صحافة

الحياة الجديدة: وسط طبول الحرب تزداد أهمية ثوابتنا

24 مايو 2019
24 مايو 2019

في زاوية مقالات كتب يحيى رباح مقالا بعنوان: وسط طبول الحرب تزداد أهمية ثوابتنا، جاء فيه:

طبول الحرب في المنطقة يكاد صوتها يصم الآذان، الكل يقول إنه لا يريد الحرب وفي هذا الجو فإنه يبدو دقيق الكلام الذي قاله قبل أيام وزير الخارجية البريطاني: إن الحرب يمكن أن تقع صدفة ونتيجة التداعيات، وليس نتيجة قرارات مسبقة، والمنطقة تستعد في الأيام المقبلة لعقد ثلاث قمم في المملكة العربية السعودية، واحدة منها عادية وهي القمة الإسلامية، ولكن لا شيء يبقى عاديا في وقت غير عادي، أما القمتان الثانية والثالثة فهما طارئتان؛ بسبب سرعة التصاعد في الأحداث التي أعقبت الاعتداءات الآثمة والمدانة بقوة التي حدثت مؤخرا في المنطقة، والتعرض عبر طائرات دون طيار متفجرة ثم توجيهها ضد محطات ضخ البترول في السعودية، والقمتان اللتان ستنعقدان مع القمة الثالثة، واحدة خليجية وأخرى عربية، والمطلوب توحيد المواقف، ولكن كيف؟ ما هو إقليمي يصعد ليصبح دوليا، وما هو دولي يتفرع ليصبح إقليميا، والمنطقة العربية تستخدم منذ فترة طويلة لتكون هي الملعب الذي تجري فيه هذه الألعاب النارية الخطيرة.

عنصر الخطر الذي يستوجب مزيدا من التدقيق، أن طبول الحرب التي تعلو في المنطقة، سبقها حدثان مهمان جدا، أولهما الثرثرة المبالغ فيها من قبل أمريكا ترامب وإسرائيل نتانياهو عن صفقة القرن، وما أدراك ما صفقة القرن، لم يتم الإعلان عنها رسميا حتى الآن، ولكن الثرثرة عنها أعلى من صوت طبول الحرب، وما سبقها من خطوات هي خطوات بمثابة حكم إعدام لإسرائيل من قبل الرئيس الأمريكي بلا أدنى تفسير سوى، وأنه يريد أن يبدو مختلفا، ويريد أن يبقى في البيت الأبيض لدورة ثانية، لأنه متأكد مائة في المائة أنه إذا غادر موقعه في البيت الأبيض فسيقضي بقية عمره متنقلا من محكمة إلى أخرى في أمريكا؛ لكثرة الاتهامات الموجهة إليه، متعلقة بالذمة المالية، والأكاذيب، وإسكات صوت النساء المشتكيات عليه، وعمليات عرقلة القانون، وسلسلة طويلة من الاتهامات لا تكاد تنتهي، ما يجعله يتحالف مع نتانياهو، ويقدم له هدية سامة، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة بعد إعلانه إهداء القدس إلى إسرائيل، وإلغاء القنصلية الأمريكية في القدس وضمها إلى السفارة، وبقية مفردات الحرب التي أعلنها ضد الشعب الفلسطيني، لاعتقاده أن نتانياهو سيساعده على البقاء رئيسا، مثلما أن نتانياهو الذي نجح في الانتخابات الأخيرة يحاول منذ فترة طويلة النجاح في تشكيل الحكومة، ولم يستطع حتى الآن، ومدد له الرئيس الإسرائيلي خمسة عشر يوما إضافية مضافة إلى المدة الدستورية، ولكنه لم ينجح في تشكيل الحكومة فهو لا يقتصر همه على تشكيل الحكومة فقط، وإنما يريد ائتلافا يساعده على إقرار قانون جديد للحصانة، حتى لا يتعرض نتانياهو إلى المساءلة التي من المؤكد أن تذهب به إلى السجن.

بعد مرور سنة على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يبدو المشهد أكثر تعقيدا، فالعالم كله رفض هذا القرار، برغم أن الإدارة الأمريكية وترامب على رأسها عملت بمستوى السمسرة؛ لكي تلحق بها دول أخرى ولكن لا فائدة، والذين نقلوا سفاراتهم ليسوا من ذوي الوزن، فالخطوة الأمريكية صحيح أنها تضر بفلسطين وشعبها، وتضر بحل الدولتين ولكنها تضر بمصالح العالم، الذي يحاول ترامب تجاهله لكنه ما زال غارزا في أوحاله المتراكمة، ونتانياهو غارز في أوحال أخطر، برغم ما أشاعه الاثنان أنهما يتوقعان مكاسب جديدة، وتطبيعا واسعا بلا ثمن، لكنها مجرد أوهام، والأوهام سريعة السقوط.

في مثل هذه الحالة يتوجب علينا فلسطينيًا تغطية الحفرة وامتلاك الأهلية؛ لكي نتقدم أكثر في تكريس ثوابتنا، وهذه الثوابت لا تخص طرفا دون الآخر، بل إن ثوابتنا هي مصدر حياة وقوة لنا جميعا، وأولهما؛ كما قال صديقي العزيز عبد المجيد سويلم في مقالة له في جريدة الأيام: المنظمة- منظمة التحرير- هي بيتنا الوطني نحن جميعا بكل عناد الأيديولوجية، والسياسية أصحاب هذا البيت الوطني، ومهمتنا مضاعفة جهودنا للحفاظ عليه، وأية ادعاءات أخرى لا يمكن أن تكون صادقة أو مبررة أو مفيدة، لا نريد وسط طبول الحرب عرض بيتنا الوطني للسجالات السقيمة، والمزايدات الرخيصة للبخور المقدس الذي سيحترق في رقصات الجنون، يبدو هذا كلاما مملا ومكررا من كثرة ما رددناه، ولكن وحدتنا ضرورة حياة، هل يفهم الذين في آذانهم صمم؟.