في دول الخليج أو دول العالم العربي، مناظر خلابة وبكر، ولم يرها إلا عدد قليل من الناس، يمكن أن تعمل من خلالها أفلام توثيقية توصل الجمالية السياحية والتراثية والشعبية لهذا البلد.

المُعلن هو المتحكم

وفي حديث عن الدراما الخليجية والعربية التي تتكاثر أعدادها عاما بعد عام، أ تحقق هذه الأعمال رسالة هادفة أم أن «كثرتها قلة بركتها»؟

أجاب بعد أن أخذ نفسا عميقا: «أنا أرجو من الله أن لا تنتقل العدوى إلى السلطنة، لأن الدراما التي نشاهدها والتي تقدمها دول الخليج والعالم العربي، «معظمها» يسيء للدراما ويسيء للعادات والتقاليد، وأنا لم أقل كلها وإنما معظمها، المتابع للدراما الخليجية والعربية من خلال محطات التلفزيون، وأخرج من هذا الإطار تلفزيون سلطنة عمان، أما الباقي فالمعلن هو المتحكم في الدراما، وهو المتحكم في اختيار نوعية النصوص ويحدد حتى أبطال الأعمال، بمعنى أن «غير الفنان» بدأ يتدخل ويفرض علينا أعمال معينة وممثلين معينين».

وأردف: «أنا هذا العام بدأت أتابع الأعمال العمانية، وليس مسلسل «سدرة» فقط، وإنما كل الأعمال الأخرى كبرامج المسابقات، وبرامج الأطفال، وهي برامج جميلة فعلا ولابد أن يحدث فيها نوع من التبادل مع محطات أخرى حتى يشاهدوا نوعية البرامج الراقية والمميزة والتي صرفت عليها مبالغ تليق بما تقدمه.

رحل كبار نجوم الدراما الخليجية، وانطفأت أنوارهم، ورحيلهم أثر على الأعمال الدرامية دون شك، قالها «الفرج» بكل يقين، وحين سألناه كيف أثر هذا الرحيل على الدراما أجاب: «عناصر الستينات والسبعينات لم يكن المعلن هو المتحكم في المنتج، لهذا برزت تلك العناصر الدرامية، حيث كانت تقدم العمل بكل قناعة، يحوي على مضمون وهدف، ولكن حين أصبحت الدراما بالشكل الحالي، ويتحكم فيها غير المتخصص، رغم أني لا يمكن أن أنكر أن عناصر الدراما الخليجية إلى الآن من فنانين وكتاب وغيرهم هم «الخير والبركة»، ومنطقتنا ولّادة في كل مجالات الحياة، ولكن حين صار يتحكم في الشيء شخص غير متخصص مع الوقت سيدمر كل شيء، وهذا ليس على مستوى الدراما فقط.

مشكلة «النص»..

ما لا يمكن أن يغفل عنه الجميع، أن النصوص هي محط الأنظار في كل دراما تقدم عبر الشاشات، وهو ما بات ينتشر مؤخرا من نقد حول افتقار العالم العربي لنصوص توظف على شكل عمل درامي يليق بالمستوى الذي ينافس به، ولكن الفرج اختصر الأمر بقوله: «النصوص مشكلة عالمية وليست محلية فقط، ولكن الكاتب الجيد يمكن أن يعالج نصا، وربما تكون المواضيع بسيطة وخفيفة، وتعالج بطريقة سليمة، ويكتب الحوار والسيناريو بطريقة ممتازة».

أدوار متعددة

ومن بين الأعمال الكثيرة أثرت الأدوار «اللي تكسر الخاطر» مسيرة الفنان القدير سعد الفرج، وعند سؤالنا عن تلك الأدوار، وهل هي أقرب إلى شخصية «سعد الفرج» التي يمكنه تجسيدها بسلاسة، أجاب وهو يبتسم: «لا بالعكس أنا لعبت كل الأدوار، والدليل أحد أعمالي هذا العام مسلسل «إفراج مشروط» والذي أجسد فيه شخصية شريرة، بمعنى أني ألعب شخصيتين متناقضتين في نفس العام من خلال العملين اللذين يعرضان خلال الشهر الفضيل، ولكن أنا أعتقد أن علاقتي في الجمهور، والذي أكرمني الله بحبهم، لا يتمنى هؤلاء أن يتابعوا لي أي دور شرير، وهم يتعاطفوا معي في تلك الأدوار الإنسانية، وهذا أعتقد هو ما يجعل تلك الأدوار متميزة لدى الجمهور».

نصوص لم ترَ النور

هناك نصوص كاتبها «سعد الفرج» ولكنها رفضت ولم ترى النور، وهو ما تحدث عنه الفنان بكل صرامة: «الرقابة بين حقبة وحقبة تختلف، وأنا لا ألومهم في بعض الأحيان، فهناك أمور تطلب من الرقيب أن يكون حازما في جوانب معينة، وهذا ما لا يمكن أن يلتزم به الكاتب، فالكاتب الصادق حين يكتب لا يفكر في قضية الرقابة خلال كتابته للنص، وفعلا تعارضت بعض نصوصي مع الأمور الرقابية، وحتى على مستوى المسرح، حيث إن لديّ مسرحيات لم ترَ النور، في حدود أربع أو خمس أو ست مسرحيات، إذ أن تلك المسرحيات تمثل حقبة اختلفت من خلالها أمور كثيرة، فلا يمكن أن ألوم الرقيب، ولكني ألومه أيضا في نفس الوقت، فتلك الموضوعات التي يجب أن ترى النور ليستفيد منها الآخرون. الكاتب المتمكن لديه وسائل وطرق كثيرة، أن يسمح لمرور الذي لا يمر، ولكن بعض الأمور في النصوص تكون واضحة وفعلا هو ما تمنعه الرقابة.

سبعة أبواب

وإلى جانب العمل العماني «سدرة»، والمسلسل الخليجي «إفراج مشروط» اللذين يعرضان هذا العام على الشاشات الخليجية، هناك أيضا دور آخر في مسلسل «سبعة أبواب» الذي يتناول في كل يوم قضية اجتماعية بممثلين مختلفين وقصة جديدة، تحدث الفنان سعد عن دوره في هذا العمل بقوله: «شاركت في حلقة واحدة كضيف شرف في ذلك المسلسل، موضوع الحلقة من التراث، عن قرية بعدت في كل جوانب الحياة عن الله سبحانه وتعالى، فيسلط الله عليها الجن والعفاريت، وكان دوري هو الرجل الذي يدعو الناس للعودة إلى الله وضرورة اللجوء إليه لطرد هذه العفاريت. عملت على هذا الدور بأحلى ما يمكن، الدور جديد وفيه جمالية كبيرة، وكنت مستمتعا أثناء أدائه.

عطاءات الخشبة السمراء

وحول مستوى المسرح الكويتي بعد أن ضاعت الكثير من عناصره الفنية، ومستقبل المسرح الخليجي قال «الفرج»: المسرح الكويتي والخليجي مازال يملك العناصر والنجوم، والجيل الحالي يملك الكثير من الإمكانيات المميزة وما زال المسرح يخرج دفعات من عطاءات الخشبة، وأنا اشتغلت مع الجيل الحالي، وفعلا أحب العمل معهم وأجد فيهم إمكانيات وعمقا في التفكير ودراسة الشخصيات، وهذه كلها تعود بالخير على المسرح والدراما بشكل عام، هم فقط بحاجة لاهتمام أكبر على قضايا النصوص، وألا يتحكم بهم المُعلن».

وعاد «الفرج» للحديث عن المعلن وتحكمه في الأعمال بالقول: «إذا فك المعلن تحكمه بالأعمال فيمكنها النجاح، ولا بد للقنوات أيضا أن تتحكم في هذا الأمر، وأن تراعي المشاهد كما تراعي المعلن، حيث إن كثرة الإعلانات تقتل روح العمل، وتفصلك عن تركيزك في موضوع الحلقات».

المشاهد الناقد

عبر التواصل الاجتماعي

وفي حديثنا حول المشاهد العربي الذي أصبح فطنا، ويستطيع أن يكون ناقدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي أتاحت الفرصة للجميع أن يكتب ويعبر، وأصبحت منبرا لمتصيدي الأخطاء، فهل يمكن أن يصيب هذا الدراما بحالة الخوف من تقديم مالا يرقى للمستوى المطلوب.. قال فنان الدراما الكويتية: «إذا كان المشاهد على مستوى من الوعي والإدراك، وتوسع مداركه، فهذا يجعل كل من يعمل في هذا المجال «يصحى» على نفسه، ويصبح اختيار نوعية النص والممثل والمخرج بحرص شديد، ويمكن أن يقدم على إثر ذلك العمل الذي يمتع المشاهد، وبالتالي سيلاقي العمل الاهتمام والتقدير، ويمكن أن نميز بين «الغث والسمين».

وفي نهاية الحوار أصر «سعد الفرج» أن أتيح له مساحة في الحوار للحديث عن عمان وقال: أود أن أقول (وايد أشياء عن السلطنة): الشعب العماني رغم أني التقيت بهم في كثير من محطات حياتي، خلال دراستي في بريطانيا وأمريكا والقاهرة، والآن من خلال رحلاتي في أوروبا وآسيا، ولكني وجدت أن أكثر شعب مهذب هو الشعب العماني، وأنا لا يسعني من خلال هذا الحوار إلا أن أهنئ جلالة السلطان على أنه على رأس هذا الشعب، ولابد أن هذا الشعب قد وجه التوجيه السليم بفضل من القيادة العليا، ونحن نعتز بهذا الشعب ونفاخر أنه جزء من الخليج والوطن العربي.