روضة الصائم

اســـــــتراحة: عصر الأشياء

27 مايو 2019
27 مايو 2019

اختيارات: مــــــنار العــــــدوية -

خطب شاب فتاة .. فسأله أبوها:

يا بني .. هل عندك بيت ؟ قال له: طبعا

فقال له: أحضر ورقة الملكية ..

هل عندك سيارة؟ فقال : نعم عندي ..

فقال له : أحضر ورقة الملكية ..

هل عندك معمل ؟ قال : نعم ..

فقال له : أحضر الرخصة ..

يبدو أن الأمور كلها تمام .. بيت ومعمل وسيارة .. فزوجه ابنته ..

وفي يوم زار الشاب هذا الرجل في محله التجاري ..

وكان عنده بعض أصدقائه ..

فقال لهم : هذا فلان زوج ابنتي ..

فتجهَّم وجه أحدهم وقال له : هل هذا معقول ؟ إنه ليس مسلما ..

فسأل الأب : هل أنت غير مسلم ؟

قال له الشاب : أنت لم تسألني عن ديني إطلاقا ..

لقد سألتني عن البيت والسيارة والمعمل ..

حقا .. هذا عصر الأشياء ..

قيمة الإنسان اليوم .. كل قيمته .. بمساحة بيته .. وموقعه .. ونوع سيارته .. ورقمها ..

قيمته بنوع الهاتف الخلوي الذي يمتلكه ..

قيمته بملابسه وأجهزته ومظهره ..

فحينها تكون الأشياء هي المسيطرة ..

تكون المبادئ والأشخاص في خدمة الأشياء ..

وهذه طامة كبرى .

اقرأ وتخيل

(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ) هل انتهت ؟، لا : (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ) .. سبحانك !

حبة في العمل تتحول بفضله وبكرمه وبشكره لك إلى سبعمائة حبة في الأجر والثواب.

كيف: واحد يساوي سبعمائة!

تعمل صالحا يستحق أجرا مثله فيأجرك الله مثله سبعمائة مرة ويضاعف لمن يشاء ..

مع كرم الله تتغير المسائل الحسابية ، لأنه كرم لا يخضع للمعادلات الحسابية ، بل للفضل الإلهي !

سبحانه !إذا أعطاك أدهشك ، وإذا أكرمك أذهلك .. ومن ذا الذي لم يعطه العظيم ويكرمه الكريم ؟ نحن في كل لحظة من حياتنا بل في كل جزء من اللحظة نستقبل ما لا يمكن إحصاؤه من العطايا والهبات .

كيف تفرغ دماغك ؟

أجد أحيانا نفسي أو بالأصح ذهني ، كما لو أنه تحول إلى مرجل مليء يغلي ولا يجد متنفسا لإخراج بخار الماء المتصاعد ، وأحسب أن أحدكم يشعر أو قد يشعر بالأمر هذا من ذي قبل ..

كلنا اليوم في هذا العالم ، السريعة إيقاعاته وتغيراته ، صار يبحث عن وسيلة أو أخرى في كيفية إفراغ الذهن المشحون بالكثير من الأفكار والخطط والآمال والطموحات وغيرها ، وكيفية تحويل تلك الأمور الضاغطة على الذهن ضغطا هائلا ، وتشحنها كهرباء وتوترات . إلى واقع معاش من أجل أن يريح الذهن والنفس من هم حملها المستمر . لكن السؤال : كيف ؟

اجلس مع نفسك يوما في جو هادئ لا تسمع فيه سوى صوت أنفاسك وهي تخرج هادئة من أنفك ، وحاول أن تبدأ عملية تفريغ ما بذهنك من شحنات كهربائية كثيرة ، هي عبارة عن أفكار مختلطة ما بين مشروعات تم تأجيلها ، إلى أخرى جديدة تتشرف بدخول ذهنك للبقاء فيه إلى أمد غير معلوم نهايته، إلى أخرى ثالثة ورابعة وألف .. ستكتشف كم المرء منا يظلم نفسه ويضغط على ذهنه ، وبالضرورة بعد ذلك قلبه ، وهو يحمل الكثير والكثير من الأفكار والمشاعر والمشروعات ولا يدري موعدا محددا لتفريغ ذهنه منها . بل لا أدري ما الدافع الذي يدفع أحدنا إلى أن يحمل الأفكار المبعثرة والهموم المتعاظمة في الذهن والقلب دون تفريغهما أولا بأول ، بل وربما وجدته يحمل فوق كل ذلك هموم ومشاكل غيره . وهو بعد لم يفكك مشاكله ويفرغ ذهنه مما فيه.

لماذا صار المرء منا يعبئ هذا الذهن بكل صغيرة وكبيرة وكل شاردة وواردة ، ولا يقوم بإفراغها بشكل دوري ومستمر؟ لماذا لا ندرك أن ما نقوم به غير صحي بل ضار ومؤثر سلبا على قلوبنا وعقولنا ؟ لماذا نستمر في هذا ونحن ندرك تمام الإدراك خطأ ما نقوم به ؟ هل تحولت حياتنا إلى هذا الحد من الانشغال المستمر الذي يجعلنا لا ندري ما نقوم به أو ما نريد القيام به. لا أدري ، ولكن ربما نجد الإجابة معا ..