oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

«شباب عمان» و«سيدات القمر»

28 مايو 2019
28 مايو 2019

من جديد تبرز سفينة شباب عمان إلى الواجهة بوصولها إلى ميناء لشبونة وهي تحمل عنوانها الرائع «صواري المجد والسلام»، بحيث تشكل جسرًا بين عالمين شرقًا وغربًا، بين عُمان أرض السلام والمحبة والتعايش، وأوروبا العلوم والصناعة، بين حضارتين رفدتا الإنسانية والحضارة بالمعطيات التي حققت الكثير لصالح البشر على مدى قرون من التاريخ البشري.

معروف للجميع الدور الذي تقوم به هذه الرحلات ضمن سياق الدبلوماسية غير الرسمية أو الشعبية التي تهتم بالتواصل بين الشعوب وبناء جسور المعرفة والإخاء.

فما حققه العمانيون في القرون العتيقة يتحقق الآن وفق معطيات العصر الحديث وبلغة الحياة الجديدة.

بين هذه الصورة لشباب عُمان التي تحمل التلامس بين عالمين، فقد كان الاحتفال الكبير بفوز الكاتبة العمانية الدكتورة جوخة الجارثية بجائزة مان بوكر الدولية عن روايتها «سيدات القمر»، ذلك المشهد الذي يفتح الأفق باتجاه الثقافة العُمانية ويضع السلطنة في صدارة أدبية طالما استحقتها، وهي البلد الذي يشكل خزانة للقصص والحكايات والكثير من المعاني والقيم وما يستحق أن يحكي في مئات المجلدات من الروايات، فالتاريخ العُماني كما الحاضر زاخر بالكثير مما يمكن أن يشتغل عليه الجيل الحاضر والمقبل دون أن ينضب ذلك الكنز من الحكايات.

في فوز جوخة تأكيد على أن الثقافة العمانية لها حضورها وأن إرث عمان الحضاري وعمق تاريخها يأخذ ذاته في تلافيف وعمق المعاني المستحضرة لدى الأجيال المعاصرة، فالأدب هو سياق إنساني يحضر تمامًا من خلال سمات البيئة والمكان والمعطيات التاريخية والإنسانية، وهذا ما أدركته لجنة مان بوكر وهي تنظر إلى «سيدات القمر» من نافذة «الأجرام السماوية»، ما يعطي صورة زاهية لعمان في تقاطع منجزاتها وهي تعمل على تشكيل التوازن الدقيق بين التاريخ واللحظة.

ما الذي يربط بين صورة السفينة العمانية التي تحمل صورة أولئك العمانيين البحارة في سالف الأزمنة بجسارتهم وقوتهم وقدرتهم على تحدي المشاق، وصورة «سيدات القمر»، إنها القدرة الإنسانية والروح الكبيرة للعماني رجلًا كان أم امرأة، هي قدرة الاستيعاب لهذا المعنى الكوني العميق أي سر الحياة الذي يكون على الإنسان أن يعيشه، فما بين البحر والسماء قصص كثيرة، والرجل والمرأة يكملان بعضهما البعض وكل نصف يبحث عن الآخر كما يفهم من الأسطورة والواقع ومن السياقات العصرية لدولة عُمان الحديثة وهي تنشد الطريق باتجاه المستقبل المشرق.

إن الفرص الكامنة في المستقبل كبيرة جدًا، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من الألفية الثالثة بدخول العقد الجديد عمّا قريب، كذلك الاحتفال بخمسين سنة أي اليوبيل الذهبي للنهضة العُمانية الحديثة، تلك هي معانٍ متجاورة لا يمكن فصلها؛ تتقارب فيها صفحة السماء لتنعكس على الأرض والعكس صحيح، بتجاور الروح والمادة، وسر الحياة مع غموض الخلود، عندما يكون للذات الإنسانية أن تعلم وتنتصر وتجاهد فتنال الثواب، ويظل الاجتهاد والعمل هم المحك، مع الصبر والأناة وعدم التحيز إلا للفكر الثاقب والضمير والإنساني ولغة السلام والعيش الآمن بين الشعوب.